مؤلفاته / علم وتعليم

خطاب حيدر علييف رئيس الجمهورية الاذربيجانية في اجتماع الاخصائيين المتخرجين في الخارج خلال سنوات ‏‏١٩٧٠‏‎-‎‏١٩٨٧‏‎-‎‏ قصر الجمهورية، ٣١‏‎ ‎آب عام ١٩٩٨‏


الاصدقاء الاعزاء!

السيدات والسادة!

أظن ان هذا اللقاء لقاء تاريخي سواء بالنسبة لكم او لي. سبق لنا والتقينا مرارا هنا في هذه القاعة المهيبة. لكن تلك اللقاءات انقطعت فيما بعد ونجتمع مرة اخرى بعد الانقطاع الكبير.

انا منفعل جدا وتلفني مشاعر السرور الكبير في نفس الوقت. لأن اجتماعنا الحالي اي عام ١٩٩٨ نتيجة اللقاءات التي اسست لاول مرة في اذربيجان عام ١٩٦٩. كنت مبادر ومنظم هذه اللقاءات. ان هذه اللقاءات كانت غير كافية لإظهار تلك الاعمال المتخذة حينذاك ودورها في حياة كل منكم. مما يسرني هو اني أرى ثمار العمل الطيب الذي بدأته قبل هذا بـ٢٩ سنة.

الاصدقاء الاعزاء، لقد كبرتم واصبحتم رجالا. انكم، الناس الذين دخلوا هذه القاعة وهم ابناء ١٦-١٧ سنة جاوزتم طريق الحياة الكبير وبرعتم في مختلف المجالات وتعملون في مختلف مجالات حياة اذربيجان. تأسس كل هذا في هذه السنوات. لذلك فإني مسرور اليوم وسعيد وأشعر بمشاعر الافتخار اذ أني أرى نتيجة الفضل الذي قدمته في حياة كل منكم.

أرحب بكم من صميم القلب وأهنئكم بمناسبة هذا اللقاء الجميل والغني. اتمنى لكل منكم الصحة والعافية والنجاحات الكبيرة في اعمالكم المقبلة.

قبل هذا بـ ١٦ سنة - في ٢٩ او ٣٠ آب/ أغسطس عام ١٩٨٢ اجريت في هذه القاعة لقاء أخيرا مع الشباب الذين يرسلون للدراسة في المدارس العالية خارج اذربيجان.

كما تعلمون اني دعيت بعد هذا للعمل في موسكو وبدأت اعمل هناك. وانكم على علم بالصفحات التالية من حياتي. في نهاية المطاف، عدت الى باكو عام ١٩٩٣. انصرف ١٦ عاما من لقائنا الاخير. صحيح، إني مشتاق كثيرا الى مثل هذه اللقاءات. لأن هذه اللقاءات أصبحت معتادة آنئذ. قالت احدى الشابات اللواتي خاطبت هنا ان حيدر علييف كان يجتمع مع الطلاب الذين كانت الدولة ترسلهم الى الخارج للدراسة ابتداء من عام ١٩٧٤. لعلها تحتاج الى التدقيق القليل في قولها. التقيت هؤلاء الطلاب لاول مرة عام ١٩٦٩. لكن قد يبرر هذا الخطأ. لأن لا هذا القصر ولا هذه القاعة كانا موجودين عندما التقيت عام ١٩٦٩، ومثل هذا العدد من الناس للقاء.

بعد انتخابي قائدا لاذربيجان في ١٤ يوليو عام ١٩٦٩ بدأت الاشتغال بمسائل التعليم في المرحلة الاولى. كما تعلمون اني كنت قد شغلت المنصب الحكومي حتى هذا الحين. كنت اهتم دائما بوضع التعليم، خاصة التعليم العالي في اذربيجان وكنت مطلعا على هذا المجال. لذلك كنت اعرف انجازات ونواقص التعليم عندنا. لا شك في اني كنت ادرك مسئوليتي باعتباري رئيس الجمهورية. لذلك فإني عكفت على مسائل التعليم قبل كل شيء.

