مؤلفاته / الاقتصاد / منظمات اقتصادية دولية

من حديث حيدر علييف الرئيس الاذربيجاني عند لقائه مع ديفد اوين رئيس بعثة صندوق النقد الدولي الى اذربيجان - القصر الرئاسي ٤ ديسمبر عام ١٩٩٨


حيدر علييف: السيد المحترم اوين، الضيوف الكرام! اني ارحب بممثلي صندوق النقد الدولي، واقول لكم اهلا وسهلا بكم في اذربيجان!

ان التعاون القائم بين صندوق النقد الدولي واذربيجان يشكل جزءا كبيرا من الاعمال التي قمنا بها حتى الآن وكذلك سيتم اتخاذها في المستقبل في المجالين الاقتصادي والمالي. واعتقد ان التعاون القائم حتى الآن بين صندوق النقد الدولي واذربيجان ناجح وآمل في انه سيكون انجح في المستقبل. انكم تقومون دائما بتحليل وبحث مسائلنا المالية والاقتصادية وتعلنون آراء مستقلة دائما وتساعدوننا كثيرا باقتراحاتكم وتوصياتكم. واظن انكم قد قمتم باعمال معينة في هذا الصدد اثناء زيارتكم الحالية. لذلك فاني اريد الاستماع اليكم.

ديفد اوين: فخامة الرئيس، فاني اريد ان اعرب عن امتناني لكم على اللقاء اليوم. واريد ان أبدأ، ولو كنت متأخرا، لقاء اليوم بالتهانئ. واهنئكم، ولو متأخرا، بمناسبة انتخابكم رئيسا.

حيدر علييف: شكرا جزيلا لكم.

ديفد اوين: كما ذكرتم ان العلاقات بين صندوق النقد الدولي واذربيجان على المستوى الحسن. واود لو أذكر انها على المستوى الأعلى. وأثق في ان علاقاتنا بفضل زعامتكم بعد اعادة انتخابكم رئيسا ستزداد تحسنا وان الاصلاحات في مجال الاقتصاد الكلي والمجالات الاخرى لديكم سيتم تحقيقها باكثر سرعة. واريد ان ابلغكم وكذلك فريقكم الذي يعمل في المجال الاقتصادي التهانئ بمناسبة الاصلاحات في الاقتصاد الكلي في البلد.

ونشهد نموا اقتصاديا وان التضخم المالي في المستوى المقبول وعامة انكم توصلتم الى الانجازات في المجال الاقتصادي. سعر المنات مستقر. واستطعتم ان تعيدوا الوضع الاقتصادي الى نصابه في الجمهورية رغم الازمتين الخارجيتين اللتين حدثتا خارج ارادة اذربيجان. اما الازمة الثانية فانها حدثت في روسيا.

ولا يمكننا الا نقول ان هذه الازمات لم تترك اي تأثير. مع الاسف ان لها تأثيرا معينا. وهذه حالة لا مندوحة لها. لذلك فانها اثرت تاثيرا معينا في واردات الميزانية. من جهة اخرى، اثرت على التجارة الخارجية لان روسيا تستولي مكانا معينا في التجارة الخارجية.

لكن، في نفس الوقت، قارنت اذربيجان بالجمهوريات الاخرى التابعة للاتحاد السوفييتي السابق. ورأيت ان هذه الازمة لم تحدث بالفعل في اذربيجان بالمقارنة مع الجمهوريات الاخرى التابعة للاتحاد السوفييتي السابق. واستطاعت اذربيجان ان تصمد بالفعل للتحديات الناتجة عن هذه الازمة. ان القدرة على الصمود لهذه الضغوط وتخفيض الاستفادة من الموارد في عهد الازمة جعلت اذربيجان بالفعل من الجمهوريات ذات المؤشرات الاعلى على مستوى الاتحاد السوفييتي السابق. حاليا يمكن مقارنة اذربيجان بالجمهوريات المطلة على بحر بلطيق من حيث مؤشراتها.

