مؤلفاته / إستراتيجية النفط / "معاهدة القرن"

خطاب حيدر علييف رئيس جمهورية أذربيجان في أول جلسة للجنة العليا في "اتفاقية العصر"، المنعقدة في متحف التاريخ الأذربيجاني بـ ٢٤ يناير ١٩٩٤


scotch egg
scotch egg
scotch egg
temp-thumb
temp-thumb
temp-thumb

السيدات والسادة الكرام!

الضيوف المحترمون!

يبدأ اليوم تطبيق عملي لتنفيذ اتفاقية القرن العظيمة - اتفاقية النفط التي تم التوقيع عليها بعد إعدادها خلال عدة سنين. نستطيع أن نقول مرة اخرى بحزم إن إجراء محادثات واتخاذ اجراءات تمهيدية للتوقيع على هذه الاتفاقية والأوضاع عند إبرامها لم تكن سهلة. هذا الحدث التاريخي محصلة العمل والكدح العظيم بالإضافة إلى الجهود المصرة إلى تحقيقه.

أذربيجان بلد النفط. كان يسمون بلدنا ووطننا بـ "موطن النيران"، ونعتذ بهذه التسمية. من البديهي أنه قد بدأ عندنا ربما لأول مرة في العالم استخراج النفط إبتداء من النصف الثاني من القرن التاسع عشر. إن صناعة النفط الأذربيجانية لها تاريخ كبير. حيث أنها اجتازت مراحل كثيرة مهمة. بدأت الشركات البترولية للبلدان الغربية تعمل هنا وقامت بأعمال مشتركة في مجال استخراج وإنتاج النفط حين انسل البترول يستخرج بالطريقة الصناعية. فيما بعدُ أوقف نشاط هذه الشركات في أذربيجان وتم تأميم صناعة النفط من قبل الدولة السوفييتية واستعمل النفط المستخرج لتلبية احتياجات الاتحاد السوفييتي طوال السنين.

حصل شعبنا على استقلاله وحريته الوطنية. أصبح الشعب الأذربيجاني، دولة أذربيجان صاحب خيراته. أتاح كل هذا لدولة أذربيجان المستقلة إمكانيات لاستغلال حقولها النفطية على ما يحلو لها وبشكل حر. من المعلوم أن عمال النفط الأذربيجانيين لهم خبرة وقدرة كبيرة في القيام بالنشاط العلمي والفني من جهة، والعملي من جهة أخرى في مجال استخراج النفط.

يعود فضل استخراج النفط في بحر قزوين خلال ما يزيد عن ٤٥ سنة إلى العمل الدؤوب والنشاط الكبير للعلماء والمهندسين والجيولوجيين وعمال النفط وأسطوات. طوّح كل هذا بأسس ملائمة جدا لتستغل دولة أذربيجان المستقلة ثرواتها، بما فيها ثروتها الغنية - حقولها النفطية. من الضروري أن نتعاون في المرحلة الراهنة مع شركات البترول العالمية ذات الخبرة والقدرة الكبيرة في مجال الاستغلال المثمر لحقول البترول هذه. فنتيجة هذا أجريت خلال ما يزيد عن ٣ اعوام محادثات حول استغلال حقول النفط الموجودة في قسم خاص بأذربيجان من بحر قزوين بمساهمة شركات البترول العملاقة للبلدان الاجنبية. عليّ أن أذكر بمشاعر الامتنان الكبير أن هذه المحادثات تكللت بنجاح رغم صعوبتها وأبرمت اتفاقية كبيرة للنفط في الاستغلال المشترك لحقول النفط.

