مؤلفاته / إستراتيجية النفط / معارض

خطاب حيدر علييف رئيس الجمهورية الأذربيجانية في حفلة افتتاح المؤتمر والمعرض الدولي الثامن "بحر قزوين للبترول والغاز -٢٠٠١" في قصر المعارض والألعاب الرياضية بباكو - ٥ يونيو عام ٢٠٠١


scotch egg
scotch egg
scotch egg
scotch egg
temp-thumb
temp-thumb
temp-thumb
temp-thumb

المشاركون الكرام للمعرض والمؤتمر!

الضيوف والسيدات والسادة المحترمون!

أهنئكم من صميم القلب بمناسبة افتتاح معرض ومؤتمر "بحر قزوين للبترول والغاز" الدولي الثامن وأتمنى التوفيق لنشاط المعرض والمؤتمر.

منذ ۸ سنوات متتالية يعقد في أذربيجان المعرض والمؤتمر الدولي للبترول والغاز. إن التعرف بالمعرض، بالتأكيد، يوفر تبادل الخبرات بين الشركات العالمية العاملة في مجال صناعة النفط والغاز وتكون آراء مقدمة ومناقشات ومداولات تجري في المؤتمرات مفيدة لكل مشارك في المعرض وكل بلد يعمل في مجال صناعة النفط والغاز.

فليس من باب الصدفة عقد المعرض الدولي الثامن "بحر قزوين للبترول والغاز" في أذربيجان. من المعلوم أن أذربيجان بلد النفط منذ القدم. استخرج النفط لأول مرة في العالم بالطريقة الصناعية في أذربيجان، بباكو بالذات، أو قل، أرسى إنتاج الزيت الخام في باكو - أذربيجان أسسا لاستغلال هذه الثروة الطبيعية الأكثر ضرورية للبشرية. اجتازت أذربيجان طريقا مديدا في غضون هذه السنوات. فيما مضى في مجال إنتاج النفط بأذربيجان عمل كبار الملاك للعالم وجماعات أصبحت فيما بعد شركات نفطية. فلعب هذا، أعتقد، دوره المرموق في هذا المجال في العالم كله.

بادئا ذي بدء كان يستخرج النفط من البر في أذربيجان. إن تسمية أذربيجان "بموطن النيران (الشواظ)" ليست من الصدفة. أنا في غنى عن أن أدقق الآن أصل هذه الكلمة. لكن مؤرخينا يذهبون إلى أن أذربيجان أصبحت موطن النيران واشتهرت به طول تاريخها بفضل انبعاث الغاز فيها واختراقه عفويا على سطح الأرض في الأزمنة القديمة.

أتجاسر على القول اليوم مرة أخرى أن النفط الأذربيجاني أثر على تطور الصناعة في العالم، وإنشاء وتطور صناعة النفط في بلدان شتى خلال الأزمنة المنصرمة. لذا اعتزوا في أذربيجان دائما بصناعة النفط وعمال النفط والعلماء والمهندسين المختصين في هذا المجال. لأنهم قاموا بدراسة خيرات أذربيجان المخزونة بباطن الأرض واكتشفوا واستغلوا مكامن النفط الجديدة بصورة متتالية.

أرى هنا في مؤتمرنا هذا يشترك الباكوي الأذربيجاني نيكولاي بايباكوف وهو من قدامى عمال النفط. احتفلنا جميعا مؤخرا باليوبيل التسعين لنيكولاي بايباكوف. إن هذا الإنسان الذي يتجاوز سنه تسعين عاما وأحرز أعمالا كثيرة في أصعب مجال كمجال النفط مدى حياته جاء متمسكا بمهنته هذه يشترك معنا في المؤتمر للنفط والغاز بباكو على عتبة القرن الواحد والعشرين. يا لك من إنسان عظيم. فليس هذا بالأمر الهين.

نيكولاي كونستانتينوفيتس، أنا أرحب بك. أرسلت إليك برقية التهنئة بمناسبة اليوبيل التسعين لك. والآن انتهازا مني هذه الفرصة أهنئك مرة أخرى بمناسبة اليوبيل لك. أريد أن أهنئك مرة أخرى. إنني على يقين من أننا سنحتفل معك باليوبيل المائة لك.