حيدر علييف (قال للمترجم): انك ترجمت بشكل غير صحيح. كان من الواجب ان تترجم "من بين البلدان التابعة للاتحاد السوفييتي السابق، لا على مستوى الاتحاد السوفييتي.

ديفد اوين: بلغت نسبة سعر العملة الوطنية الى ٤٠ % من بين الجمهوريات الاخرى التابعة للاتحاد السوفييتي السابق باستثناء اذربيجان والجمهوريات المطلة على بحر بلطيق. اي انخفض سعر عملاتها الوطنية نحو ٤٠ بالمئة.

وهذا يدل على ان اذربيجان تحقق الاصلاحات في مجال الاقتصاد الكلي في حينها من جهة وتقوم بمراقبة الميزانية بشكل لازم.

واؤيد تماما الخطوات التي اتخذتموها في مجال تغيير النظام الهيكلي للبنوك واريد ان أشير الى التقدم الذي توصلتم اليه في هذا العمل. مؤخرا قرأت مرسومكم حول خصخصة البنك الدولي واننا نعتبر هذا امرا جيدا. واعتقد ان هذه خطوة ضرورية. في نفس الوقت، اريد ان أثق بان هذه خطوة اولى وليست اخيرة وعامة ستُتخذ الاعمال الاهم لتغيير نظام البنوك.

اما الآن فاسمحوا لي بان اتحدث عن زيارتي الحالية لاذربيجان. خلال هذه الزيارة قمنا بتعاون احسن مع زملائنا وجرى تبادل الآراء المفيدة بيننا. في نفس الوقت ناقشنا السياسة المالية المزمع تحقيقها في سنة ١٩٩٩ وتوصلنا الى بعض الاتفاقات في هذا الشأن. واريد ان أذكر اللقاءات على المستوى العالي في مجلس الوزراء ايضا. تبنينا اثناء هذه اللقاءات برنامجا للاصلاحات الهيكلية. واعتقد انكم ستتوصلون الى انجازات أعلى من المؤشرات الاقتصادية التي احرزتموها في السنوات الماضية من خلال انتهاج مثل هذه السياسة.

حيدر علييف: اني اعرب عن امتناني وشكري لكم. وتسرني جدا الافكار التي قلتموها حول الوضع الاقتصادي المالي لاذربيجان ورأي صندوق النقد الدولي.

من المعلوم ان اذربيجان تواجه نفس المشاكل والصعوبات الى جانب البلدان الاخرى التابعة للاتحاد السوفييتي السابق والتي اصبحت دولة مستقلة. وحتى مشاكلنا اكثر من مشاكل عدد كثير من البلدان الاعضاء في رابطة الدول المستقلة. قبل كل شيء اقصد بها احتلال جزء من الاراضي الاذربيجانية نتيجة العدوان الارمني وعيش نحو مليون اذربيجاني تم تشريدهم من الاراضي المحتلة في حالة اللاجئ والمشرد في المخيمات في ظروف شاقة.

مع هذا، ثمة قرار يتميز بالمحاباة ضد اذربيجان الذي اصدره الكونغرس الامريكي - التعديل برقم ٩٠٧. منذ ٦ سنوات فان اذربيجان محرومة من المعونات المالية التي تقدمها الولايات المتحدة الامريكية للدول المستقلة الحالية التي تبعت الاتحاد السوفييتي في السابق. كما تعلمون ان جارتينا ارمينيا وجورجيا تحصلان على المعونات المالية مباشرة بحجم اكثر من ١٠٠ مليون دولار سنويا من يد الحكومة الامريكية. ان الولايات المتحدة الامريكية تقدم المعونات الى البلدان الاخرى ايضا. لكن اذربيجان محرومة من هذه المساعدة ايضا. ولكل هذا اقول باننا في وضع اصعب من الجمهوريات الاخرى الاعضاء في رابطة الدول المستقلة من حيث وضعنا المالي الاقتصادي.

