مؤلفاته / إستراتيجية النفط / خطوط أنابيب النفط والغاز

خطاب حيدر علييف الرئيس الأذربيجاني في حفلة مهيبة مكرسة لتدشين خط أنابيب باكو- سوبسا / سوبسا، - ١٧أبريل عام ١٩٩٩


scotch egg
scotch egg
scotch egg
temp-thumb
temp-thumb
temp-thumb

صاحب السمو، رئيس جورجيا المحترم ادوارد شيفردنادزه!

صاحب السمو، رئيس أوكراينا المحترم ليئونيد كوجما!

السيدات والسادة، الضيوف والأصدقاء!

أرحب بكم من صميم القلب وأعرب عن سروري الكبير بمناسبة هذا اللقاء المثمر. أوجه سلامي الصميم إلى الشعب الجورجي وجميع مواطني جورجيا وأتمنى لهم السلام والسعادة والتنمية.

اننا اليوم نشهد حدثا تاريخيا. قد اكمل العمل المثمر الكبير مثل إنشاء خط أنابيب باكو - سوبسا ونحتفل احتفالا بإرسال أول ناقلة نفط تحمل النفط الأذربيجاني من بحر قزوين إلى الأسواق العالمية.

في مطلع قرننا قد أنشئ خط أنابيب النفط باكو - باطومي، وهو أول خط أنابيب النفط في أوربا. شيدنا الآن في مفترق القرنين العشرين والحادي والعشرين خط أنابيب النفط باكو - سوبسا الذي سيقوم بتصدير النفط الأذربيجاني إلى الأسواق العالمية. حُقّق هذا بفضل الجهود المشتركة المبذولة من قبل كل من جورجيا وأذربيجان وشركات بترول منضمة إلى الشركة العملياتية الدولية الأذربيجانية. إنه حصاد منطقي للجهود التي بذلناها منذ عام ١٩٩٧. وهذا تحقيق عملي لـ"اتفاقية العصر" الموقع عليها في ٢٠ سبتمبر عام ١٩٩٤ في اذربيجان بين شركة البترول الحكومية الأذربيجانية و١١ شركة بترول عملاقة تمثل ٩ بلدان عالمية. إبرام "اتفاقية العصر" في ٢٠ سبتمبر عام ١٩٩٤ يعتبر بداية تحقيق استراتيجية وسياسة النفط الجديدة لأذربيجان المستقلة.

أذربيجان بلد قديم للنفط والغاز. منذ ٥٠ سنة بدأت أذربيجان تستخرج النفط من أعماق البحر عن طريق صناعي لأول مرة في التجربة العالمية. في نوفمبر عام ١٩٤٩ حدثت ثورة نفطية قوية في "نفط داشلاري" ببحر قزوين، ووضعت هذه بداية مرحلة جديدة في مجال إنتاج النفط من البحار في العالم.

أصبحت أذربيجان في عصرنا هذا مبادرة لبدء إنتاج الموارد الهيدروكاربونية في بحر قزوين بالمشاركة مع شركات بترول لعدد غير قليل من بلدان العالم. أما "اتفاقية العصر" الموقع عليها سنة ١٩٩٤ فأرست أساس تنفيذ استراتيجية النفط هذه. لم يكن هذا بسهولة. صمدنا لمحن كبيرة وجاورنا عوائق هائلة أمام توقيع الاتفاقية وتحقيقها.

لكن واجهتنا حتى بعد توقيع الاتفاقية صعوبات كبيرة، بل وأحداث مأساوية. بعد توقيع الاتفاقية بأيام قليلة حققت في أذربيجان أعمال إرهابية ضد رجالات السياسة لبلدنا. بعده بعدة أيام حدثت في أذربيجان محاولة انقلاب حكومي مسلح من قبل مخابرات بعض الدول والقوى الرجعية الداخلية. لكن الحكاية لم تنته بعد. عادوا يقومون بمحاولة انقلاب حكومي بعد عدة أشهر. ثم سعوا إلى القيام بأعمال إرهابية عدة. ليس كل هذا إلا لأن أذربيجان بصفتها دولة مستقلة بدأت ترسم سياساتها بشكل مستقل وحددت بصورة مستقلة طرق الاستفادة من خيراتها وثرواتها النفطية والغازية كما يجب أن يكون عليه الحال ووفرت تدفق استثمارات أجنبية إليها وإلى منطقة حوض بحر قزوين بأسره من خلال تحقيقها هذا بالشراكة مع شركات البترول الغربية.