اتضح لي بعد الابحاث انه تم تحديد ٥٠ مكانا للجمهورية لتلقي التعليم العالي في الخارج حول التخصصات التي لا يمكن إعداد كوادرها داخل الجمهورية. اهتممت بسبب قلة هذه الاماكن. لأن جمهوريتنا بدأت تجتاز طريق التنمية الواسع وكانت تنقص الاخصائيون في كثير من مجالات اقتصادنا، وما كان يعد مثل هؤلاء الاخصائيون في مدارسنا العالية. أي كانت جمهوريتنا خالية حينذاك من مثل هذه الكليات والكراسي. كانت ثمة حاجة ماسة الى هذا. سألت لماذا تم تحديد ٥٠ مكانا للطلاب. اعلنوا لي ان جمهوريتنا تتلقى كل سنة ٥٠ مكانا. لذلك فإننا لا نستطيع ان نفعل اكثر من هذا. حينذاك اهتممت بالذين يذهبون للدراسة في المدارس العالية خارج الجمهورية وبأي طريق.

هذا قبول خارج المسابقة. اذن، فإن الالتحاق بالمدارس العالية للمدن المركزية حينذاك، اي موسكو وليننغراد والمدن الاخرى كان يتم على اساس المسابقة. اما الجمهوريات الاتحادية فكانوا يقدمون بعض التنازلات لإعداد الكوادر حول بعض التخصصات ويعطونها مكانا خارج المسابقة. على سبيل المثال، حدد لاذربيجان ٥٠ مكانا.

على الفور سألت عن الاشخاص الذين اختاروهم للدراسة. تسلمت القائمة وتأسفت كثيرا وادركت مرة اخرى اني علي ان اعكف على هذه المسألة. كانت اواخر شهر اغسطس، كان من المنتظر ان تبدأ الدروس في ١ سبتمبر، لكن ما استطاعوا جمع ٥٠ شخصا. ثانيا رأيت عندما نظرت الى القائمة ان عدد الاذربيجانيين قليل بين المرشحين، وكان الشباب من القوميات الاخرى يشكل الاكثرية من بينهم. سألت مرة اخرى عن سبب هذا. بلغوني ان، كما تعلمون، المدارس العالية كثيرة في اذربيجان الآن ولا يريد الآباء ان يرسلوا اولادهم خارج الوطن للدراسة.لذلك فنرسل من يريد. فتشكلت التركيبة القومية على هذا المنوال.

بلا شك، اذا كنا نهتم بمستقبل جمهوريتنا فكان الاهمال والمعاملة السطحية بهذه المسألة سبب ظهور مثل هذا الوضع.

في تلك السنة في نهاية اغسطس عام ١٩٦٩ التقيت لأول مرة مع الشباب الذين كان عددهم يقل عن ٥٠ شخصا في قاعة صغيرة لمكان شغلي وتحدثت معهم وقدمت لهم توصياتي. لكن هذا اصبح إشارة كبيرة بالنسبة لي حثني على الاشتغال بهذا العمل، بل بشكل جدي.

اشتغلت بهذا العمل. لقد قالوا لكم عن المؤشرات المكتسبة حينذاك في هذا المجال. سأعود الى هذا الموضوع مجددا. لكني اريد ان اوضح ان الهدف من هذا العمل، هذه المبادرة كان رغبتنا في إعداد كوادر ضرورية لمستقبل اذربيجان مستفيدين بشكل مثمر من امكانيات مدارسنا العالية، لجمهوريتنا، بلدنا وفي نفس الوقت من افضل المدارس العالية لعاصمة البلد الذي كنا تابعين له. كان هذا سبب وهدف إطلاق هذه المبادرة.

كما تعلمون ان الشعب الاذربيجاني، عامة، شعب حريص دائما على العلم والمعرفة. ان شعبنا ساهم بمساهمات كثيرة في العلم وثقافة البشرية على مدى تاريخنا الكثير القرون، وأثرى العلماء الافذاذ والمخترعون والشعراء والكتاب المنحدرون من شعبنا الثقافة العالمية والعلم العالمي بمؤلفاتهم.

