حيدر علييف: الضيوف الكرام، اهلا وسهلا بكم في اذربيجان. ارحب بكم واتمنى لكم نجاحات في الاعمال باذربيجان.

ان الندوة التي خططّموها هي بالغة الاهمية بالنسبة لنا. تعتبر اذربيجان بوصفها دولة ديموقراطية شابة وقانونية إحلال الديموقراطية وتطورها في حياتنا وفي كل مجال لتكوينها السياسي نشاطا رئيسا. نتعاون بنجاح مع مجلس اوربا في الازمنة الاخيرة ونحاول الاستفادة من توصيات ومشاورات مجلس اوربا في الاعمال التي نحققها في اذربيجان. تلعب المحكمة الدستورية لاذربيجان دورا خاصا في هذه المسائل. ان عقد ندوة مكرسة لموضوع مهم جدا بالنسبة لنا في اذربيجان بمبادرة المحكمة الدستورية الاذربيجانية وبالتعاون معكم بالغ الاهمية ايضا. موضوع الندوة مهم، ضروري وشيق جدا بالنسبة لعديد من الاحداث الجارية في العالم حاليا ويحمل هذا اهمية خاصة بالنسبة لاذربيجان. نأمل في ان ندوتكم ستكون مهمة جدا للتسوية الصحيحة والمتماشية مع قواعد القانون الدولي للمشكل المتعلقة بالوضع القانوني للحكم الذاتي. تفضل.   

جاني بوكيكيو: فخامة الرئيس، اسمح لي بأن ابدي امتناني العميق لك من اسمي وكذلك من اسم زملائي قبل كل شيء على مقابلتك معنا. يعرف الجميع هذه القاعة وهي قريبة بالنسبة لي ايضا. لأني تشرفت باللقاء معكم ٤ مرات في هذه القاعة. في المرة الاخيرة القينا فيها في سبتمبر للسنة الماضية. في هذا الحين كانت المحكمة الدستورية قد انشئت حديثا في اذربيجان وشاركت انا ايضا في انشاء هذه المحكمة الدستورية وفي حفلة حلف اليمين. بعد عدة شهور زرنا باكو مجددا. رأينا حدوث التغيرات الكبيرة خلال الفترة المنصرمة ووقوع المحكمة الدستورية في مبنى مهيب. انها اليوم مشغولة بالمسائل الضرورية جدا بالنسبة لاذربيجان. حتى خلال هذه الفترة اصدرت المحكمة الدستورية قرارات مهمة جدا لقيت استحسانا كبيرا لدى الرأي العام العالمي. بالطبع حقق كل هذا بدعمكم خاصة.

اشرنا الى هذا كل مرة اثناء لقائنا. عامة، ان الدعم الحكومي للمحكمة الدستورية له اهمية خاصة. ان المحكمة الدستورية ضمان استقرار الديموقراطية في البلد في الدولة. في نفس الوقت فان المحكمة الدستورية مرآة لتطوير الديموقراطية في البلد والمجتمع. يجب الاشارة الى ان النشاط القانوني للمحكمة الدستورية يلقى تقييما كبيرا في الخارج ايضا ويرقي بهيبة دولتكم.

كما ذكرتم فان زيارتنا الحالية ستكرس لمناقشة المسائل المهمة والضرورية والملحة جدا - مسألة الحكم الذاتي. لذلك اقول ان هذا الموضوع ملح جدا. سنعلمه. لان العالم اليوم يشهد مثل هذه العملية: تقوية ميول الابتعاد عن السلطة المركزية. بكلمة اخرى، اريد التركيز على عملية التأقلم اي الحكم الذاتي. على سبيل المثال، البلدان مثل اسبانيا وايطاليا في القارة الاوربية. كما اشرت ان هذا مسالة ملحة جدا. لأن عهدنا فترة صعبة ومعقدة جدا. مثلا، الاحداث الجارية في يوغوسلافيا.

