مؤلفاته / السياسة الخارجية / أذربيجان - أوربا

من كلمة ألقاها الرئيس الأذربيجاني حيدر علييف في لقائه مع وفد مجموعة الصداقة البرلمانية البلجيكية الأذربيجانية بالبرلمان البلجيكي - ٢٤ نوفمبر عام ٢٠١١


حيدر علييف: الضيوف الكرام، أصدقاءنا البلجيكيين. أهلا وسهلا بكم في أذربيجان. إن زيارتكم هذه إلى أذربيجان خطوة جديدة في مجال تطوير العلاقات بين بلجيكا وأذربيجان. أوهذا يسرني كثيرا. أعلم أنكم أجريتم العديد من اللقاءات. ويطيب لي أنكم التقيتم هنا في أذربيجان مع العديد من الوزراء والنازحين الذين تم تشريدهم نتيجة النزاع القائم بين أرمينيا وأذربيجان والمعارك الدائرة فيه. وهذه أهمية بالغة جدا.

ومن الطبيعي أنكم أجريتم لقاءات في البرلمان الأذربيجاني. لكني أعتبر بالغة الأهمية لقاءاتكم مع العديد من الوزراء. لعلكم أخذتم انطباعات معينة حول مستجدات أذربيجان وحقائقها. آمل في أنكم ستبلغون انطباعاتكم هذه البرلمان والرأي العام في بلجيكا فسيعرف الناس فيها أذربيجان معرفة أكثر.

تفضلوا، أستمع إليكم.

مريم قاجار (رئيسة مجموعة الصداقة البرلمانية البلجيكية الأذربيجانية): فخامة الرئيس، أشكرك على هذا الاستقبال. وهذا اللقاء يعقد بين مجموعات الصداقة البرلمانية البلجيكية الأذربيجانية. تضم مجموعة الصداقة البرلمانية البلجيكية الأذربيجانية  ١٧ نائبا.

فخامة الرئيس، كما تعرفون، يضم البرلمان البلجيكي ٢٢١ نائبا منهم ١٧ نائبا ينضمون الى مجموعة الصداقة البلجيكية البرلمانية. اعتقد أن أذربيجان بلد مهم جدا بالنسبة لبلجيكا، ولأوربا بشكل عام. إن موقع أذربيجان الجيوسياسي وكونها ملتقى الثقافات والحضارات، أعتقد، يزيد من أهمية هذا البلد. كذلك أذربيجان بوابة أوربا إلى آسيا.

فخامة الرئيس، كما تعلمون، قد التقينا خلال فترة زيارتنا الحالية مع النازحين والمشرَّدين داخل البلد. بالتأكيد، فإن حالاتهم حرجة جدا. إن احتلال أراضي قراباغ الجبلية (ناغورني كاراباخ) من قبل المحتلين الأرمن أمر حرج أيضا. نثق في أن المجتمع الدولي سيكثف مساعيه وستجد هذه المسألة حلها.

لكن أريد أن أعيد إلى أذهانكم في الوقت ذاته أن العلاقات الشخصية أيضا تلعب دورا كبيرا في تسوية مثل هذه النزاعات. ويطيب لنا كثيرا أنكم تجرون حاليا لقاءات ثنائية مع الرئيس الأرميني. أحيانا تساوي مثل هذه اللقاءات غير الرسمية لعمل العديد من المؤتمرات واجتماعات القمة.

فخامة الرئيس، فإن أحد اهداف مهمتنا هو اللقاء مع ممثلي فئات المجتمع المختلفة الى جانب أعضاء البرلمان. ويمكن تسمية مهمتنا بالمهمة الدبلوماسية البرلمانية أيضا.

كما نقوم بدور الدبلوماسية الشعبية وهدفنا الرئيسي هو إحاطتكم علما ببلدنا الى جانب تزويد مجتمعنا بمعلومات عن بلدكم.