صمدنا لكل هذه الصعوبات. وتحقق "اتفاقية العصر". استخرجنا في نوفمبر عام ١٩٩٧ الحصيلة الأولى من النفط من مكمن "جيراق" وبدأنا نقلها عبر خط أنابيب النفط باكو - نوفوروسييسك. وأنشئ هذا الخط لهذا الغرض خاصة طبقا للاتفاقية الموقع عليها بين روسيا الاتحادية وأذربيجان.

بيد أننا وقتئذ، حين كنا نخطط بناء خطوط لتصدير النفط إلى الأسواق العالمية ارتأينا إنشاء خط أنابيب النفط البديل في الاتجاه الغربي. أقول بصراحة أنه لاقى في بعض الأوساط وبعض البلاد معارضة كبيرة. لكننا في النهاية قضينا وطرنا وبدأنا تخطيط مشروع خط أنابيب النفط باكو - سوبسا بتوقيع الاتفاقية بين جورجيا وأذربيجان اتخذنا أعمالا ضرورية لإنشائه.

ومن دواعي سروري العميق هو أننا أنجزنا تحقيق المشروع الضخم المتعلق بإنتاج وتصدير النفط خلال مدة تزيد عن ٤ سنوات.

من الطبيعي أن كل هذا حصاد المجهودات المشتركة. ونواصل هذا العمل بالتعاون مع عدد كثير من شركات بترول عالمية من خلال إبرام أول اتفاقية عام ١٩٩٤. إن دعم شركات البترول العالمية واهتمامها الكبير بالموارد الطبيعية، الموارد الهيدروكاربونية المخزونة في بحر قزوين وفي القسم الأذربيجاني منه، والاستثمارات الأجنبية ستوفر نجاح هذا المشروع.

خلال الفترة المنصرفة من سبتمبر عام ١٩٩٤ أبرمت شركة البترول الحكومية الاذربيجانية ١٥ اتفاقية كبرى أخرى حول الاستغلال المشترك لمكامن النفط والغاز المتواجدة في القسم الأذربيجاني لبحر قزوين وفي القسم البري من أراضي أذربيجان. تساهم في هذه الاتفاقيات ٣٢ شركة بترول عملاقة تمثل ١٤ بلدا للعالم. وهذا عمل كبير بمكان أنجزنا في مجال جذب استثمارات لاستغلال الموارد الطبيعية لبحر قزوين. من خلال مبادرتنا شجعنا عمل انتاج الغاز والنفط في الأقسام الاخرى لبحر قزوين. تتم الأعمال الكبيرة في الأقسام الكازاخستانية والتركمانية والروسية والإيرانية أيضا. يسرنا كل هذا، لان بحر قزوين يملك احتياطيات النفط والغاز الهائلة للغاية وتكفي كل هذا لكل الدول المشاطئة له. لكل بلد قسمه الخاص وله احتياطياته. أما أذربيجان فتعمل داخل حدود قسمه الخاص، وفيه موارد الغاز والنفط الغنية.

أما بعض الأوساط المعادية التي لم تستطع الحيلولة دون تحقيق استراتيجيتنا النفطية فاستهلت بصنع ونشر انباء وأفكار شتى مؤداها أن أذربيجان تبدو وكانها احاطت المجتمع الدولي بمعلومات كاذبة، وأن بحر قزوين لا يمتلك قدرا متوقعا من النفط واهتمام بعض الشركات البترولية ببحر قزوين وخاصة بالقسم الأذربيجاني تتضاءل. كل هذا أكاذيب وأقاويل! بالطبع ان هذه الأنباء الكاذبة لا تستطيع تغيير الرأي العام. لكني اريد ان أوضح أنه من المتوقع توظيف نحو ٥٠ مليار دولار من الاستثمارات إلى أذربيجان وفقا للاتفاقيات السبع عشرة الموقعة. ويتراوح حجم احتياطيات النفط في الحقول المتعاقد عليها في هذه الاتفاقيات بين ٤ - ١٠ مليارات طن. لكن كل هذا أرقام بدائية. بالمناسبة، في قسمنا في بحر قزوين والقسم البري حقول نفطية كثيرة تنتظر استغلالها. يتوقع قريبا توقيع ٣ اتفاقيات هائلة مع شركات بترول أمريكية. فهذا هو الإجابة على الأخبار المزعومة التي تروج في وسائل الاعلام الجماهيرية المختلفة لبعض الدول.