شغل نيكولاي بايبكوف منصب وزير النفط لمدة ٤٠ سنة في الدولة العظمى كاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية. فيما بعد أصبح نائب رئيس الوزراء وأبلى بلاء حسنا فيه. لكن الأرجح أنه باكوي الأصل أي أحد منا، من وليد أذربيجان، من خريج معهد النفط الأذربيجاني. بدأ حياته الكبيرة والشريفة في أذربيجان في منطقة بالاخاني وصابونجو بالذات. واكتسب شهرته العالمية بعد هذا، أظن أن هذه الملاحظة الصغيرة تظهر مرة أخرى لجميع مشاركي المؤتمر والمعرض مدى دور أذربيجان المهم في مجال إنتاج النفط فيما مضى.

بالطبع، لا أزعم أن أذربيجان كانت دائما أكبر دولة من حيث حجم إنتاج النفط بين كل دول العالم. طبعا لا، لكن أذربيجان تعتز اليوم كثيرا بأن تاريخ إنتاج النفط وبداية جيولوجيا النفط بدأ فيها. بعد نيل أذربيجان استقلالها السياسي بدأت صفحات جديدة في حياتها. لا أريد أن أتطرق إلى الجوانب السياسية لهذه المسألة. من الطبيعي أن كل إنسان - أنا أقول هذا أمام مواطني الدول الكبيرة المختلفة للعالم المشتركة هنا - يرغب في العيش في بلد حر ومستقل. وكان الشعب الأذربيجاني أيضا يحلم أن يعيش في بلد حر ومستقل وديموقراطي وتوصل إلى استقلالها السياسي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي قبل ۱٠ سنوات. هذا حدث تاريخي بالنسبة للشعب الأذربيجاني وفي نفس الوقت هو بداية المرحلة الجديدة في مجال إنتاج النفط والغاز بأذربيجان. دخلنا هذه المرحلة في زمن صعب كان يتعين علينا فيه بوصفنا دولة مستقلة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي الذي كان يدير صناعة النفط والغاز قاطبة من مركز واحد وحيد ان نحقق إلى جانب الأعمال الاخرى انتاج النفط والغاز - أغنى ثروتين طبيعيتين لغأأذربيجان. أتجاسر اليوم على القول بأن أذربيجان كانت دائما في طليعة البلدان التابعة لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية السابقة في هذا المجال خلال ما مضى من سنوات. قد يكون في مكانه الذكر هنا أن أذربيجان كانت اول بلد في العالم استخرج النفط فيه بالطريقة الصناعية، كذلك هي أول بلد في العالم استخرج النفط من أعماق المياه وقاع البحر. بدأت هذه الأعمال في العشرينيات تقريبا. لكنها لم تحرز تقدما ملحوظا. سنة ۱۹٤٩ شرع الجيولوجيون وعمال النفط الاذربيجانيون في استخراج النفط من قاع البحر ومن أعماق المياه لأول مرة بعد أن ثبّتوا ابراج البترول في "نفط داشلاري" الاسطورية.

فتحتل أذربيجان أول مكان في هذا المجال أيضا. يدل كل هذا على أن أذربيجان تمتلك الخبرة المتقدمة والتاريخ الكبير والتقاليد العميقة في مجال النفط والغاز. لكن من الطبيعي أنه تم اكتشاف مكامن بترول هائلة في مناطق العالم المختلفة فيما بعد. فبلغ حجم استخراج النفط والغاز فيها ما يزيد بمرات كثيرة عما استخرج في أذربيجان. استحدثت التكنولوجيا. بمساعدة هذه التكنولوجيا زادت الانتاجية في مجال النفط والغاز.

على سبيل المثال، هذه السيدة الجميلة نائبة وزير صناعة النفط والطاقة للنرويج كانت تحكي لي أمس واليوم أن النرويج بلد جديد في صناعة النفط وتقوم بإنتاج النفط منذ ٣٠ سنة. هذه هي الحقيقة. وقدر لهم أن يكتشفوا مكامن النفط الوفيرة للغاية في بحر الشمال والأهم هو أنهم تسنى لهم إنتاج كمية كبيرة من النفط والغاز مستفيدين من التقنيات العصرية والتكنولوجيا المتقدمة المتاحة في العالم. تحول الآن بلد صغير كالنرويج إلى بلد كبير للنفط.