فخامة الرئيس، أعرب عن امتناني لكم مرة أخرى على هذا الاستقبال رغم ضيق وقتكم. وأريد أن أعيد إلى أذهانكم أن السفير الأذربيجاني لدى بلجيكا ساعدنا في هذه الزيارة. وتمت زيارتنا هذه بفضل دعمه.

حيدر علييف: أشكركم، أنا متفق تمام الاتفاق مع أفكاركم وملاحظاتكم. قلتم أنكم تريدون التعرف على أذربيجان خلال زيارتكم هذه. كما قلتم آراءكم حول أهمية أذربيجان في هذه المنطقة من حيث موقعها الجيوستراتيجي وغيره من المجالات. مع الأسف أن بعض البلدان الأوربية ما كانت تعرف هذا أو ما كانت تهتم به حتى الأزمنة الأخيرة. لكن كل الكلمات والآراء التي قلتموها حول أهمية أذربيجان على الصعيد الدولي حول موقع أذربيجان في ملتقى الثقافات، حقيقية. وينبغي نشر هذه الحقيقة ليعرفها الجميع. وهذا قد يجعل أذربيجان محطة الاهتمام، ويزيد من رغبة البلدان في إقامة علاقات مع أذربيجان.

زرتم لتتعرفوا على أذربيجان كما نتعرف عن كثب على بلجيكا. بلجيكا بلد شهير جدا يقع في قلب أوربا. لها مزاياها. يعيش في بلدكم ممثلو عدة قوميات. لهم برلمانات خاصة وكما أنهم يجتمعون تحت سقف برلمان بلد موحد. ولا يوجد أي تناقض. ويستعمل هناك لغة كل قومية. ولا مانع لهذا. وينمو الاقتصاد والثقافة. وليس من باب الصدفة أن أمانتي المنظمتين الأوربيتين المهمتين الناتو والاتحاد الأوربي تتخذان بلجيكا مقرا لهما.

وزرت بلدكم عدة مرات. وزار رئيس وزرائكم السابق أذربيجان تلبية لدعوتي أنا. ولا أعرف ماذا يشتغل به حاليا.

مريم قاجار: تقصدون بالسيد ديها.

حيدر علييف: نعم، نعم.

كلما زرت بروكلسل التقيت مع رئيس الوزراء. لكن زياراتي هذه الى بلجيكا لم تكن رسمية، بل كانت مرتبطة بالناتو أو الاتحاد الأوربي. إنه قام بزيارة رسمية الى أذربيجان تلبية لدعوتي. كما دعاني عدة مرات للقيام بزيارة رسمية. مع الأسف لم أتمكن من الزيارة. فهذا يعني أن بين قادة كلا البلدين علاقات حسنة. لكن يجب إقامة هذه العلاقات بين الشعبين أيضا. كما تحدثتم هنا عن الدبلوماسية الشعبية. وهذا أمر طبيعي، ومن المسائل المهمة.

لاحظت أنكم على علم بالنزاع القائم بين أرمينيا وأذربيجان وآخر تطورات الأوضاع في هذا المجال. كما تعلمون عن لقاءاتي المباشرة مع الرئيس الأرميني كوتشاريان. تثقون في أنها قد تؤدي إلى التوصل إلى نتائج أحسن. وأنا أيضا أعتقد هكذا. إن لم أعتقد هذا لما اتفقت على الاجتماع المباشر.

لكن، مع الأسف، اللقاءات الجارية سواء بين الرؤساء المشاركين في مجموعة منسك المنبثقة عن منظمة الأمن والتعاون الأوربي (روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا) أو بين كلا الرئيسين لم تؤت بثمار مرغوب فيها بعد.

إنكم تعيشون في بلد سعيد. لأن مستوى المعيشة فيه رفيع ويتمتع الناس بالرفاه. لا توجد حروب ونزاعات. أعتقد أن عدد سكانه نحو ١٠ ملايين نسمة. وليس عدد سكان بلدنا أيضا قليل ويبلغ ۸ ملايين نسمة بينما مشاكلنا كثيرة.