لكن مع هذا، كان اغلبية سكان اذربيجان أميين في القرون الوسطى، وحتى في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. شهد العالم من جملته اذربيجان في القرن العشرونراحداثا تاريخية وتغيرات كبيرة. شهد الشعب الاذربيجاني، بلدنا في القرن العشرين صفحات مؤلمة ومأساوية وفي نفس الوقت صفحات جميلة احرز فيها شعبنا انجازات كبيرة وارتقى. اما احد الانجازات التي احرزها الشعب الاذربيجاني في القرن العشرين فهو إلغاء الأمية وتثقيف الشعب.

يمكننا ان نفتخر اليوم ان المستوى العلمي والمعرفي والثقافي لشعبنا اكثر بالمقارنة مع البلدان الاخرى الواقعة في منطقتنا. أولا، هذا يظهر ان شعبنا شعب ذو قريحة، وهذا منوط بإنجاب شعبنا مفكرين عبقريين في العلم والتعليم من العهود القديمة حتى الآن. لا شك في ان هذا متعلق ايضا بإنشاء مؤسسات تعليمية بشكل جماعي في اذربيجان بعد العشرينيات والثلاثينيات للقرن العشرين وتثقيف شعبنا والغاء الامية نتيجة لهذا. هذا إنجاز كبير. يمكننا ان نعتز بهذا وعلينا ان نفتخر.

عام ١٩١٩ انشئ أول مدرسة عالية في آذربيجان وهي جامعة باكو الحكومية. تعاقبت جامعة باكو الحكومية إنشاء مدارس عالية آذربيجان. بعدها تأسست عديد من المدارس العالية واستطعنا من خلالها التوصل الى اعداد الكوادر اللازمة لبلدنا في آذربيجان.

في السبعينيات كانت تعمل في آذربيجان ١٧ مدرسة عالية - جامعات ومعاهد، كان يدرس اكثر من ١٠٠ الف شاب في المدارس العالية. نتيجة لكل هذا فإن آذربيجان لها اليوم جماعة كبيرة من الكوادر ذات المؤهلات العالية وقدرة علية. اصبح كل هذا ممكنا نتيجة الاعمال المتخذة في الفترة السابقة والسنوات والعقود الماضية.

هذا وكانت في بلدنا مدارس عالية أيضا عندما كنا نشتغل بأعمال دراسة الشباب الاذربيجانيين خارج الجمهورية عام ١٩٦٩، حينذاك كنا نعد الكوادر أيضا. فلماذا عكفنا على هذا المجال وأخذنا هذا على محمل الجد؟ فلماذا اشتغلنا بشكل جدي بهذا؟ فلماذا كان يعني به قائد آذربيجان الشخص الاول في البلد؟ أقول من جديد، أولا، لأننا كنا محتاجين الى كثير من الاخصائيين في بعض التخصصات، كان من غير الممكن اعدادهم في المدارس العالية لآذربيجان. ثانيا، فإني كنت أهدف الى توسيع وجهات النظر للشباب الآذربيجانيين، عندما أطلقت هذه المبادرة.

سبق ودرس الشباب ذوو القريحة لآذربيجان في البلدان الاخرى. كان الشباب الموهوبون وذوو القريحة يتلقون العلوم عادة في إيران والعراق وتركيا ومصر والبلدان الشرقية الأخرى. لكن عددهم كان قليلا وبلا شك انهم وضعوا نتاجات ثمينة في تأريخ الشعب الآذربيجاني بعبقرياتهم وذكائهم بعد تلقيهم التعليم العالي وحصولهم على العلوم والمعارف. لكنهم لم يؤثروا تأثيرا كبيرا على إلغاء الأمية لشعبنا وتثقيفه. في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين كان الناس الاثرياء يرسلون اولادهم الى روسيا والبلدان الاوربية للدراسة. كان معظمهم يخدم شعبه بعودتهم الى آذربيجان بعد تلقيهم التعليم العالي. ان كثيرا من اخصائيينا وعلمائنا ومهندسينا والاخصائيين من المجالات الاخرى الذين عاشوا في نهاية القرن التاسع عشر، في أوائل القرن العشرين حتى سنوات ١٩٣٩، ١٩٤٠ و١٩٥٠، والآذربيجانيين الذين درسوا في روسيا والبلدان الأوربية وعادوا الى آذربيجان شاركوا في إنشاء وعمل جامعة باكو الحكومية.