فهكذا تعطي الأعمال المبتدئة في سنة ١٩٩٤ نتائجها العملية. وخط أنابيب النفط باكو - سوبسا ومنشاة جميلة شيدت هنا وامكانية ملائمة توفرت لأداء الأعمال بنجاح وضخ النفط بدون انقطاع ولنقله إلى الاسواق العالمية دليل صارخ عليه.

إن خط أنابيب باكو - سوبسا هو نموذج باهر للصداقة والتعاون القائمين بين جورجيا وأذربيجان. تعاونت شعوبنا دائما تعاونا مثمرا وناجحا. صداقة الشعبين الجورجي والأذري المتعددة القرون ثروة لا بديل لها بالنسبة لنا. اننا نحفظ هذه الصداقة ونطورها ونوسعها في مستوى جديد.

هناك كثير من الأمثلة للتعاون المثمر بين جورجيا وأذربيجان. لكن خط أنابيب باكو - سوبسا هو، بلا شك، ذروة هذا التعاون في المرحلة الراهنة.

مع هذا، لتعاوننا آفاق رحبة. في أكتوبر من السنة الماضية وقعنا في أنقرة على بيان يتعلق بإنشاء خط أنابيب النفط باكو - تبيليسي - جيهان. فيستمر هذا العمل. مؤخرا قبيل بضعة ايام قام مركز الدراسات الاستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية بمناقشة واسعة لمشروع باكو - تبيليسي - جيهان في اسطنبول. اشترك في المناقشة السيد مورنينجستار والسيد كاليتسكي الذين حضرا اليوم هنا وموفدو تركيا وأذربيجان. أبرم هنا بروتكول بين تركيا وأذربيجان حول إجراءات عملية ملموسة تخص تحقيق إنشاء خط أنابيب النفط باكو - تبيليسي - جيهان. تحدد ان كل المسائل الفنية والمالية لبدء مرحلة تالية من تحقيق مشروع باكو - تبيليسي - جيهان يجب استقصاؤها خلال ٣ سنوات.

والمشروع المهم الآخر هو عن نقل الغاز التركماني إلى تركيا عبر أذربيجان وجورجيا. أبرمت اتفاقية بهذا الصدد بين تركيا وتركمانستان في أكتوبر السنة الماضية والمشروع يحقق الآن. تلعب أذربيجان وكذلك جورجيا دورا هاما في تحقيق هذا المشروع.

قصارى القول، أمامنا أعمال هائلة وخط أنابيب النفط باكو - تبيليسي - جيهان وخط أنابيب الغاز تركمانستان - أذربيجان - جورجيا - تركيا مشروعات ضخمة جدا ستضمن تعاوننا وخاصة التعاون القائم بين جورجيا وأذربيجان.

يجب القول إننا نرى في كل هذه الأعمال دعم أصدقائنا ومعاملتهم الطيبة. من بين هؤلاء الأصدقاء أوكراينا ورئيسها السيد المحترم ليئونيد كوتشما دانيلوفيتش. إن تعاون أذربيجان وجورجيا مع أوكراينا والجهود النشطة للرئيس ليئونيد دانيلوفيتش كوتشما في هذا المجال تلعب دورا هاما بكثير في هذا المجال. بفضل مساعينا يرتبط بحر قزوين بالبحر الأسود اقتصاديا. يجب ان ترتبط أوكراينا وجورجيا في البحر الاسود وأذربيجان وكازاخستان وتركمانستان وروسيا في بحر قزوين وغيرها من دول منطقتنا بأوثق ارتباط فيما بينها لتحقيق مشروعات ضخمة في المنطقة.