نفس المسألة كذلك في دول مختلفة للعالم. أقصد بكلامي هذا أنه الآن توجد في العالم مناطق غنية للغاية بمكامن البترول. والعالم في أمس الحاجة إلى النفط والغاز. يذهب الآن العلماء والخبراء إلى أنه يتزايد في العالم الطلب على النفط والغاز. لكن حجم إنتاج النفط والغاز قد لا يضمن توافر الكميات لإشباع هذا الطلب المتزايد عليهما.

ويظهر كل هذا أن اكتشاف مكامن جديدة من النفط والغاز في كل أنحاء العالم والاستفادة منها بشكل مثمر ضروريٌ ليس فقط لتلك المناطق، أو البلد، فحسب بل لكل العالم والبشرية أيضا.

قد أعدو الصواب إذا قلت هذا ولكن الاخصائيين هنا يصححونه. أعتبر أنه لا توجد ثروة أخرى أكثر ضرورية وقيمة كالنفط والغاز بين كل الثروات بباطن الأرض والخيرات الطبيعية بالنسبة للبشرية ولحياة الإنسان اليوم وفي المستقبل.

مثلا، يستعملون الآن بعض المواد المصنوعة كيميائيا بدلا من الحديد، أو المعادن الأخرى. لكن هذه المواد بنفسها من منتجات النفط والغاز. لم يكن إنتاج هذه المواد ليتحقق لولا موارد النفط والغاز. قد اكتشفوا الطاقة الذرية. لكن لا يصعب لأحد أن يعرف مدى خيرها وضررها. لذا يتزايد الطلب على الغاز والنفط في العالم مما يبرز ضرورة اكتشاف مكامن جديدة من النفط والغاز في هذه المناطق واستغلالها للبشرية ومستقبل العالم.

هذا طبيعي أننا كنا نفكر بادئا ذي بدء في أنفسنا، في بلدنا وشعبنا واقتصادنا بعد حصول أذربيجان على استقلالها السياسي. كنا نتطلع إلى رفاهية شعبنا. لذا وضعنا نصب أعيننا هدفا لاستغلال خيراتنا الوفيرة هذه استغلالا مثمرا أكثر مما كان في السنوات الماضية. وكان له ما يبرره. لأن القسم الأذربيجاني من بحر قزوين يضم مكامن بترول لم تستغل بعد.

كنا نعرف جيدا حينما حصل دولة أذربيجان على استقلالها أن منطقة بحر قزوين منطقة غنية بمكامن النفط والغاز في العالم. ليس هذا فرضية أيضا. إن العلماء والجيولوجيون والمهندسون وعمال النفط الأذربيجانيون شغلوا بصورة متتالية باكتشاف مكامن النفط الجديدة ببحر قزوين، وكذلك بإنتاج النفط طوال السنين. وليس معظمهم على قيد الحياة وفارقوا الحياة. ما أسعد بنا، لا يزال الشخصيات مثل نيكولاي كونستانتينوفيتس بايباكوف حيا والآن معنا. قد توفي أصدقاؤه وزملاؤه وبعض الناس الذين عملوا كتفا بكتف معه في باكو واكتشفوا مكامن النفط ببحر قزوين. أقول مرة أخرى، علينا أن نتذكرهم بمشاعر الامتنان الكبير. وعلينا أن نشكرهم لأنهم وفروا اكتشاف مكامن النفط الكبيرة في بحر قزوين مدخرين معرفتهم وعلمهم ومن جهة أخرى مبذولين جهودهم. كنا نرى هذا المشهد لما توصلنا إلى استقلالنا السياسي. لكنه مشهد. ويبدو المشهد دائما جميلا. بل وكيف نستفيد من هذا المشهد وماذا نعمل - هذا أصعب مسألة، وبل أصعب بكثير. لذا حضَّرنا عام ١۹۹٤ استراتيجية النفط لدولة أذربيجان المستقلة. يقتضي هذا إلى المراجعة إلى الخبرة العالمية في مجال استغلال مكامن النفط والغاز وإنتاجهما، وإلى إقامة علاقات مع بلدان العالم وشركاتها التي تمتلك إمكانيات هائلة والتقنيات الحديثة والتكنولوجيا المتقدمة والوسائل الضخمة في هذا المجال إذ أن أذربيجان لا تقدر على استغلال مكامن النفط والغاز الغنية وإنتاجهما بإمكانياتها الحالية. إننا بدورنا حققنا هذا. هذا صحيح، لم يكن الكل متفقين مع هذا. كان البعض يتساءلون في أذربيجان لماذا علينا أن نستغل مكامن النفط لنا بشكل مشترك مع الشركات الأجنبية؟، لماذا علينا أن ندعوها إلى هنا؟. من الطبيعي أن هؤلاء الأشخاص هم الذين لا يواكبون بالتنمية في العالم. لا يلزمنا أن نأخذهم بعين الاعتبار. لكنا كنا على علم بالتغيرات الجارية في العالم ونعرف إنجازات هائلة في مجال النفط والغاز في العالم. لذا كان من الضروري استقدام كبرى الشركات البترولية إلى أذربيجان وتوظيفها استثمارات هنا، ثانيا الاستعانة بإمكانياتها والتقنيات والتكنولوجيات التي تتوافر عند هذه الشركات. هذا الهدف هو المحور الأساسي لاستراتيجيتنا النفطية. يثبت الآن، أي بعد ۸ سنوات كما ظننت في البداية أن استراتيجية النفط لأذربيجان صحيحة التخطيط وقد بدأت تؤتي ثمارها.