في هذه الحالة فان الوضع الراهن للاقتصاد الاذربيجاني وآراءكم الشخصية وآراء وآفكار صندوق النقد الدولي حوله وهو مركز مالي كبير للعالم تدل، بلا شك، على النتيجة الواضحة للاعمال التي اتخذناها. وتظهر انه يمكن التوصل الى انجازات في الاقتصاد رغم الصعوبات في تحقيق الاصلاحات الاقتصادية بشكل متواصل. اما نحن فاننا، اقول، سنواصل تنفيذ الاصلاحات الاقتصادية منذ الحين كما كان حتى الآن. كما ذكرت في بداية اللقاء اننا نعتمد في هذه المسائل سواء على التوصيات او المساعدات المالية لصندوق النقد الدولي. لذا فاني اقول مرة اخرى ان تعاوننا كان ناجحا. وابدي مرة اخرى احترام وشكر الدولة الاذربيجانية لصندوق النقد الدولي.

واشكره على المساعدات التي تم تقديمها حتى الآن الى اذربيجان وتعاونه المثمر معنا. أؤكدكم على اننا سنستمر في هذا التعاون. اولا، لاننا نرى نتيجته الايجابية. في نفس الوقت فان هذا ليس امرا مفروضا علينا من الخارج. اننا، اي الدولة الاذربيجانية، اتخذنا تحقيق الاصلاحات الاقتصادية اتجاها استراتيجيا لسياستنا الاقتصادية. بالبساطة ، تتطابق آراؤنا في هذا المجال ولا توجد اية تناقضات في مواقفنا تجاه المسائل في هذا الصدد. بالعكس، اننا نقوم بتعاون حسن وانكم ايضا تسعون الى تقديم مساعدات اكثر الينا منطلقين من تعاوننا الناجح.

وتسرني الآراء التي قلتموها فيما يتعلق بمرسومي حول خصخصة البنك الدولي. كذلك اقبل توصياتكم الداعية الى انه علينا ان نحقق التغيرات المناسبة الخطيرة في البنوك الاخرى عامة. اي اننا نقبل تماما توصياتكم المتعلقة بمجال النظام المصرفي وسنحققها معكم.

عامة، سنواصل تحقيق برنامج الخصخصة منذ الحين ايضا. رغم ان الخصخصة خلقت لنا عددا كثيرا من المشاكل الى جانب النتائج الايجابية لكننا، اظن، سنتوصل معا الى حل هذه المشاكل.

واعلنتم آراءكم حول تأثير الازمة المالية التي عمت روسيا على البلدان الاخرى. انتم على المام بان عائدات النفط تشكل جزءا كبيرا في الاقتصاد الاذربيجاني. ان الانخفاض الشديد لسعر النفط يؤثر تأثيرا سلبيا جدا على اقتصادنا. ونحول دون هذه ايضا. لكن امامنا بعض الصعوبات ، كما تعلمون.

هذا فاننا نعلق أملا في التعاون معكم ومساعدتكم لازاحة هذه الصعوبات في سنة ١٩٩٩. يجري الآن اعداد ميزانية الدولة في اذربيجان. وقدمها مجلس الوزراء الي. واعتقد اننا سنحيلها الى البرلمان - المجلس الوطني بعد مناقشتها خلال هذا الشهر. اتمنى ان يتم تبني الميزانية حتى نهاية السنة.

لكن العاملين الذين تعلمونهما - الازمة المالية في روسيا وانخفاض اسعار النفط يخلقان صعوبات كبيرة سواء في صياغة ميزانية الدولة او تنفيذها في المستقبل. اننا نعلق أملا على مساعدتكم في هذا المجال ايضا.