بالتأكيد، لا يمكننا الادعاء أن نبلغ مبلغ بلجيكا حاليا. ولم ترتق بلجيكا الى هذا المستوى في يوم وشهر وعام واحد. لهذا البلد تقاليد تاريخية عميقة. خاصة شهدت بعد الحرب العالمية الثانية تغيرات إيجابية كثيرة. لكننا حصلنا على استقلالنا قبل ١٠ اعوام فقط. حتى في فترة استقلالنا كنا في حالة الحرب مع أرمينيا. وكانت الأوضاع الاجتماعية السياسية الداخلية متوترة. وكنا في حاجة إلى إعادة بناء هذا النظام الاقتصادي السياسي والمسائل الاجتماعية التي تتمتعون بها منذ عشرات ومئات السنين. لأننا عشنا في البلد السوفييتي الاشتراكي لمدة ٧٠ عاما. كما تعلمون أن كل القواعد والقوانين التي كانت سارية في ذلك البلد كانت تختلف عن القوانين السارية في بلدكم.

بعد الحصول على استقلالنا وإقامة دولتنا المستقلة أعلنا وهذا وجد عكسه في دستورنا أننا نأخذ طريق الديمقراطية واقتصاد السوق. والتعدد السياسي وحرية الاعتقاد واللغات وغيرها كمن الحريات ل هذا موجود في دستورنا. لكن لا يمكن تحقيق كل هذا والارتقاء الى مستواكم في يوم أو عام أو حتى ١٠ أعوام. لكن مع الأسف، يعتقد بعض الناس في البلدان الأوربية أن الديمقراطية يجب أن تكون كما كانت في بلجيكا ولوكسمبورج أو ألمانيا وفرنسا. بالتأكيد أن هذا خطأ. كما تصر بعض القوى المعارضة الموجودة في بلدنا التي لا تفهم شيئا عن الديمقراطية على ضرورة تطبيق الديمقراطية البلجيكية فينا أيضا. أو ينبغي تطبيق الديمقراطية الأمريكية في بلدنا. وارتقت الولايات المتحدة الأمريكية الى هذا المستوى من الديموقراطية بعد مرور ٢٠٠ عام من التغيرات. ولا يمكننا ان نتجاوز خلال ١٠ أعوام الطريق الذي اجتازته الولايات المتحدة الأمريكية خلال ٢٠٠ عام. خاصة لأننا نعاني من القضايا الخارجية والداخلية على السواء.

وللتقدم في هذه الأمور يجب تكثيف علاقات تعاون مع بلدكم بلجيكا والبلدان الأوربية الأخرى. كما تعلمون أننا انضممنا في بداية هذا العام الى المجلس الأوربي. وهذا أمر جيد. صحيح أننا اجتزنا امتحانا مهما. وكان الامتحان صعبا. إذ طرحت أمامنا شروط صعبة. قد اجتزنا الامتحان ونفذنا كل الشروط. أعتقد أن هذا أيضا يهيئ مناخا حسنا لتطورنا وتعزيز الديمقراطية في المستقبل.

قصارى القول، لا يجب ضياع الوقت لذلك، كما تعلمون بشكل حسن ونعلم أيضا أن مثل هذه العلاقات، مثلا، زيارتكم من بلجيكا إلى أذربيجان، كذلك زيارة أعضاء البرلمان الأذربيجاني اليكم في المستقبل تساهم عن كثب في زيادة التقارب بين بلدينا ولاسيما تطوير أذربيجان.

قلتم إن ١٧ نائبا من أصل ٢٠٠ نائب يشاركون ضمن مجموعة الصداقة البلجيكية الأذربيجانية. إنهم أصدقاؤنا الصدوقون. وعلينا أن نستفيد من ذلك.

وأشكركم مرة أخرى على زيارتكم هذه. وأثق في أنها حدث مهم للغاية لتطوير العلاقات البلجيكية الأذربيجانية ليس فقط على مستوى البرلمانين فحسب بل في كافة المجالات الأخرى أيضا.