إن إبرام اتفاقية للاستغلال المشترك لحقلي "أذري" و"جيراق" والجزء العميق لحقل "جونشلي" بأذربيجان في شهر سبتمبر عام ١۹۹٤ مع عدد كثير من الشركات العالمية هو الخطوة الأولى في هذا الطريق. إننا حققنا هذا. أتذكر ذلك اليوم. أما يوم ٢٠ سبتمبر عام ١۹۹٤ هو من أبرز صفحات تاريخ أذربيجان. أرسى هذا اليوم أسسا لانطلاق تحقيق استراتيجيتنا النفطية من المرحلة النظرية إلى مرحلة التطبيق. إننا ما خطأنا لما اخترنا هذا الطريق المستقيم ولا نزال نسير في الطريق القويم منذ ذلك الحين. معلوم أن كل هذا ليس بالأمر الهين. حينذاك كان الكثير يعرقلوننا. كانت عدة دول وبلدان تعارض هذا بذريعة أن أقسام بحر قزوين أو مبادئ استغلالها لم تحدد بعد. كانت تخطط أعمال تخريبية. كل هذه الأعمال واضحة، وأدت إلى حصول حدث إرهابي في أذربيجان، أدى إلى محاولة انقلاب مسلح. تعرضنا لأحداث مريعة أخرى وكانت الضغوط علينا تستمر كل سنة. نواجهها اليوم أيضا. لكن دولة أذربيجان المستقلة لم ترجع عن أهدافها فقط، بل لم تفكر فيها واستمرت ولا تزال متابعة هذا الطريق.

توصلنا إلى الحصيلة الأولى من النفط من مكمن "جيراق" عام ١٩٩۷ بالشراكة مع الشركات الأجنبية (وتسمى الآن بالشركة العملياتية الدولية). قد سبق لنا أن أنشأنا أنابيب لنقل هذا النفط المخطط استخراجه في اتجاه الشمال. بعد هذا حتى عام ۱۹۹۹ خططنا وأنشأنا في اتجاه الغرب خطا جديدا للأنابيب التصديرية أي خط انابيب باكو- سوبسا الممتدة إلى ميناء لجورجيا في البحر الأسود. كانت كل هذه الأعمال تسير بشكل متكامل. كنا نفهم أنه لا أهمية لهذا النفط المستخرج إذا ما استطعنا تصديره بعد استخراجه. أحرزنا كل هذا. تم استخراج وتصدير ۱٤ مليون طن من النفط من مكمن "جيراق" حتى الآن فبدأت الشركات في هذه الكونسورسيوم من بينها أذربيجان - شركة البترول الحكومية لدولة أذربيجان تحقق أرباحا من هذه الاتفاقية.