في تلك السنوات تبرع بعض الأثرياء بإرسال بعض الشباب والآذربيجانيين ذوي القرائح للتعليم في روسيا والبلدان الاوبية - اسماء كثير منهم معلوم. ان معظم مؤسس اول جمهورية آذربيجان الشعبية عام ١٩١٨. بما فيما فتحعلى خان خويسكي، علي مردان بك توبجوباشوف درسوا دراسة عالية في موسكو، سانك بطرسبورج. كان ينقص الاخصائيون حينذاك. انضم الى تركيبة حكومة اول جمهورية شعبية في آذربيجان ممثلو القوميات الاخرى مثل الروسي والبولنديين، واليهود الى جانب الآذربيجانيين. إذ كانت ثمة حاجة الى الناس المتعلمين ذوي الاختصاصات المعينة.

اي سادت هذه العادة في الماضي - في القرون الوسطى ايضا، في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. نفعت هذه العادة الشعب الآذربيجاني دائما. كنت استرشد وأشعر متقدما بهذه المبادرة خلال سنتي ١٩٦٩ - ١٩٧٠ ومحققا لها بإصرار وعلى التوالي بأن ميول الدراسة داخل جمهوريتنا ومدننا ارتفعت الى حدما بالمقارنة مع ذي قبل عند الرأي العام الآذربيجاني بعد تأسيس المدارس العالية في جمهوريتنا خلال أعوام ١٩٤٠- ١٩٥٠ تقريبا. ما كنت راضيا انا شخصيا عن مثل هذه الميول.

كما تعلمون، إذا لا يغادر الإنسان مسقط رأسه أبدا ويعيش في قريته، بلدته ومدينة طوال عمره لا يمكن ان يخرج وجهة نظره هذا الإطار ولو قرأ كتبا كثيرة واستفاد من الوسائل الاخرى. لكن اذا وسع الانسان دائرة علمه، رؤيته ويعلم وبتعلم كل ما يحدث في البلدان والمدن الاخرى من خلال مغادرته بلده اليها يغنى الانسان كثيرا. فكنت آخذ بعين الاعتبار هذا المبدأ في تلك السنوات. ولا شك، إن معظم شبابنا يدرسون في المدارس العالية لآذربيجان - منذ ذلك الحين حتى الآن. اعدت مدارسنا العالية كوادر قيمة جدا. تعمل كوادرنا تلك الآن في مختلف المجالات لآذربيجان المستقلة ويوفرون تطوير بلدنا. مع هذا، لكنا كنا نستطيع إعداد الكوادر الرفيعة المستوى لمختلف مجالات تعليمنا العالي، علمنا واقتصادنا وثقافتنا على السواء وذلك من خلال الاستفادة من امكانيات المدارس العالية الاجنبية وربط المعارف والعلوم لجمهوريتنا بما يدرس من المعارف في موسكو وكييف ولننفراد والمدن الاخرى.

وأثبت هذا بشكل جليء الذين حضروا هنا وألقوا كلمة. لذلك، لا حاجة لي الى إثبات هذا. أبلغكم فقط مرة أخرى الأسس والمبادئ لهذه المبادرة في بداية هذه المسألة.

ثمة مسألة اخرى أيضا. يتلقى معظم الطلاب في آذربيجان تعليمهم بالاذربيجانية. صحيح، كان موجودا القسم الروسي في آذربيجان. لكن كنا نحتاج أيضا الى الكوادر التي كانت تدرس بالروسية لرفع مستوى شعبنا على الصعيد السوفييتي حينذاك. ان الطلاب الذين كانوا يرسلون خارج آذربيجان حينذاك، بلا شك، كانوا يدرسون جميعهم بالروسية.

فكنا نربط التعليم بالآذربيجانية لغتنا الأم بالروسية اللغة الحاكمة للاتحاد السوفييتي الذي كنا نتبعه حينذاك. وهذا طبيعي، لأن جمهوريتنا كانت تحتاج الى الوسائل التعليمية الضرورية والكتب حول المجالات العديدة في جمهوريتنا الآذربيجانية. كان التعرف ومطالعة كثير من المجلات العلمية والكتب ممكنا الا بالروسية حينذاك. لذلك فإن الكوادر التي كانت تعد في معاهد وجامعات موسكو وليننغراد والمدن الاخرى كانت تملأ الى حدما الفراغ الموجود في مجال نقص المصادر العلمية في جمهوريتنا.