مع الاسف الشديد فان مسائل الحكم الذاتي تبرز احيانا بعد نشوب النزاع. لهذا السبب فإن الهدف الرئيسي من مناقشة هذه المسائل هو ايجاد سبل الحيلولة دونها قبل نشوب النزاع. خاصة يدور الحديث عن النزاعات المندلعة حول الارض. اما من المهمات الرئيسية فهي التوصل الى المصالحة بين الاطراف من خلال الحيلولة مسبقا دون النزاعات والتقريب بينهم والتوفيق بين المسألتين العالميتين البارزتين.

اولاهما مساعي الانفصال حول الارض والحفاظ على وحدة التراب. امامنا مسألة إعداد وضع قانوني خاص بناء على القوانين المحلية ذات الصلة. يهدف اعداد الوضع القانوني الخاص الى التوصل الى حل النزاع من خلال التوفيق بين الاطراف. هذه ملحة بالنسبة ليوغوسلافيا حاليا.

قد اعدت لجنة فينيسيا قبل زيارتها لباكو اي في اواخر العام الماضي وضعا قانونيا للحكم الذاتي من خلال اعتبار المسألة ترابية حول قضية كوسوفو. لكن ينبغي الاشارة الى ان لجنة فينيسيا ليس لها وزن سياسي ولا دور سياسي. لذا فان مجموعة الاتصال تشتغل بتعميق وصياغة الافكار وفقا لاقتراح السفير كير. بعد هذا شاركت لجنة فينيسيا في المحادثات الجارية حول هذا النزاع والمحادثات الجارية في رامبويه بفرنسا. اثناء المحادثات بذلت لجنة فينيسيا كل ما في وسعها لتحسين الاقتراحات المطروحة لمعالجة النزاع، اي لتنظيم حل القضية على المستوى الرفيع. اما المساعي الرئيسية للجنة فينيسيا في هذه القضية فكانت مركزة على حل الاقتراحات المطروحة من وجهة النظر الاوربية. كنا قد اعددنا وضعا قانونيا للحكم الذاتي قد كاد يقبله كلا الطرفين. لكن من سوء الحظ رفضه طرف في نهاية الاعمال.

حسب رأيي، يجب على القارة الاوربية ان تلعب دورا اهم في معالجة هذه النزاعات. لان هذا نزاعات اوربية. تعتزم مجلس اوربا وكذلك لجنة فينيسيا بالمساهمة الفعالة وعن كثب في سبيل ايجاد حلول مثل هذه النزاعات بعد هذا.

تسمى لجنة فينيسيا ايضا بـ\"اللجنة الاوربية من اجل الديموقراطية\". لكن قد يكون من الافضل ان نسميها بـ\"اللجنة الاوربية من اجل السلام عن طريق الديموقراطية\" نظرا لتطور الاوضاع. لان معالجة هذه المسائل تحمل طابعا سياسيا من جهة وطابعا قانونيا من جهة اخرى واذا امكن حلها بكلا السبيلين اعيد السلام تماما الى القارة الاوربية.

فخامة الرئيس، علي ان اقول ان نشاطكم نشاط هادف الى السلام تماما. قرأت في الصحافة في الازمنة الاخيرة انك حزت بجائزة اتاتورك الدولية للسلام وبهذه المناسبة اهنئكم من صميم القلب.

ستزور قريبا للولايات المتحدة الامريكية للاشتراك في الاحتفاليات المكرسة لليوبيل الخمسين للناتو. علمت من خلال الصحافة انك ستجري هناك محادثات مهمة. خاصة ستبذل جهودا مهمة لحل نزاع ناغورني كاراباخ الذي يقلقك كثيرا.

فخامة الرئيس اؤكدك على ان مجلس اوربا وكذلك لجنة فينيسيا مستعدان دائما لتقديم الدعم والمساعدة لكم في حل هذه القضية الصعبة الماثلة امامكم.

فخامة الرئيس، اسمح لي بان ابلغك فكرة صميمة: انا مسرور جدا على انني اراك في صحة جيدة واتمنى لكم الصحة والعافية.

حيدر علييف: شكرا لكم. اشكرك على كلماتك الطيبة عن اذربيجان والمحكمة الدستورية الاذربيجانية خاصة. واشكرك على تهنئتك لي بمناسبة حيزي بجائزة اتاتورك الدولية للسلام.