إن خطوتنا هذه لفتت الأنظار إلى بحر قزوين. بفضل هذه الخطوة والنتائج المستخلصة بدأت عدد غير قليل من شركات البترول العالمية تتحقق وجود إمكانيات بالواقع في أذربيجان. وبدأت تتوجه على التوالي بمقترحاتها نحو أذربيجان. وقعنا على ٢١ اتفاقية خلال السنوات الماضية. أبرمنا اتفاقيات مع ٣٠ شركة بترول من ١٤ بلدا. أما حجم استثمارات كليا فهو مخطط مقدما. حيث أنه سيكون نحو ٦٠ مليار دولار.

مؤخرا استمعنا إلى تقارير رؤساء الشركة العملياتية الأذربيجانية الدولية التي تترأسها شركة "Bp" ومدراء الأعمال التي تحقق في مكمن "شاه دنيز" وإنهم قدموا ما أتموا من الأعمال.

أعلنوا أن شركة "Bp" التي هي من كبرى شركات العالم قررت توظيف ۸ مليارات دولار من الاستثمارات هنا وأضافوا أن شركة "Bp" لم تقم بتوظيف مثل هذا المبلغ من الاستثمارات إلا في أذربيجان. كلها أعمال تم تحقيقها وتظهر مدى نجاح أعمالنا في المستقبل.

اتفاقيتنا الثانية تتعلق بمكمن "شاه دنيز". قد اكتشف فيه الغاز بمقدار أكثر بكثير من توقعاتنا. أتذكر جيدا، كان ٤-٥ يونيو من عام ۱٩٩٦. في اليوم الثاني من مثل هذا المعرض حينذاك أبرمنا اتفاقية حول مكمن الغاز والنفط "شاه دنيز". كان الكثير حينذاك يريدون عرقلتها. كان بيننا أشخاص وقفوا موقفا معاديا ضد اقتصاد أذربيجان ويعيقوننا عن هذا. لكن عمال النفط لنا وجيولوجيونا واخصائيو شركة "Bp" والشركات الأخرى العاملة في هذا المجال حددوا جنبا إلى جنب معنا إمكانية بدء الأعمال هنا.

أعتقد، وهذا واضح بكل الوضوح أن شركات البترول ذات الخبرة العالية تعرف جيدا أين يمكن توظيف استثمارات. إذا تراودها الشكوك والظن قليلا عن عدم وجود فرص مانحة للتمويل تحجم عن التوظيف. اننا اتفقنا معهم. لكننا حينذاك و"Bp" وشركات أخرى لم نكن نتصور وجود احتياطيات الغاز أكثر من المتوقع.

أتذكر، لما سألت خوشبخت يوسفزاده جيولوجينا الخبير، الآن هو بين الحضور، عدة مرات عن كمية حجم المخزون الغازي فيه أجاب قائلا بأن حجم احتياطيات الغاز يصل إلى ٤٠٠ مليار متر مكعب. قلت، قد تكون أكثر؟ رد علي قائلا بأنه قد لا يتواجد اكثر منها، أو قد يمكن في هذه الكمية. فأظهرت الأعمال المتخذة والآبار المحفورة ان حجم احتياطيات الغاز الموجودة هناك يفوق تريليون متر مكعب من الغاز. لكن هذا ليس أرقام نهائية. لأن الشركات التي تجري هذه الأعمال تتحدث دائما بتحفظ حيث أنها تحاول دائما إعلان أرقام تحت التوقعات، وهذا للتجنب من التنديد فيما بعد: لماذا أعلنتم أرقاما كبيرة، والآن تعلنون قليلا؟. لا بأس. إن شاء الله سيكون تريليون متر مكعب. ما من شك أنه يصل إلى تريليون. أعتقد أن حجم الإحتياطات سيزيد حتى عن تريليون. تجري الأعمال في حقول أخرى، على سبيل المثال تعمل شركة "شيفرون" في حقل "آبشرون". قال قياديو "شيفرون" أنهم سيحصلون على نتائج أكثر مما كان في "شاه دنيز". فقلت لهم بانني في انتظار تقريركم المتعلق بهذا.

في أقصر وقت تم تحديد وجود امكانيات هائلة في القسم الأذربيجاني من بحر قزوين. حسب رأيي أننا أثبتنا تواجد حقول النفط والغاز الغنية ليس في القسم الأذربيجاني من بحر قزوين فقط، فحسب بل في الاقسام الأخرى للبلدان المطلة عليه والفضل الأساسي فيه يرجع إلى أذربيجان، كذلك إلى معرض "بحر قزوين للبترول والغاز" المنعقد للمرة الثامنة.