ثم بدأت توسيع هذا العمل. ولم اتصور انني أنشأت مدرسة عالية جديدة لآذربيجان. ما هذه؟ عام ١٩٦٩ لم نرسل حتى ٥٠ شخصا للدراسة خارج البلد. عام ١٩٧٠ أرسلنا ٦٠ شخصا. بعد هذا زدنا هذا الرقم سنة بعد سنة. في نهاية المطاف، أرسلنا ٦٠٠ شاب تقريبا عام ١٩٧٥ و٧٠٠ - ٩٠٠ شخص كل سنة خلال عامي ١٩٧٧ - ١٩٧٨ الى المدارس العالية خارج البلد.

يعلم الذين يعملون في مجال التعليم العالي - تقبل كل مدرسة عالية سنويا ٧٠٠ - ٨٠٠ طالب. فإذا كنا نرسل ٨٠٠ - ٩٠٠ طالب آذربيجاني كل سنة الى المدارس العالية في المدن المختلفة للاتحاد السوفييتي حينذاك إذن، كنا نعد طالبا إضافيا بمقدار الالتحاق بجامعة باكو الحكومية.

فيما بعد قد لا حظوا هذا في موسكو، وشاهدوا اننا أنشأنا مدرسة عالية جديدة لا توجد داخل آذربيجان، بل تعد الكوادر لجمهوريتنا. صحوا عندما قالوا ان البعض كانوا يغيدون هذا. صحيح، اننا صرفنا مزيدا من الوقت لهذا العمل. لكن الجميع يجب ان يعلموا اليوم كل شيء. لم يكن هذا أمرا سهلا. على سبيل المثال، اضطررت الى إجراء المفاوضات الكثيرة لزيادة عدد الطلاب من ٥٠ الى ١٠٠ طالب. وبعد هذا، لم يكن سهلا رفع هذا الرقم الى ٢٠٠، ٣٠٠، ٤٠٠ طالب. لم تكن هذه المحادثات محدثات بسيطة. كنت اقدم اقتراحاتي بهذا الصدد الى اعلى مراجع للاتحاد السوفييتي وكنت اتوصل الى الزيادة كل سنة.

وعليكم أن تعلموا، مثلا آخذ فترة ما بين سنوات ١٩٧٦ - ١٩٨٠. تم تحديد ٤٠٠ مكان للطلاب الا لكارا كستان في هذه الفترة. ما كانوا يحددون اكثر من ١٠٠-١٥٠ مكان للطلاب للجمهوريات الأخرى. كان سبب هذا عدم تقدمهم بالمبادرة. كانوا يعتبرون في الجمهوريات الأخرى كما كان عندنا حينذاك ان كل جمهورية فيها عدد كان من المدارس العالية، لا حاجة الى الاشتغال بأمر آخر جديد .... لكن عدد الطلاب المرسلين من آذربيجان إلى المدارس العالية للاتحاد السوفييتي في موسكو، ليننغراد والمدن الأخرى كان اكثر من عدد الطلاب المرسلين من جميع الجمهوريات الأخرى. أريد أن أعيد الى أذهانكم أمرا آخر. حيث ان الالتحاق بجامعة موسكو الحكومية كان صعبا على الشاب البالغ من العمر ١٧-١٨ سنة. ما كان يستطيع بعضهم الالتحاق بها بسبب قلة معرفتهم ووبعضهم الآخر بسبب عدم معرفتهم بالروسية. قد حرى ما جرى وحدث ما حدث، يلزم ان اقول بصراحة ان الاشخاص المختلفين كانوا يتخذون موقفا سلبيا تجاه شعبنا وامتنا. كانوا يعرقلون دراسة الآذربيجانيين في هذه الجامعة. كانت تحدث مثل هذه الحالات.

