مؤلفاته / السياسة الخارجية / أذربيجان - روسيا الاتحادية

خطاب حيدر علييف الرئيس الأذربيجاني في استقبال رسمي اقيم على شرف فلاديمير بوتين الرئيس الروسي - ٩ يناير ٢٠٠١


السيد الرئيس المحترم فلاديمير فلاديموروفيتس بوتين رئيس روسيا الاتحادية!

الضيوف، السيدات والسادة الكرام!

فلاديمير فلاديموروفتس، أرحب بك وبالأشخاص المرافقين لك في أذربيجان من صميم القلب. إننا ممتنون بانك قمت بزيارة رسمية إلى أذربيجان تلبية لدعوتي. تحمل هذه الزيارة أهمية بالغة للغاية في حياة جمهورية أذربيجان المستقلة وأهمية كبيرة في العلاقات الروسية الأذربيجانية. سارت الأمور إلى أن لم يقم رئيس روسي بزيارة إلى أذربيجان بعد حصول أذربيجان على استقلالها ونيل روسيا الاتحادية سيادتها، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وظهور دول مستقلة. كنا نريد ولكنه ما كان يحدث. دعوتُك إلى أذربيجان ووافقتَ عليها. لكن، كما هو المعلوم، كانت تتضارب الأنباء حول الزيارة. إذ أن كل شخص يقول فكرته، لذا كان هنا كثير من الناس الذين ما كانوا يريدون هذه الزيارة، هم كانوا يتنبأون أن الزيارة سوف لا تتم. لكن الزيارة تمت واليوم إنك فلاديمير فلاديموروفيتس المحترم حضرت أذربيجان. اشكرك من صميم القلب لقيامك بزيارة رسمية إلى أذربيجان تلبية لدعوتي. وهذا، بلا شك، حدث ذو أهمية تأريخية. يمضي اليوم الأول من الزيارة. ويمكن القول إن كثير ما نوينا تنفيذه من الأعمال أثناء هذه الزيارة قد حققت. نتجاسر على القول بأن الزيارة ناجحة، وتحققت وزادت النتائج عما توقعناه. والمهم هو أننا نظهر امام كل العالم وجود علاقات الصداقة بين روسيا الاتحادية وأذربيجان.

كانت ثمة مراحل مختلفة تدهورت فيها علاقاتنا بعد نيل أذربيجان استقلالها. يبدو وكأن هذا هو من الأسباب التي عرقلت تحقيق مثل هذه الزيارة. لكن اليوم أظهر ان معظم المسائل التي كانت تعرقل إجراء لقاء بيننا وزيارتك كانت غير حقيقية. والواقع هو اننا حققنا اليوم عملا مثمر جدا. لذا نتجاسر على القول ان الزيارة ناجحة جدا، نجحت الزيارة، هي مرحلة مهمة في حد ذاتها، تدشن مرحلة جديدة في العلاقات المتبادلة بين روسيا الاتحادية وأذربيجان.