ويجب القول بشكل سافر بأن الكثير لم يكونوا على علم به. لكن الأعمال الجارية في أذربيجان والنتائج المستخلصة ألهمتهم وأقدموا على هذا العمل. جاءت شركات أجنبية تعمل في هذه البلدان. مثلا، اكتشف في القسم الكازاخستاني من بحر قزوين حقل هائل مسمى بـ"كاشاقان". يسرني هذا جدا. إذن، عُرف بحر قزوين كأحد أكبر مناطق النفط في العالم بفضل أفكار علمائنا حينذاك عن تواجد احتياطيات الغاز والنفط الغنية في هذا البحر وفيما بعد مخططات دولة اذربيجان وتدابير محققة هناك.

والصحيح أن بعض القوى في عدة دول تنشر مقالات مختلفة تهدف من خلالها إلى الحاق أضرار بأذربيجان، أو عامة بالبلدان بزعم أن التنبؤات الأولى لم تتحقق، او لم تتوصل في النهاية إلى ما يتوقع من النتائج، أو فلان، فلان... ليظلوا يصرخون، لا بأس. اننا نعرف بأنفسنا ما اكتسبنا وما لم نكتسب من النتائج. هذا طبيعي، قد لا نحصل على كل هذا.

مثلا، قد يحدث حدث مثل: بعد حفر بئر قد لا يعثر على النفط فيه. لكن بعد حفر بئر آخر قريب منه يتيسر لكم استخراج النفط منه. والأهم هو تحديد تلك المناطق، اي تلك الاقسام تحديدا صحيحا. سيتم اكتشافه في مكان آخر. ان كل هذا حدده عمال النفط والعلماء الأذربيجانيون تحديدا صحيحا.

هذا وكما قلت إن عقد المعرض الثامن هنا ليس من باب الصدفة. لأن، أولا، حوض بحر قزوين قد عرف في العالم كمنطقة تتواجد فيها احتياطات النفط والغاز الغنية. ثانيا، أقدمت أذربيجان لأول مرة على هذا العمل وليس من باب الصدفة ان هذا المعرض بدأ في اذربيجان أيضا ويعقد ثماني مرات فيها وسيستمر في المستقبل. الجانب الثاني للمسألة هو تصدير النفط والغاز المستخرجين. أكدت لكم اننا وفرنا فرصا في حينه لتصدير الحصيلة الاولى من النفط بإنشاء خط أنابيب باكو - سوبسا وخط أنابيب النفط باكو - نوفوروسييك. لكن كل هذا للحصيلة الاولى من النفط. ليس بمقدرة هذين الخطين من الأنابيب على ضخ كمية ضخمة من النفط. لذا أشرنا إلى ضرورة إنشاء خط أنابيب باكو - جيهان (سميناه الآن بباكو - تبيليسي - جيهان) في هذه الاتفاقية عندما وقعنا عليها عام ۱٩٩٤.

منذ هذا الحين حتى الآن أحرزنا أعمالا كثيرة للغاية لإنشاء خط أنابيب باكو - تبيليسي - جيهان. كان عدد الأعداء الذين يعيقوننا عن إنشاء خط أنابيب باكو - تبيليسي - جيهان أكثر من الأعداء الذين يحاولون عرقلة تحقيق استراتيجية النفط الأذربيجانية. لأننا نستخرج النفط المتواجد في أذربيجان. كان هنا من يعرقلونه. لم يتسنى لهم تحقيق أهدافهم. اذ اننا استطعنا استخراج النفط الموجود عندنا في أذربيجان. لكن أهمية النفط والغاز لا تظهر فقط بعد استخراجهما من اللآبار، فحسب بل تتعاظم لما تستطيع تصديرهما. لأن البعض كانوا يرفضون تصدير النفط عبر هذا الخط حارصين على تصديره عبر خط آخر. لكن قرارنا الذي سبق لنا أن توصلنا إليه هوأن باكو - تبيليسي - جيهان سيكون خطا للتصدير. تبنينا هذا القرار. تبنت هذا القرار تركيا وجورجيا. أريد لو أقول بمشاعر الامتنان ان شركات البترول الكبرى العاملة في أذربيجان والدول التابعة لها مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا العظمى وفرنسا والدول الاخرى، والدول الاوربية أيدت إنشاء هذا الخط بالذات. ولو لا دعمها، أقل لكم، ليصعب علينا تحقيق هذا المشروع. بالطبع سيتسنى لنا تحقيقها في النهاية، بل بصعوبة.