لكنا الى ماذا توصلنا؟ مثلا، ألقى هنا كلمة عدد من خريجي جامعة موسكو الحكومية حينذاك. كانوا يلتحقون بجامعة موسكو الحكومية بعد الامتحان. وكان الالتحاق بجامعة ليننغراد والجامعات الاخرى على هذا النحو.

ما كان البعض يحسنون الروسية. لذلك فإننا عالجنا هذه المشكلة من خلال اجراء امتحانات للالتحاق في جمهوريتنا.

يجب القول بصراحة - صحيح ان هذه اصبحت من التاريخ - كان هؤلاء الطلاب الذين كان عددهم ٨٠٠ - ٩٠٠ طالب يلتحقون بالمدارس العالية بالتسهيلات المعينة. والتسهيلات هي انهم كانوا يمتحنون للالتحاق بالجامعات في آذربيجان، ليس في اطار تلك الجامعات والمعاهد. سبيل المثال، كانوا يُمتَحنون في المجالات الغنية في جامعة بولتكنيك، او معهد البتروكيمياوات، وفي المجالات الأخرى في جامعة آذربيجان الحكومية. كانوا ينهون كل الاجراءات للالتحاق هنا وكانت كل الوثائق تحضّر حتى نهاية شهر آب. كنا نجتمع هنا عادة في ٢٨، ٢٩ أو ٣٠ أغسطس.

قد قالوا صحيحا هنا انني دعون هؤلاء الطلاب لأول مرة في عام ١٩٧٤ الى هذه القاعدة. وهل تعلمون ان هذا القصر انشئ في ديسمبر عام ١٩٧٢. ما كان هذا القصر مشيدا حتى شهر ديسمبر عام ١٩٧٢. فبدأنا نجري لقاءاتنا في هذه القاعة منذ عام ١٩٧٤.

كما تعلمون ان هذه اللقاءات كانت عزيزة جدا بالنسبة لي. أريد ان اعلنكم اني كنت احيانا في باكو في نهاية أغسطس. كنت اعود اليها للاستراحة او للعمل، كان يتيسر لي الاستراحة لمدة ١٠-١٥ يوما في النصف الثاني من شهر أغسطس (آب) فقط. احيانا أجري اللقاء في ٢٨ أو ٢٩ أغسطس عندما كنت في الاستراحة. وتركت الاستراحة وكل شيء وجئت للقاء.

التقيت مع الطلاب كل سنة ابتداء من عام ١٩٦٩حتى أغسطس عام ١٩٨٢. ما هي اكبر نتائجها؟ مثلا، عضروا هنا لقطات سينمائية قصيرة هنا عن اللقاء الذي أجريته مع الطلاب الدارسين في موسكو حينذاك في بناء المسرح. تذكرته. نعم، كنت قد اجريت لقاءات عدة حينذات مع الطلاب في الممثلية الدائمة لآذربيجان في موسكو. لكن عددهم زاد ولم يعد يتيسر لنا اللقاء هنا. اخاف ان اعدو الصواب اذا قلت، كانت سنة ١٩٧٧، او سنة ١٩٧٩، طلبت ان أستعير قاعة للقاء. اتفقنا بأن أستعير بناء مسرح MXAT بموسكو، اجتمع الطلاب فيه. ذهبت إليه. جاء اليه الموظفون الرفيعو المستوى للبلد - وزير التعليم للاتحاد السوفييتي والاشخاص الرفيعو المناصب الاخرون. اجرينا لقاء هناك وتفاوضنا.

مثلا، أتذكر حدثا جرى هناك. خاطب شاب طالب الصف الرابع لجامعة موسكو الحكومية. قال هذا الشاب انه من مقاطعة جبرائيل. أتذكر انه ألقى كلمة - وقال المزارع الذي تحدث هنا الآن انه منحدر من أسرة قروبة وفقيرة - وكان هذا الشاب الذي تحدث في المسرح يقول انه انحدر من أسرة فقيرة واما الآن فيدرس في الصف الرابع لكلية الرياضيات لجامعة موسكو. بنجاح. كان يحسن بالروسية. تخرج في المدرسة القروية واحسن في الاجوبة على الاسئلة الرياضية عند الامتحان للالتحاق، لكن ما كان يعرف الروسية. لكنه ألم الروسية اثناء دراسته في جامعة موسكو وإقامته فيها وكان يتحدث بطلاقة بهذه اللغة. بما في ذلك فإن الذين ذهبوا للدراسة في لوكرانيا وولايات روسيا كانوا يحتفظون تقاليدنا الشعبية والثقافة، في نفس الوقت كانوا يدرسون التقاليد والمزاج للجمهوريات التي اقاموا فيها مثل روسيا واوكرانيا واوزبكستان ولاتفيا وليتفانية وغيرها من الجمهوريات.