تؤكد المعلومات التي قدمتها الافكار التي اطلقتها قبل قليل ان الندوة المرتقب عقدها هنا والاعمال مخطط اجراؤها هنا مهمة جدا بالنسبة للعالم برمته والمجتمع العالمي. في الحقيقة ازدادت ميول الانفصالية في العالم في الازمنة الاخيرة. نشهد ان اعمال الانفصاليين ادت الى الصراعات العسكرية في كثير من المناطق في العالم بما في ذلك في اوربا. كما تعلمون اننا ايضا نعاني من اعمال الانفصالية هذه في اذربيجان ناغورني كاراباخ ونشوب النزاع بين ارمينيا واذربيجان منذ ما يزيد عن ١٠ سنين.

في مايو سنة ١٩٩٤ اوقفنا الحرب المبتدئة بين ارمينيا واذربيجان منذ عام ١٩٨٨ ووقعنا على اتفاق لوقف اطلاق النار. منذ ما يقرب من 5 سنوات ونشتغل بمعالجة المسألة سلميا وتحرير الاراضي الاذربيجانية المحتلة واعادة وحدة ترابها. لكن الانفصاليين الارمن لناغورني كاراباخ والى جانبهم دولة ارمينيا مع الاسف لا يتخذان موقفا سليما من معالجة المسالة بالطريق السلمي.أأأأ

تحددت المبادئ للتسوية السلمية للقضية في اجتماع القمة للشبونة لمنظمة الامن والتعاون الاوربي في ديسمبر عام ١٩٩٦. من هذه المبادئ منح اعلى درجة من الوضع القانوني للحكم الذاتي الى ناغورني كاراباخ في التبعية لاذربيجان. نقدم مثل هذا الوضع القانوني. لكن ارمينيا لا تقبل هذا، لانها تحاول الحصول على الوضع القانوني للاستقلال لناغورني كاراباخ فيما قبل والآن ايضا.

بالطبع لا يمكننا ان نسمح به. في نفس الوقت يجب ان يعارضه المجتمع الدولي وقواعد القانون الدولي ومنظمة الامن والتعاون في اوربا ايضا. اذا اراد كل قوة انفصالية الحصول على استقلال نتيجة اعمالها او نشوب النزاع العسكري فستنهار الدول في العالم. مثلا، كما ترون ان احداث كوسوفو بيوغوسلافيا ادت الى اندلاع نزاع كبير في العالم. لا يمكن تبرئة الحكومة اليوغوسلافية ولا ألبان كوسوفو هنا. تمتعت كوسوفو بالحكم الذاتي داخل يوغوسلافيا منذ عشرات السنين. لكن الحكومة اليوغوسلافية وميلوشيفيتس الغى هذا الوضع بشكل غير عادل. في النتيجة انفجرت الحرب، والآن تطلب كوسوفو الاستقلال، لا الحكم الذاتي.

بالطبع نرى هكذا وعامة تقتضي قواعد القانون الدولي مبدأ عدم المساس بوحدة اراضي لكل بلد ودولة. من هذه الناحية ندعم وحدة اراضي يوغوسلافيا. لكن في نفس الوقت نعارض تماما التطهير العرقي المحقق في كوسوفو من قبل الحكومة اليوغوسلافية وميلوشيفيتس. وهذا غير مسلم به.

كما ترون ان الناس لا يقتنعون بالحكم الذاتي احيانا ويطلبون اكثر منه. واحيانا تنتهك البلدان حقوق الشعوب المختلفة في الحكم الذاتي وهذا يؤدي الى مثل هذه النزاعات الدموية. كان الحكم الذاتي في ناغورني كاراباخ باذربيجان موجودا منذ عام ١٩٢٣. لكن الارمن الكاراباخيين عام ١٩٨٨ تجاوزوا هذا الوضع القانوني للحكم الذاتي وطالبوا الاستقلال لناغورني كاراباخ او الحاقها بارمينيا، الامر الذي ادى الى الحرب والنزاع الدموي.