واجه مشروع باكو - تبيليسي - جيهان محنا كثيرة. وفي نهاية المطاف، وقعنا في اسطنبول عام ۱۹۹۹ على مستند أخير يخص هذا المشروع. بعده حققت إجراءات مالية وهندسية كبيرة. أقدموا الآن على تطبيقها عمليا وحسب التنبؤات ووفقا للمخطط القائم، وانا أثق بأن النفط الأذربيجاني، نفط بحر قزوين، والنفط الذي سنستخرجه معا جميعا سيصل إلى ميناء جيهان بالبحر المتوسط مارا بجورجيا وتركيا عبر خط أنابيب باكو - تبيليسي - جيهان عام ٢٠٠٤.

أعتقد أنه لا تحدث أية مشكلة أمامنا. لأن تركيا وكذلك جورجيا أخذتا موقفا حاسما في تحقيق مشروع باكو - تبيليسي - جيهان في موعده المقرر. كما ترون ان تحدث في الحياة أحداث جديدة بكثير. عندما بدأنا في العمل في مكمن "شاه دنيز" كنا على علم بأنه توجد هناك احتياطيات الغاز أكثر من النفط. لكننا ما كنا نتوقع وجود الغاز بمثل هذه الكمية. تتمثل الآن أمامنا مسألة تصدير الغاز. والآن نعلم هذا. تركيا وأوربا الآن في أمس الحاجة إلى الغاز. تحتاج جورجيا إلى الغاز. هذا وأصدرنا قرارا بمد خط أنابيب الغاز من باكو إلى تخوم تركيا، محاذيا لخط أنابيب النفط باكو - تبيليسي - جيهان. وباشرنا هذا العمل. قد قال الوزير المحترم انه أبرمت أثناء زيارتي الرسمية في انقرة بشهر مارس اتفاقية بين دولتي تركيا وأذربيجان حول تصدير ٦ مليارات متر مكعب من الغاز المستخرج من مكمن "شاه دنيز" الأذربيجاني في المرحلة الأولى إلى تركيا. يجب الآن توقيع مثل هذه الاتفاقية مع جورجيا أيضا. أعتقد ان هذا سيتم في القريب العاجل. لأننا علينا أن نبدأ العمل. تعهدنا بان الغاز من مكمن "شاه دنيز" سيصل إلى تركيا عام ٢٠٠٢. لذا لا نضيع الوقت. يجب توقيع اتفاقيات ومعالجة مسائل أخرى لنبدأ أعمال الإنشاء في القريب العاجل.

إن كل هذا أول انجازات أحرزناها. لكن تصوروا، كيف هذا تثير آمالا كبيرة عندنا. تصوروا، كم من الآفاق يفتح كل هذا ليس فقط أمام اذربيجان، بل أمام كل البلدان المطلة على بحر قزوين، وليس فقط أمامهم، بل أمام جميع العالم أيضا.

استمعنا هنا بكل سرور إلى رسالة التهنئة التي أرسلها لينا السيد بوش رئيس الولايات المتحدة الأمريكية إ.

استمعنا أيضا إلى رسالة التهنئة التي أرسلها السيد توني بليير رئيس الوزراء لبريطانيا العظمى. انهما يبديان اهتماما كبيرا بهذا العمل، يؤيدان هذا. كل هذا امام أعيننا. انني اعرف جيدا دعمهم ودعم جميع البلدان العاملة معنا تجاه عملنا، بالمناسبة، قد القى نائب الوزير الفرنسي كلمة هنا.

اما إيران فتشارك في مكمن "شاه دنيز" أيضا وهي تحقق أرباحا. قد حضر السفير الإيراني هنا. لذا علي إيران ان تحرص على إنشاء هذا الخط لأنابيب الغاز بشكل سريع لكي تحقق أرباحها. إيران لها حصص في اتفاقيات أخرى أيضا.