كما تذكرون، تشكلت في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي قبل هذا بسنة او سنتين فكرة قائلة بانه قد بدأ في اذربيجان انتاج النفط بالتشارك مع الشركات الاجنبية وان المنتجات النفطية في اذربيجان تزداد وهذا يجعل اذربيجان غنية اقتصاديا ولذا يجب تخفيض حجم مساعدات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الى اذربيجان. لكن الوقت المحدد للتوقعات في هذا الصدد لم يتحدد صحيحا في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. كنا نقول لكم حينذاك وتشاهدون انتم الآن ان اذربيجان تحتاج الى مدة معينة لكسب الارباح الطائلة من الاعمال التي قامت بها اذربيجان مع الشركات الدولية. مع الاسف، لم تأخذوا بعين الاعتبار ولم تحسب هذا لا البنك الدولي ولا اللجنة الاقتصادية للاتحاد الاوربي ايضا. اما الآن فانكم تشاهدون اننا لم نتوصل بعد الى استخراج النفط في حجم كبير بالتعاون مع الشركات الاجنبية، بل وانخفض مرتين سعر النفط الذي استخرجناه. بل لعلكم لم تتوقعوا مثل هذه الحالة.

لكن خلافا منكم كنا نعلم بالضبط ان اذربيجان سوف لا تكسب ارباحا في السنوات المقبلة من المعاهدات التي وقعت عليها. كما تعلمون اننا بدأنا انتاج النفط من مكمن النفط "جيراق" الذي شاركنا في استغلالها مع الكونسورسيوم، لقد تم انتاج النفط بحجم مليونين طن وتصديره الى السوق العالمية. لكن ميزانية اذربيجان لم تكسب اي دخل من هذا. لانكم تعلمون ان الارباح المكتسبة يجب ان تغطي النفقات المصروفة وفقا لشروط المعاهدة.

وبهذه الافكار الخاطئة طلب منا الاتحاد الاوربي في السنة الماضية القرض الذي قدمه لنا في سنة ١٩٩٤، الذي لا نفهم هل يقدومنه لنا كقرض ام كمساعدة - واضطررنا ان نعيد ٥٧ مليون دولار الى الاتحاد الاوربي. ان جورجيا وارمينيا ايضا حصلتا على هذا القرض بقدر حصلنا عليه. لكنهما لم تعيدا هذه القروض. لانكم والاتحاد السوفييتي ايضا يعتبران ان جورجيا وارمينيا ليستا قادرتين على اعادة تلك القروض، لكن اذربيجان بلد النفط وهي قادرة على دفعها. لذلك فاننا اعدنا ٥٧ مليون دولار الى الاتحاد الاوربي.

وحلنا الآن دون تأثير الازمة التي عمت روسيا بامكانياتنا. لكنكم تقولون ان هذه الازمة أثرت على البلدان الاخرى سوى اذربيجان والبلدان المطلة على بحر بلطيق وظهرت لديها مشاكل مالية. يمكننا ان نتصور انكم ستبدأون من جديد تقديم المساعدات المالية الى هذه البلدان، لكنكم سوف لا تساعدون اذربيجان. ويمكن ان نستخلص من هنا النتيجة انه يجب عليك ان تعمل بشكل سيء للتوصل الى المساعدة الحسنة. لا يساعدون الشخص الذي يحسن العمل. فاني ارى ان صندوق النقد الدولي كيف يسعى الآن الى تقديم المساعدة الى روسيا وتجري كل يوم محادثات مع صندوق النقد الدولي. ولا شك في اننا لا نعترض لهذا. لكننا نريد مثل هذا الانتباه .

ولا شك في انني لا انكر بهذه الكلمات الانتباه والعناية التي حظينا بها حتى الآن ومساعدة صندوق النقد الدولي الى اذربيجان. بالعكس، اريد ان اعرب بهذا مرة اخرى عن اننا نتعاون معكم بشكل جدي، ونقدر نشاط صندوق النقد الدولي تقديرا عاليا. ونعتقد ان لصندوق انقد الدولي خدمات كبيرة في معالجة المشاكل المالية في العالم عامة. ونأمل في ان تعاوننا سيكون ناجحا جدا في المستقبل.

"حيدر علييف: استقلالنا ابدي" (كلمات وخطابات وتصريحات وأحاديث صحفية وكتابات ونداءات ومراسيم) - دار الطباعة الاذربيجانية، باكو، المجلد الـ١٨، ص. ٣١٧

معلومات تأريخية عامة

منظمات اقتصادية دولية