قلت لكم اني رأيت عندما نظرت إلى قائمة الطلاب المرسلين للدارسة خارج الجمهورية عام ١٩٦٩ ان أغلبيتهم غير آذربيجانيين. وبقيت هذه المسألة معقدة الى حدما في سنوات تلته. كما تعلمون ان ممثلي عدد غير قليل من القوميات يقطنون في آذربيجان. تمكنت حينذاك من الجمهورية رفع نسبة الآذربيجانيين الى ٩٧-٩٨ ٪ بين الطلاب الذين أرسلوا خارج الجمهورية للدراسة كل سنة بعد سنتين او ٣ سنوات. أو، أريد الأشارة إلى أمر. كل شيء امام مرآكم، يجب القول بصراحة. بعد عام ١٩٦٩ اتخذت تدابير كثيرة لتوفير العدالة في النظام التعليمي العالي لآذربيجان إلى جانب هذا العمل. صحيح، ان بعض هذه الأعمال انتهكت. فيما بعد انتقدني بعض الناس بسبب اتخاذي مثل ههذ القرارات الشديدة. لكن هذه كانت ضرورية لهذا الحين. كنت أريد ان يتمكن كل شاب آذربيجاني ذي قريحة من التعليم العالي رغم هوية أبويه ومستوى أسرته المعيشية.

لكن على ماذا عثرت؟ كان أبناء جميع الموظفين او الاشخاص الأثرياء يلتحقون بالمدارس العالية، لكن أبناء الفقراء وكثير من الناس الذين لا يتولون منصبا ما كان في استطاعتهم الالتحاق بالمدارس العالية. كما تذكرون اننا كنا نشتغل كثيرا بهذه المسائل في هذه السنوات. في نهاية المطاف، توصلت بعد عدة سنوات الى ان معظم الشباب في آذربيجان بدأوا يلتحقون بعدالة بالمدارس العالية - لا يسعني القول تماما، بل على الأكثر - لأن بعض الجور كان يحدث في هذا المجال.

أعثر الآن على اخصائيين مختلفين أحيانا. يقولون إنهم التحقوا بمدرسة عالية وتلقوا العلوم ودرسوا نتيجة سياستي حينذاك، رغم فقر أسرتهم. يقولون لي أن كل هذا نتيجة سياستكم. كما تعلمون انه لا يكون مكافأة اكثر من هذا بالنسبة لي. قمت بمثل هذه الاعمال الصالحة كثيرا.

كما تذكرون اني اصدرت قرارا حينذاك ما كان يسمح لابناء الموظفين والعاملين في هيئات إنفاذ القانون بالالتحاق بكلية الحقوق. صحيح، بعد استقالتي من منصبي وعندما كنت اعيش في موسكو انتقدوني بانتهاك حقوق زمرة من الناس. لم انتهك حقوق احدما حينذاك. إني كنت أسعى الى الحيلولة دون هذا التدفق. لأن الناس الآخرين كانوا الايستطيعون الدراسة في هذه الكلية اذا تدفق أبناء الموظفين في هيئات إنفاذ القانون ويعملون هناك. وهذا أمر غير مرغوب فيه.

كما تعلمون من حياتكم اني كنت دائما الى جانب الفقراء، كنت هكذا دائما. وتظهر صفقاتكم ان هذا حدث هكذا في الحقيقة. لعل اغلبيتكم منهم، لذلك تُرحبون بي.