إن تأريخ العلاقات القائمة بين روسيا وأذربيجان، بين الشعبين الروسي والأذربيجاني يتصف بعدة أحداث مشهودة. نقدر هذا تقديرا عاليا أنه قد أنشئت علاقات طيبة بين الشعب الأذربيجاني والشعب الروسي عندما كان في عداد هذه الدولة خلال مائتي سنة تقريبا وتحولت هذه العلاقات إلى الصداقة الوثيقة. إننا نقدر تقديرا عاليا في أذربيجان ما أحرزه الشعب الأذربيجاني من الانجازات من خلال حياتهما المشتركة في عداد دولة واحدة - في المملكة القيصرية في الماضي، في عداد الاتحاد السوفييتي فيما بعد. والأهم بالنسبة لنا هو أنه بدأ ظهور عناصر نمط الحياة العلمانية في أذربيجان تحت تأثير الثقافة الروسية. تلقى الأذربيجانيون تعاليمهم في روسيا وأصبحوا فيما بعد مثقفي شعبهم وحققوا المزيد للنهضة الوطنية ولتطور العلم والتعليم والثقافة والفنون الجميلة. قد طرأت تغيرات كبيرة للغاية في أذربيجان خلال القرن الماضي. قد توسع مجال التعليم، وتأسست مؤسسات التعليم العالي، والبحث العلمي وحققت عدد غير قليل من الأعمال. توصلنا إلى كل هذا بمساعدة ممثلي الشعب الروسي، المثقفين الروس، رجالات الثقافة، رجلات الفنون الجميلة. لعب كل هذا دورا كبيرا للغاية في استيعاب الشعب الأذربيجاني القيمَ عامة البشرية، القيمَ الاوربية وفي إنشاء مجتمع علماني في أذربيجان. وتطورت الاقتصاد والصناعة والزراعة في أذربيجان خلال القرن الماضي. وإعادة إنشاء الحياة بأكملها وثيق الارتباط بروسيا وبمساعدة مدتها روسيا واخصائيون روس علينا. ربما يقدرون هذا في روسيا أن النفط الأذربيجاني لعب دوره في تطوير اقتصاد روسيا والاتحاد السوفييتي بأسره وتطوير الصناعة والتصنيع. نقول بافتخار أن عمال النفط الأذربيجانيين ساهموا عن كثب في عدد كثير من مكامن النفط والغاز في مختلف مناطق روسيا الاتحادية والاتحاد السوفييتي السابق بأسره. كل هذا وقائع مختلفة للتاريخ. أما الأهم اليوم فهو أنه أنشئت دول مستقلة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وبدات روسيا الاتحادية تحقق إصلاحات اقتصادية واجتماعية وتنفذ مبادئ الديموقراطية واقتصاد السوق معلنة سيادتها. أصبح هذا نموذجا اقتدت به الدول المستقلة عن الاتحاد السوفييتي السابق. نشيد هذا أن روسيا تسير في طريق تطبيق الديموقراطية في الدولة والحياة الاجتماعية وتطور اقتصاد السوق وإحلال مبادئ الحرية - حرية الكلام، حرية الصحافة. وكل هذا يحقق في أذربيجان أيضا. قد حققت هذه الأعمال عندنا بقدر من الصعوبة والتعقيد. إننا تمكنا من الوصول إلى طريق سهل لتطوير الديموقراطية، إجراء إصلاحات اقتصادية وإحلال مبادئ اقتصاد السوق. تقوم الآن اذربيجان كدولة مستقلة بعلاقات الصداقة الوثيقة وتتعاون مع روسيا الاتحادية في جميع المجالات على أساس الحقوق المتساوية. فهذا مرحلة جديدة في الحياة وفي التاريخ الكبير للعلاقات القائمة بين روسيا وأذربيجان. هذا طريق معقد، غير سهل. تعرضنا جميعا لصعوبات هذه الفترة. لكن، مع هذا، لتذليل هذه الصعوبات تقتضي إقامة تعاون أوثق، توطيد العلاقات، وتعميق وتوسيع العلاقات المتبادلة في جميع المجالات.

ويتضح من المحادثات والمستندات الموقعة اليوم أننا في طريق مستقيم ونتقدم في طريق تطوير تعاوننا وتوطيد الصداقة بين روسيا الاتحادية وأذربيجان. إن بيان باكو الذي وقعه الرئيس الروسي والرئيس الأذربيجاني له أهمية بالغة. في البيان قد وجدت مبادئ جديدة لعلاقاتنا المتبادلة عكسها، والمهم هو أنه يشترط رفع مبادئ الشراكة الاستراتيجية القائمة بين روسيا الاتحادية وأذربيجان إلى مستوى جديد. إننا نقدر هذا المستند تقديرا عاليا ونعتقد أنه يمهد سبيلا لزيادة توسيع وتعميق علاقاتنا. من بين المستندات الموقعة تصريح عام أدلي حول التعاون في بحر قزوين يحمل منتهى الأهمية. فهذا يفتح طريقا لتعاون كافة الدول المطلة على بحر قزوين على أساس تلبية المصالح الوطنية لكل بلد بدون شروط وقيود. أما المستندات الأخرى ذات الطابع الاقتصادي فهي الأخرى تحمل أهمية كبيرة بالنسبة لنا. والأهم هو الحوار الذي أجريته مع فلاديمير فلاديموروفيتس المحترم وجها لوجه حول العلاقات المتبادلة القائمة بين بلدينا، حول كافة المسائل تقريبا وحول جميع المسائل المتعلقة بمنطقتنا والأوضاع الدولية. أريد أن أذكر بكل الامتنان أننا اكتشفنا وجود التفاهم وتطابق أفكارنا ومواقفنا والأهم، حرصنا على تعميق وتطوير تعاوننا أكثر مما كان وتوطيد صداقتنا.