أما المحادثات التي اجريت خلال فترة ما يزيد عن ٣ سنوات مع شركات البترول العملاقة للعالم حول استغلال حقول النفط فكانت دائما في دائرة انتباه المجتمع الاذربيجاني من جهة، والمجتمع الدولي من جهة أخرى. أبديَ اهتمام كبير جدا لإجراء المحاداثات وإعداد هذه الاتفاقية. علّق المجتمع الأذربيجاني، والشعب آمالا كبيرة على نتائج هذه المحادثات، وإعداد وإبرام المعاهدة. ظهرت من بين بعض الدوائر للمجتمع الدولي قوى كانت تغار غيرة شديدة على هذا العمل وتعارضه، كما ظهرت قوى قوية جدا كانت تعرقل إعداد وتوقيع هذه الاتفاقية من خلال الاتجاهات الشتى. لكن عزمة دولة جمهورية أذربيجان المستقلة وتعاوننا القائم على أسس سليمة مع شركات البترول للبلدان الأجنبية آلت إلى إزالة كل هذه العوائق في نهاية المطاف، و في ٢٠ سبتمبر عام ١٩٩٤ تم التوقيع على اتفاقية النفط. إثر إبرامها بدأت الجهود والمهاجمات لانتهاك هذا المستند من قبل دوائر مختلفة للبلدان الأجنبية. كل هذا معلوم. حلنا دون كلها. إنني كنت على يقين عند إعداد الاتفاقية من أننا سنستطيع الحد من كل هذه العوائق والمهاجمات والمضايقات بعزمتنا والرد عليها ردا يستحقها. ولقد فعلنا هذا. الآن الاتفاقية في حيز التنفيذ وسجلت في التاريخ والضمائر كاتفاقية العصر.

إن الاتفاقية المُوقَّع عليها قد نوقشت في البرلمان الأذربيجاني وقبلت من قبل المجلس الوطني. إنني وقَّعت على قانون خاص حول تصديق هذه الاتفاقية في ٢ ديسمبر عام ١٩٩٤. فتشكلت مسوغات سياسية واقتصادية وحقوقية لتطبيق الاتفاقية عمليا. لقد حان الحين للعمل. أريد أن أبدي اطمئناني اليوم مقدرا عاليا لجميع الأعمال المتخذة سابقا أن هذه الاتفاقية لا بد من الإسراع في تنفيذها. لأجل هذا تأسست فرق عمل خاصة ولجنة عليا للاتفاقية واتخذت إجراءات تنفيذية أخرى لإجراء الأعمال. أقدر كل هذا وأهنئكم وجميع الناس الذين سيعملون من اليوم وصاعدا في مجال الاتفاقية بمناسبة بداية الأداء العملي.

وجدير بالذكر أن عملية إعداد الاتفاقية اجتازت طرقا صعبة ومعقدة، لكن تحقيقها سيكون أصعب منها. أمامنا أعمال كثيرة ومهمة جدا. إنني موقن بأن ممثلي ورؤساء الشركات المساهمة في الاتفاقية سيضمنون بدون التأجيل معالجة هذه المسائل بشكل متتال ومستمر بالتعاون مع شركة البترول الحكومية الأذربيجانية.

ستكون الاتفاقية في حيز التنفيذ لمدة ٣٠ سنة. لا شك في أن السنوات الأولى ستكون صعبة وشاقة. يهتم الطرف الأذربيجاني وأهتم أنا شخصيا كرئيس الجمهورية بالعمل في السنوات الأولى خاصة. أعتبر أن البرنامج المزمع تنفيذه في السنوات الأولى يجب أن يحقق قبل موعده. إنكم اليوم هنا ستحددون برنامج وميزانية خاصة بعام ١٩٩٥ وستناقشون الأعمال القادمة وتصدرون قرارات حولها. أتمنى أن تكون الأعمال المخطط تنفيذها في السنة الأولى - عام ١٩٩٥ في أعلى مستوى وأن تتخذ إجراءات لازمة لتحقيقها بشكل متتال يوميا وشهريا. كما تعلمون أن المناقشات حول هذه الاتفاقية تدور الآن في مختلف الأوساط وفي الصحافة والبلدان الشتى. بينما تتطاير الأفكار مفادها أنه رغم إبرام الاتفاقية لن تميل الشركات الغربية إلى تطبيقها.