كل هذه الأعمال، خط أنابيب النفط باكو- سوبسا في الحالة الراهنة هدية هامة لتوطيد الاستقرار والسلام في القوقاز. إننا في حاجة ماسة إلى السلام وإلى قوقاز مستقرة والى الاستقرار. وعلينا أن نحد من نزاعات مسلحة وأن ننشئ علاقات أحسن والصداقة بين بلدان القوقاز والبلدان المجاورة. لذا خط أنابيب النفط باكو- سوبسا عامل كبير للاستقرار والسلام في منطقتنا.

عند حديثي عن هذه المسائل لا بد لي أن أشير إلى الدعم الكبير لعدد كثير من بلدان العالم، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية التي تهتم باستغلال الموارد الهيدروكاربونية لبحر قزوين. إننا نقدر هذا الدعم في توقيع "اتفاقية العصر" عام ١٩٩٤. نقدر كذلك الدعم في حل مسألة مد خط أنابيب باكو- سوبسا للغرب. والآن نقدر الدعم في سبيل إنشاء خط أنابيب النفط باكو- تبيليسي - جيهان.

حقق مشروع خط أنابيب الغاز الممتد من تركمنستان إلى تركيا عبر بحر قزوين بفضل جهود كبيرة بكثير لحكومة الولايات المتحدة الأمريكية. تلفنا مشاعر الفرح العميق من بعث بيل كلينتون رئيس الولايات المتحدة الأمريكية رسالة التهنئة بخصوص هذا الحدث المرموق. أعتقد أن كل هذا أرسى أساسا حسنا لتعاون جورجيا وأذربيجان وأوكراينا مع البلدان الغربية، الأوربية ومع الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية. إننا نبدي هذا بالغا من الأهمية وسنحقق كل ما يلزم من التدابير في أعمالنا اللاحقة لازدياد هذا التعاون نجاحا.

أهنئ من صميم القلب الأصدقاء الأعزاء، ومنهم صديقي الرئيس الجورجي إدفارد شفاردنادزه والشعب الجورجي جميعا وكل الأصدقاء الحاضرين بمناسبة هذا الحدث المشهود. الأصدقاء الأعزاء، أتمنى لكم السعادة والرفاهية والنجاح.

أهنئ الشركة العملياتية الدولية الأذربيجانية بمناسبة ما توصلت إليه من النتائج الحسنة في تحقيق "اتفاقية العصر" وفي إنشاء خطين لأنابيب النفط باكو- نوفوروسييسك وباكو-سوبسا. حققت أعمال هائلة خلال أقصروقت. والجدير بالذكر أن القوى التي كانت حينذاك تعارض مخططاتنا كانت تدعي أن هذا المشروع غير واقعي ولا يمكن تحقيقه. في سبتمبر لهذه السنة ستنصرف ٥ سنوات على توقيع هذه الاتفاقية، لكن انظروا، كم من الأعمال العظيمة حققت وأرسي أساس كبير لمواصلة الأعمال فيما بعد. أشكر شكرا جزيلا لكل الشركات المنضمة إلى كونسورسيوم الشركة العملياتية الدولية الأذربيجانية وقياديي هذه الشركة.

أرحب بليئونيد دانيلوفيتس كوتشما هنا في جورجيا، سواء أكان في أذربيجان أو في جورجيا، من صميم القلب. أي حضوره في جورجيا كما أنه في أذربيجان. أرحب به وأسرّ أنه خصص انتباها كبيرا لهذا الحدث. يسرني أن لأوكراينا مشاريعها المتعلقة باستغلال موارد بحر قزوين. أعتبر أن خط أنابيب "أودسا - برودي" والخط المزمع مده منها إلى بولونيا في أرض الواقع أيضا وعلينا أن نأخذ هذا الواقع بعين الاعتبار ونعمل عليه. من هذا المنظور حضور ليئونيد كوتشما الرئيس الأوكرايني المحترم فيه طبيعي تماما، وفي نفس الوقت حدث مشهود بالنسبة لنا أجمعين.

أهنئكم جميعا من صميم القلب وأثق بأن خط أنابيب باكو- سوبسا سيعمل ويعيش خلال القرن الحادي والعشرين قاطبة.

شكرا جزيلا لكم لحسن انتباهكم، أتمنى لكم أجمعين الصحة والسعادة والرفاهية.

معلومات تأريخية عامة

إستراتيجية النفط