إن مشاكلنا في القوقاز كثيرة. كان هذا الموضوع يحتل مكانا خاصا في مفاوضاتنا. بالطبع، نهتم بكل المشاكل الموجودة في القوقاز بمعنى اننا نريد قوقازا آمنة. ويجب أن يستقر الوضع الاجتماعي - السياسي في كافة البلدان القوقازية وتقيم البلدان القوقازية فيما بينها تعاونا على مستوى الواجب. لكن معالجة النزاع الأرميني - الأذربيجاني حول ناجورنو كاراباخ تحمل أهمية بالغة للغاية بالنسبة لنا ولأذربيجان. تعاني كل القوقاز، من بينها أذربيجان وأرمينيا من هذا النزاع. يعطل هذا النزاع الاستفادة من كثير من امكانياتنا في تطور اقتصاد منطقتنا. تعني روسيا بهذه المشكلة منذ اندلاع هذا النزاع. عنيت روسيا بهذه المشكلة حتى قبل تأسيس مجموعة مينسك لمنظمة الأمن والتعاون في أوربا في سنة ١٩٩٢. على مدى هذه المرحلة روسيا تشترك في هذه العملية. وزد على هذا، منذ عدة سنوات وهي إحدى من الرؤساء الأعضاء الثلاث مثل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا في مجموعة مينسك لمنظمة الأمن والتعاون الأوربي.

ناقشنا اليوم مسألة متعلقة بتسوية النزاع بالطرق السلمية. إننا نظل نعتمد بشكل قطعي على مواقف إحلال السلام، واحلال السلام في القوقاز واحلال السلام بين أرمينيا وأذربيجان. وهذا، بالطبع، من خلال الالتزام بكافة الأعراف القانونية الدولية، خاصة بمبادئ الوحدة الترابية وسلامة الحدود. لذا المستند الذي وقعنا عليه اليوم مهم جدا بحيث أن هذه المبادئ وجدت عكسها فيه.

يعلقون عندنا في اذربيجان آمالا كبيرة بدور روسيا في معالجة النزاع الأرميني الأذربيجاني. أريد أن أقول بمشاعر الامتنان الكبير: قد باين اليوم فلاديمير فلاديموروفيتس في مؤتمر صحفي أن روسيا ترى تعزيز مساعيها ضرورية. تصر روسيا على معالجة هذه المسألة بالطرق السلمية. إن صح القول، يبعث هذا الأمل والإيمان بمعالجة هذه المسألة، بل معالجة وشيكة.

نفهم أن هذا نزاع معقد. تتطلب تنازلات متبادلة. نعتبر أن هذه التنازلات يجب أن تكون من كلا الطرفين أي من قبل أرمينيا وكذلك من قبل اذربيجان. تتمتع روسيا بنفوذ كبير في القوقاز وفي جميع بلداننا وبلا شك، تستطيع أن تلعب دورا حاسما في تسوية هذه المشكلة . نعيش و سنعيش بهذا الأمل. نأمل أن يعالج النزاع بالطرق السلمية وتتحرر الأراضي الأذربيجانية التي احتلت من قبل القوات المسلحة الأرمنية ويعود مليون لاجئ إلى أوطانهم الأم ويحل السلام بين أذربيجان وأرمينيا.

نعلم أن روسيا هي الأخرى يعمّها كثير من المشاكل، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي كانت الحياة في روسيا غير مستقرة لمدة طويلة. ظهرت الصعوبات والمشاكل. إننا الدول المستقلة - اعني أذربيجان والدول الأخرى المستقلة حديثا عن الاتحاد السوفييتي السابق - أخذنا روسيا دائما نموذجا لنا وهكذا ظل خلال هذه السنوات. إننا دائما اعتبرنا ولا نزال في اذربيجان أن المستوى العالي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لروسيا واستقرار روسيا الاتحادية وتحقيق الاصلاحات بنجاح والسياسة الخارجية الناجحة لروسيا تحمل أهمية كبيرة ليس فقط لروسيا بنفسها بل وللبلدان المتآخمة معها، من بينها أذربيجان.

نشاهد اليوم بمشاعر الفرح الكبير الأعمال، الأعمال الإيجابية الجارية في روسيا. يدور الحديث عن تعزيز دولانية روسيا الاتحادية، ومكافحة الارهاب والتطرف والانفصالية العدائية. يدور الحديث عن زيادة دور روسيا في معالجة المسائل الدولية. روسيا بلد كبير. لها إمكانيات كبيرة جدا. ولذا يجب على روسيا أن تلعب دورا مهما حقا في معالجة عدد كثير من المسائل الدولية خاصة في المرحلة الحديثة.