لذلك نقدر نشاطكم تقديرا عاليا جدا. نعتقد ان ايجادكم نموذجا للحكم الذاتي نتيجة كل هذه الدراسات والمناقشات وتطبيقه في كل البلدان من خلال مجلس اوربا سيسهم في معالجة هذه النزاعات سلميا بما في ذلك يساعدنا كثيرا.

تقدمنا باقتراحات معينة حول تقديم الوضع القانوني للحكم الذاتي لناغورني كاراباخ. لكنهم يقولون كل مرة ان هذه الصلاحيات - المسموح لها في اطار الحكم الذاتي - غير كافية. لذلك نرجوا انكم مجلس اوربا تحددون حدود اعلى درجة من الوضع القانوني وتقدمونه كنموذج مثالي للمجتمع الدولي وعلى كل حال للبلدان الاوربية. نتمنى ان تقدموا مثل هذه الاقتراحات المفيدة نتيجة دراساتكم هذه والندوة التي ستنظمونها في اذربيجان. قد تساعدوننا بهذا.

لا نواجه هذه المشاكل فحسب بل تواجهها جورجيا المجاورة ايضا. توجد في روسيا ومولدوفا ايضا. تحمل هذه المسألة طابعا ملحا جدا.

جاني بوكيكيو: فخامة الرئيس، اسمحوا لي بان اتدخل قليلا. كنت افكر عن كثب في جميع المشاكل التي اشرتم اليها. اي المشاكل الموجودة في اوسيتيا ومولدوفا وغيرهما من المناطق. ان النتيجة التي استخلصناها في كل هذه الحالات هي وجوب اعداد صيغة متفرقة للحكم الذاتي بالنسبة لكل حالة خاصة. هذا، عامة امر ممكن. فيما يتعلق بإعداد صيغة عامة فلا يمكن تطبيقها في مولدوفا وناغورني كاراباخ والشيشان وابخازيا على السواء. هذا سيفشل.

على وجه العموم، توجد في التجربة العالمية نماذج الحكم الذاتي المعينة . كما قلت ان كلا منها يتضمن خصوصيات المناطق التي تطبق فيها. توجد مثلها في برازيل وهولنده وايطاليا وغيرها من المناطق. يجب متاطبقة كل هذه النماذج مع الاوضاع الخاصة.

فخامة الرئيس، اريد القول بناء على افكاركم اننا شاركنا في المحادثات المتعلقة بمعالجة قضية كوسوفو وإعداد نموذج الحكم الذاتي. والآن نحن تحت تصرفكم وكما قلت يمكننا الاشتراك في اعداد صيغة الحكم الذاتي بالنسبة لناغورني كاراباخ. اننا مستعدون تمام الاستعداد لهذا. اقول قبل كل شيء ان اعداد صيغة من الوضع القانوني للحكم الذاتي يجب ان يكون في اطار مبدأ وحدة اراضي اذربيجان ومبادئ بيان لشبونة. علمنا الوضع القانوني لجمهورية ناختشفان الحكم الذاتي. نحن على علم بها وحتى تريد رئاسة جورجيا ان تتقدم بنداء الينا لنبلغها افكارنا حول قضيتي ابخازيا واوسيتيا الجنوبية. من هذه الوجهة اود القول اننا تحت تصرفكم ونستعد لتقديم كل ما في وسعنا من مساعدات لحل النزاعات.

حيدر علييف: شكرا، ونحن نحتاج الى هذا بالذات. اذا استطعتم طرح اقتراح حول الحكم الذاتي او السلطة الذاتية لناغورني كاراباخ، يسمح لنا بتطبيقه ونوافق عليه مع ارمينيا فقد يكون هذا حدثا كبيرا. قد يساعدنا اقتراح تطرحونه في معالجة النزاع مع ارمينيا. لانها لا تقبل ما نقدمه من الاقتراحات حول السلطة الذاتية. لكن اذا قمتم بهذا باعتباركم ممثلي لجنة فينيسيا ومجلس اوربا واصررتم عليه قد يكون مساعدة كبيرة جدا. اتمنى لكم النجاحات في اعمالكم. مع السلامة.

صحيفة \"اذربيجان\"، ٢٢ ابريل عام ١٩٩٩