وأقول مرة أخرى، تناقش هنا ليس فقط إمكانيات اقتصادية لأذربيجان فحسب، بل المصالح الاستراتيجية للمنطقة بأسرها، وهذا يشكل الضمان الكبير للأمن في المنطقة ووضعت كذلك أسس لإشباع الطلب المتزايد سنويا على النفط وعلى الغاز في عدد كثير من دول العالم، من بينها الدول الغربية.

إن تحقيق البرنامج الذي في متناول أيدينا خلال فترات ۱٠ سنوات، أو ۱٥ أو ٢٠ سنة تقريبا في بداية القرن الواحد والعشرين وإبتداء من سنة ٢٠٠١ سيجيء بتغيرات كبيرة للغاية. بالطبع، كل هذا للبلدان وشعوبها التي تشارك في اتفاقيات وتقوم بهذه الأعمال. لذا نثبت اليوم مرة أخرى مدى صحة استراتيجية النفط الحكومية الأذربيجانية.

لكل مرحلة مطالبها المميزة، نعلن اننا بعد هذا سنستمر في القيام بعملنا وفقا لتلك المطالب. سوف نوطّد ونكثف ونحسن علاقاتنا مع الشركات والبلدان المتعاونة معنا. هذا طبيعي أن كل بلد يحرص على تحقيق مصالحه التجارية. اننا نفكر هكذا. لكن هذا ليس بمجرد المصالح التجارية. لما تحتل العلاقات التجارية مكانا كبيرا بين الدول تتطلب إقامة العلاقات السياسية والإنسانية الأخرى المتواطئة معها. لن يتناقض كل هذا أبدا. اننا نفكر هكذا وأعتقد أن الكلمات الملقاة والتهانئ المعلنة اليوم من قبل الضيوف هنا تثبت صحة كل هذا بجلاء. أما المعرض فيزداد توسعا سنة بعد سنة. تشارك في المعرض الاول نحو ١٥٠ شركة من ١٢ بلد. أما الآن فتشارك نحو ٣٤٠ شركة من ٢٥ بلدا. تصوروا، هذا أعداد كبيرة. لما زرت هذا المعرض قالت السيدة المحترمة التي نظمته ان ثلث شركات ممثلة فيه تشارك لأول مرة. لا تعمل في أذربيجان شركات بترول فقط. تعمل كمية كبيرة من الشركات الأخرى. مثلا، أريد لو أشير إلى النرويج. مثلا "Statoil" شركة نرويجية. إنها تقوم بأعمال كثيرة هنا. إلى جانب هذه الشركة تقوم عدد من الشركات النرويجية الأخرى بأعمال مهمة جدا هنا - مثلا، شركة "Kverner" والشركات الأخرى. أوردت السيدة المحترمة أسماءها هنا. كذلك تعمل هنا شركات أمريكية كثيرة. وكذلك شركات كثيرة لبريطانيا العظمى. ليست هذه الشركات شركات النفط مباشرة. لكن استخراج النفط يتطلب تحقيق كثير من الأعمال الفنية وغيرها. توجد شركات مختصة في كل هذه الأعمال.

فتعمل هنا في أذربيجان الآن شركات عددها غير مسبوق في التاريخ من بلدان العالم، ويعمل مواطنو هذه البلدان معنا، الأمر الذي يعزز ويوسع علاقاتنا الاقتصادية والإنسانية والسياسية أيضا. ويساعد التقارب ويمنح تبادل الخبرات بيننا. لأن القرن الواحد والعشرين يجب أنيكون قرنا يعيش الناس فيه في جو من السلام والأمان أكثر مما كان. يجب أن يقيم الناس علاقات أكثر ودية بينهم في هذا القرن. في هذا القرن يجب ألا يفرق الناس أية أمة وبلدان يعتنق أكثرية سكانها أديانا أخرى. هذا طلب الحضارة. ويجب أن يسهم كل بلد ومنظمة ومواطن نصيبها في سبيل تحقيقها.

أشكر لمنظمي هذا المعرض. أهنئ الشركات التي حضرت المعرض إذ أنها حصلت على فرصة عرض أعمالها فيه. أتمنى التوفيق والنجاحات الجديدة لعمل المعرض والمؤتمر الذي سيعقبه.

والسلام عليكم.

معلومات تأريخية عامة

إستراتيجية النفط