إنني أنهي كلمتي. لكني أريد أن أدقق. قلت عند اللقاء معي إنك تركية الأصل. ثم نظرت إلى اسمك واسم عائلتك. مريم قاجار. هل تعلمين من أين تنبع اسم أسرة قاجار؟

مريم قاجار: سمعت انه من قاراباغ، أذربيجان. أليس كذلك؟

حيدر علييف: أصله من قاراباغ. لكن سلالة القاجار والقاجاريين كانوا ملوكا في إيران خلال فترة طويلة. أغا محمد شاه قاجار...عندنا كتاب عن القاجاريين وآل قاجار. وينتمي بعض الناس في أذربيجان إلى هذه العائلة. أحدهم عضو حقيقي في الاكاديمية الوطنية الاذربيجانية. وقد ألف كتابا جميلا حول أعضاء عائلة القاجار. يحتوي الكتاب على بعض الصور أيضا. وصحيح أن أصلهم من قاراباغ. أحسنت، تعرف ذلك. لذلك عليك أن تبذل بكونك نائبة قصارى جهدك لتسوية نزاع قاراباغ الجبلية.

مريم قاجار: فخامة الرئيس، أبدي امتناني لكم على هذه المعلومات. وكلفتني بمهمة صعبة فيما يتعلق باسمي. أعتقد أن هذه المهمة ستكون أصعب. لكن في الوقت ذاته تغمرني مشاعر الافتخار أن أصلي ينتمي الى هذا البلد. لعل أصلي هو الذي يجعلني ألا أهمل هذه المسائل. أريد أن ألفت نظركم إلى أن كل الشعوب التركية لا تهمل هذه القضية وتشعر به بلوعة القلب. سأحاول أن أضطلع بهذه المهمة في المستقبل.

فخامة الرئيس، أريد أن ابلغكم أن بلجيكا أنشئت كبلد عام ١٨٣١. كما تعلمون أن هذه العملية مستمرة في بلجيكا منذ ما يقارب من ٢٠٠ عام. لكن بلدكم بلد ديمقراطي شاب. ولاجتياز عملية التنمية بأقصر وقت ممكن تحتاجون الى مساعدات البلدان الأجنبية. أعتقد أن خبراتها ستكون مهمة بالنسبة لكم. ولن ندخر أنا والسيدين اللذين يجلسان بجانبي جان ريمانس ولوي سيكيت جهودا في هذا المجال. نريد أن تعلمون من خبرتنا المتقدمة بينما نعلم ثقافتكم القديمة.

حيدر علييف: أنا متفق تمام الاتفاق بهذا الرأي.

(يوري رئيس الدولة للضيفة صورة من كتاب "القاجاريون" للأكاديمي جنكيز قاجار.)

وهذه صورة جدك الأكبر.

مريم قاجار: أشكركم جزيل الشكر. تشرفت به.

حيدر علييف: كتاب جميل. ترين أنهم أجدادك. يمكنك التعرف عن كثب مع الأكاديمي جنكيز قاجار إن وجدت وقتا. وهو الذي ألف هذا الكتاب. وأهدى إلي هذا الكتاب قبل شهر. وأهديه لك لتقرئي وتتعرفي مع مؤلف الكتاب.

مريم قاجار: يخيل لي أن جنكيز قاجار اتصل بي ويريد إهداء نسخة من كتابه لي. إن هذا نسخة للرئيس فاحتفظ عندكم. أحصل عليه من المؤلف ذاته.

حيدر علييف: إذن، تمكنت من اللقاء معه. كما أستعد أنا أيضا لإهداء الكتاب إليك.

مريم قاجار: وهذا شرف كبير بالنسبة لي.

تعليقات قصيرة

السياسة الخارجية

معلومات تأريخية عامة

أذربيجان - أوربا‏

معلومات تأريخية

أذربيجان - أوربا‏