يقول البعض إن تطبيق الاتفاقية خلال سنوات ١٩٩٥- ١٩٩٨ لا يأتي بأرباح إلى حد ما للاقتصاد الأذربيجاني. رغم أن هذه القوى لم تتمكن من عرقلة إبرام الاتفاقية ستحاول توجيه ضربات متنوعة ضد تحقيقها. أعتقد أن شركات البترول الغربية ورؤساء شركات البترول المنضمة إلى مجموعة الشركات سيستفرغون مجهوداتهم في سبيل الرد على كل الأكاذيب والافتراءات وجميع القوى المعارضة لهذه المعاهدة. انطلاقا من هذا أرجوكم أن تنفذوا برنامج السنوات الأولى، برنامج السنوات الثلاث والأربع القادمة بشكل أدق، وأن تتخذوا تدابير لازمة لتطبيقه أسرع مما يزمع تنفيذه من الوقت.

على عاتق شركة البترول الحكومية الأذربيجانية وعمال النفط وعلمائنا مهمات كبيرة وشريفة لإجراء هذه الاتفاقية. أبدي اطمئناني بأن عمال النفط الأذربيجانيين، والمسؤولين في شركة البترول الحكومية وعلماءنا وجميع الأطراف المعنية بتنفيذ هذا المستند سيدركون فيما أدركوا مدى أهمية الاتفاقية لحاضر ومستقبل أذربيجان.

أريد اليوم أن أؤكد مرة أخرى بأننا فكرنا في حاضر ومستقبل أذربيجان حينما أعددنا هذه الاتفاقية ووقعنا عليها وإنني بكوني رئيسا أصدرتُ قانونا لدخولها حيز التنفيذ. ويجب أن يعرف الجميع أننا نريد تشغيل الاتفاقية بهذه الأمنيات والآمال. ويكسب تنفيذ الاتفاقية أهمية بالغة لقدرتها على تغيرات هائلة في السنوات المقبلة في اقتصاد جمهوريتنا المتأزم. إن تنفيذ الاتفاقية في الوقت نفسه يحمل منتهى الأهمية لآفاق التنمية المقبلة لأذربيجان. كنا نفكر في حياة أجيال قادمة لأذربيجان لما وقعنا على هذه الاتفاقية. ستؤثر الأعمال المتخذة في سبيل تنفيذ هذه الاتفاقية على مرافق أخرى لصناعة النفط بجمهورية أذربيجان. يوجد في أذربيجان في جوف أرضها احتياطات هائلة لم تستغل بعد من خيراتنا من الغاز والنفط. كذلك توجد هنا حقول النفط والغاز الأخرى الغنية المستكشفة في قسم خاص بأذربيجان من بحر قزوين من قبل علمائنا وجيولوجيينا. إننا سنتخذ إجراءات لازمة لاستغلال تلك الحقول النفطية الموجودة في البر والبحر مكتسبين خبرة من خلال تنفيذ هذه الاتفاقية. إننا هم الآخرون مستعدون على التعاون مع شركات البترول للبلدان الأجنبية لمعالجة هذه المسائل.

من هذا المنظور ستنفع خبرة مكتسبة من تنفيذ الاتفاقية بشكل هام لأعمالنا في المستقبل. أعتقد أن شركات البترول المنضمة إلى مجموعة الشركات وشركة البترول الحكومية الأذربيجانية ستقوم بأعمالها بصورة حسنة معتمدة على هذه الآفاق.

أهنئ من صميم القلب الممثلين المشاركين هنا من شركات البترول للبلدان الأجنبية الداخلة إلى مجموعة الشركات. أؤكد لهم أن تنفيذ هذه الاتفاقية سيكون تحت مراقبة من قبل الدولة ومن قبلي كرئيس أذربيجان من جهة وستتخذ تدابير لازمة لإجراء هذه الأعمال في موعدها من جهة أخرى.

أهنئ شركة البترول الحكومية الأذربيجانية ورئاستها وعمال النفط وشعبنا بمناسبة دخول الاتفاقية حيز التطبيق العملي.

السيدات والسادة الكرام!

الضيوف المحترمون!

أتمنى لكم التوفيق في هذا العمل المهم. الله يبارك فيكم! 

معلومات تأريخية عامة

إستراتيجية النفط