علي أن أقول إن التغيرات الإيجابية التي تحدث في السياسة الخارجية وكذلك السياسة الداخلية في روسيا وفي تعزيز دولانيتها تسرنا من هذا المنظور. للرئيس الروسي فلاديمير فلاديموروفيتس بوتين دور كبير للغاية في كل هذا. نشاهد نحن جميعا وهذا واقع حقيقي أنه تطرأ تغيرات جذرية وسريعة في روسيا، داخل البلد بعد انتخاب فلاديمير فلاديموروفيتس بوتين رئيسا لها. تغير تماما سمعة روسيا على الصعيد الدولي وهذا بالطبع يكسب أهمية كبيرة.

لذا نرحب بأن الرئيس فلاديمير فلاديموروفيتس بوتين يوحد اليوم كل المجتمع في روسيا الاتحادية توحيدا وثيقا ويعزز دولانيتها ويمارس السياسة الخارجية الديناميكية ويخطو خطوات ملموسة في السياسة الخارجية.

أبدي احتراما عميقا إلى فلاديمير فلاديموروفيتس بوصفه رئيسا وإنسانا. لا شك أن لكل إنسان مواقفه وأراءه. اكتسب فلاديمير فلاديموروفيتس بوتين نفوذا كبيرا خلال أقصر وقت ممكن بجميع نشاطه وبقراءته الواقعية لكافة المشاكل وببساطته وسعيه إلى إقامة علاقات عادلة مع بلدان رابطة الدول المستقلة والبلدان الأخرى. إنه اكتسب نفوذا كبيرا في روسيا، وكذلك في جميع بلدان رابطة الدول المستقلة. لقد اكتسب نفوذا كبيرا في العالم أيضا.

أريد ان أقول مرة أخرى إن استقرار الأوضاع في روسيا وتطور الاقتصاد والمجال الاجتماعي، وتعزيز مواقف روسيا على الصعيد الدولي يحمل أهمية بالغة لكافة البلدان المتآخمة مع روسيا، قبل كل شيء أتحدث باسمي، باسم أذربيجان.

تميز فلاديمير فلاديموروفيتس بخصائص ضرورية من هذا المنظور خلال وقت قصير ولذا اكتسب نفوذا كبيرا في روسيا. لا تعز عليك عندما أقول إن نفوذ قيادة روسيا في الماضي القريب لم يكن كبيرا. والحق يقال، ربما كان هذا من أسباب حدوث الاحداث المختلفة. قد استطاع فلاديمير فلاديموروفيتس إظهار خلال مدة قصيرة أنه كيف يمكن توحيد الأمة والمجتمع توحيدا وثيقا، كيف يمكن تعزيز مقومات الدولة وكيف يمكن تحقيق السياستين الداخلية والخارجية الناجحتين.

كنا نشتكي من أن الرئيس الروسي لم يقم بزيارة رسمية حتى الآن إلى أذربيجان المستقلة، فها هنا لقد حان الحين لزيارة الرئيس الروسي فلاديمير فلاديميروفيتس بوتين إلى اذربيجان. إنه يمثل قائدا جديدا ذو وعي معاصر وله أراءه العصرية، والأهم يحترم جدا لجميع الشعوب وجميع الدول. لذا فلاديمير فلاديموروفيتس، أنت تتمتع بنفوذ كبير في اذربيجان وذاع صيتك في العالم. فهذا أساس لتطور روسيا الاتحادية تطورا كبيرا وبالطبع، يحمل أهمية كبيرة للغاية لزيادة العلاقات بين روسيا واذربيجان سعة وعزة.

فلاديمير فلاديموروفيتس، دعوتـَني اليوم إلى القيام بزيارة رسمية إلى روسيا. شكرا جزيلا لك، أشكرك. سأستفيد من هذه الدعوة، عامة بعد انتخاب فلاديمير فلاديميروفيتس رئيسا لروسيا أجرينا لقاءات وحوارات كثيرة ومباحثات كثيرة ربما لم يشهدها رؤساء روسيا منذ زمان.

لذا هذه الزيارة هامة جدا لنا، لها أهمية كبيرة بمكان. أشكرك مرة أخرى ومن جديد لزيارة قمت بها إلى بلدنا. قد تمكنا من مناقشة عديد من المسائل ومن توقيع عدة مستندات.

أقترح نخب شرف روسيا الاتحادية وشرف الشعب الروسي وشرف الصداقة بين أذربيجان وروسيا وشرف الصداقة بين الشعبين الروسي والأذربيجاني وشرف فلاديمير فلاديميروفيتس بوتين الرئيس الفاضل المحترم لروسيا، رئيس دولة روسيا.

والسلام عليكم.

تعليقات قصيرة

السياسة الخارجية

معلومات تأريخية عامة

السياسة الخارجية

معلومات تأريخية

السياسة الخارجية