الاصدقاء الاعزاء، فبدأنا عملا كبيرا في تلك الأعوام ونرى نتائجه الجميلة. ألق يقال، اني اعتبر جميعكم هنا اليوم كأبنائي الاعزاء. قلت هذا مرة، كانوا يعدون كل سنة في تلك السنوات كتابا كبيرا مؤلفا من عدة نسخ من قائمة الملتحقين بالمدارس العالية خارج الجمهورية. وكانوا يعطونني احد من هذه الكتب. احفظ هذه الكتب في مكتبتي الشخصية في أرشيفي. لأن هذا العمل كان عزيزا لي الى درجة كنت آخذ هذا الكتاب من الرف عندما ما كنت أعمل واعيش في موسكو، واتصفحه وأقرأ ما كتب فيه عن شخص ما وآبائه ومسقط رأسه وسنه. لا أعرف احدا منهم شخصيا. لكني كنت أقرأ كل هذا. لأن الكتاب كان يحتوى على معلومات عن أبو كل منهم وظيفتهما. كنت اطمئن بقراءة هذه المعلومات. صحيح، اني لا اعمل الآن وأتعرض للجور، لكني قمت بهذه الاعمال وسوف لا ينسانى هؤلاء الناس، سيقدرون فضلي، اعمالي.

لذا بالذات اعتبركم واعتبر كل الشباب الذين ارسلناهم للدراسة من هذه القاعة ووقلت توصياتي لهم كأبنائي الاعزاء. يلفني مشاعر الافتخار الكبير لانكم كبرتم في السن. كنتم تتحدثون هنا عندما بلغتم في السن ١٧ عاما. والآن أضف ٢٠-٢٥ سنة على ١٧. كبر سنكم. ليس الامر في تقدم السن، الأهم ان كلا منكم شغلتم مكانكم في المجتمع، حصلتم على درجة الدكتورة واصبحتم اخصائيين وتعملون. تزوجتم ولكم اولادكم واسرتكم. تحتاج اذربيجان المستقلة اليوم اليكم. اذن قمنا في تلك السنوات بالأعمال لحاضر اذربيجان المستقلة وأتى هذا بثماره.

ألقى ممثل وزارة الدفاع كلمة هنا وأحاطنا علما بإرسال الاذربيجانيين الى المدارس العسكرية العالية في تلك السنوات بهذا الطريق. أظن أني سأجري لقاءا خاصا مع خريجي هذه المدارس. أعلن المعطيات، لا اريد تكرارها. نعم، اني كنت افكر واتطلع على مستقبل اذربيجان واستقلالها عندما كنت عاكفا على عمل تحسين أداء المدارس العالية في جمهوريتنا والتعليم عامة في اذربيجان في تلك السنوات، واشتغل أنا شخصيا عن كثب بمسألة إعداد الكوادر في اذربيجان وإرسالكم بالذات الى المدارس العالية خارج الجمهورية والى المدارس العسكرية العالية الكثيرة العدد للاتحاد السوفييتي.

كنت آمن حينذاك بان يحين الحين وستحتاج اذربيجان الى هذه الكوادر. وسيحين الحين لإستقلال اذربيجان وستوفر هذه الكوادر استقلال اذربيجان.

قد آن هذا الآن. تجتاز اذربيجان السنة السابعة لاستقلالها السياسي. تعزز استقلال اذربيجان السياسي خلال السنوات الخمس الاخيرة، تتطور في اذربيجان عملية بناء دولة ديموقراطية وعلمانية وقانونية. تسير اذربيجان في سبيل اقتصاد السوق. تشغل مكانا مرموقا لها في الأسرة العالمية. تحظي اذربيجان باحترام على الصعيد العالمي واعترف بلدنا وستستمر اذربيجان في السير قدما في سبيل الاستقلال.

الاصدقاء الاعزاء، تشاركون عن كثب في سير اذربيجان في سبيل الاستقلال وعليكم ان تشاركوا بعد هذا ايضا. نعم تحتاج اذربيجان المستقلة الآن الى الكوادر المؤهلة وذات درجات علمية والاخصائيين الكبار. عددهم في اذربيجان كثير وانتم من بينهم. لكن مهمتنا المشتركة هي ان نختار من بين هذه الكوادر الكثيرة العدد الاشخاص الاكثر قريحة وعلما ونعينهم في المناصب الرفيعة ونطور استقلال اذربيجان باسرع.