مؤلفاته / السياسة الخارجية / أذربيجان - منظمات دولية

من حديث حيدر علييف رئيس الجمهورية الأذربيجانية عند استقباله وفد الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون في أوربا برئاسة السيدة هيلي داين رئيسة هذه الجمعية - قصر الرئاسة، ١ يونيو عام ٢٠٠٠


حيدر علييف: الرئيس المحترم، الضيوف الكرام. أهلا وسهلا بكم في أذربيجان! أحييكم من صميم القلب.

السيدة الرئيسة المحترمة، أشكرك خاصة لمجيئك إلى أذربيجان تلبية لدعوتي، أتذكر لقاءنا الذي عقد في اسطنبول بخالص الامتنان حيث اجرينا معك حديثا طيبا جدا. وكان حديثنا صميميا ووديا جدا، صحيح، لعل الظروف التي تحدثنا فيها ما كانت جيدة إلى درجة ما، لكن حديثنا كان عذبا إلى درجة لم تؤثر الظروف على هذا.

أعلم أنك هنا منذ الامس، واجريت لقاءات كثيرة. إنما هذا هو السبب الذي جعلني أدعوك إلى هنا. لأننا بوصفنا عضوا في منظمة الامن والتعاون في أوربا نريد أن تأتي منظماتها برمتها وترى بلدنا بقدر الإمكان وتتعرف بمواطنينا. من الطبيعي أن هذا حلم لكل بلد ولكل شعب. إذ أن كل بلد وكل شعب يريد أن يعرفوه في العالم أحسن معرفة.

لكننا في أشد الحاجة إلى ذلك. أولا، قد تكونت تصورات جائرة، تشكلت افكار غير عادلة حول أذربيجان في شتى البلدان ، خاصة في الغرب - في أوربا فيما يتعلق بالنزاع الارمني الأذربيجاني، ثانيا لأننا بلد في قارة أوربا، نعتبر أنفسنا أوربيين. لكن مع الأسف، فإن البعض يعتقد في أوربا أن أذربيجان ليست بلدا أوربيا وهوية أذربيجان ليست كهوية أوربية، بالطبع أنهم يخطئون. لكن مثل هذه الأفكار أيضا تترك أثرا.

اظن انك رايت بنفسك أمس وكذلك اليوم أذربيجانَ. صحيح، هذا قليل جدا. إذا بقيت لوقت طويل صرت ممتنا جدا. لكن وربما يمكن أن نكتفي بهذا للفترة الأولى. أنا ممتن جدا من لقاء معك. تفضلي، أستمع إليك.

هيلي داين: السيد الرئيس، قبل كل شيء أعرب عن فائق الشكر لكم على كلماتكم الجميلة تلك التي قلتموها عني مرحبا بي في بلدكم. أنا ممتنة من زيارتي إلى اذربيجان.

أما هدف وأسباب زيارتي إلى هنا فانتم مصيبون عنها. إنما أتيت إلى اذربيجان للاطلاع على هذه المسائل. فإننا نحتاج إلى أذربيجان باعتبارها عضوا في النادي الذي يضم بلداننا، وكذلك لأذربيجان حاجة إلى عضوية هذا النادي.

من هذا المنطلق، اعتبر أنه قد اتخذت في إطار اجتماع قمة اسطنبول قرارات في غاية الأهمية. ومن اهمها هو إعادة إعلان تمسكها بالتوصل إلى معالجة النزاعات المجمدة في الدول الأعضاء في منظمة الأمن والتعاون في أوربا ، لا شك في أنه لا يمكن التوصل إلى ذلك في ليلة واحدة، وهذا يحتاج إلى الزمن. لكن علينا أن نحقق هذه المهمات.

لقد واجهنا الامكانيات الجديدة عندما تركنا القرن الماضي ودخلنا إلى الألفية الجديدة. يجب أن تقلب صفحة من تاريخ بلدكم، وفي نفس الوقت صفحة من تاريخ أوربا أيضا. ليس هذا لأننا نستطيع حل مسائلنا من خلال جهودنا المشتركة فقط، بل لأننا نقدر معا على حل المسائل التي نواجهها.

إن عولمة الأسواق والإعلام والعملات النقدية هي المسائل التي نواجهها جميعا. علينا أن نؤيد بعضنا البعض لتحقيق المهمات وتذليل الصعوبات الناتجة عن العولمة. أنا ممتنة من أن أرى أذربيجان في صفوف البلدان الساعية إلى الاقتراب من أوربا وأرحب بهذا. وأعتبر أنه علينا أن ننشئ علاقات أكثر كثافة في مجالات التجارة والثقافة والتعليم وغيرها من المجالات الكثيرة وأن نقلب معا صفحات كتبنا التاريخية.

لذا أعرب عن امتناني من زيارتي الى بلدكم باسم منظمة الامن والتعاون في أوربا وباسم الجمعية البرلمانية لمنظمة الامن والتعاون في اوربا ومن تقديم دعمنا لكم في إطار إمكانيات هيآتنا. كما اعرب عن املي في أن يقبل بلدكم هذا الدعم ويتوصل سرعان ما الى فتح تمثيلية منظمة الامن والتعاون في اوربا هنا.

هذا وقد حضَّرتم لي برنامجا شيقا وجميلا جدا للمدة التي أقضيها في بلدكم حيث أنني سأواصل التعاون مع البرلمان الأذربيجاني. فأقول ان أعضاء البرلمان الاذربيجاني يشاركون عن كثب في نشاط منظمة الامن والتعاون في اوربا. فإن الجمعية البرلمانية لمنظمة الامن والتعاون في اوربا هي المنظمة الوحيدة عبر الاطلاسي التي يشترك فيها الممثلون المنتخبون من قبل الشعب من عدد كبير من الدول. اعتبر اننا لا نزال نحتاج الى الجمعية البرلمانية لمنظمة الامن والتعاون في اوربا لضمان الامن في اوربا. قد تلعب هذه المنظمة دورا مهما في مستقبل اوربا. اعود وأبدي شكري لكم على قبولكم لي هنا.

حيدر علييف: اشكرك، شكرا. أولا، اريد أن أفيد اننا كدولة مستقلة شابة ممتنون جدا من كوننا عضوا لمنظمة الامن والتعاون في اوربا. ومن خلال انضمامنا إلى عضوية منظمة الامن والتعاون في اوربا بالتوقيع على وثيقة هلسنكي بعد حصولنا على الاستقلال قد اخذنا على عاتقنا تحقيق مبادئ منظمة الامن والتعاون في اوربا من جهة. و من جهة أخرى نهدف باعتبارنا عضوا لمنظمة الامن والتعاون في أوربا الى الاستفادة من امكانياتها في تحقيق الأمن والاستقرار لبلدنا.

إن تحقيق مبادئ وأحكام منظمة الامن والتعاون في أوربا في بلدنا يتوقف علينا. لكننا نحتاج بالطبع إلى المساعدة الكبيرة جدا لمنظمة الامن والتعاون في أوربا على تحقيق السلام والاستقرار والامن في بلدنا بسبب الوضع الذي تورطت أذربيجان فيه – وذلك عامة، ليس فقط في اذربيجان، بل في القوقاز، في القوقاز الجنوبية أيضا.

انكم قلتم ان المستند - الميثاق الذي تم إقراره في اسطنبول يهدف إلى حل كافة النزاعات المجمدة. هذا صحيح كل الصحة ووقعت أنا الآخر على هذا الميثاق. لكن في ودنا ألا يبقى هذا على شكل مستند وعلى شكل ورقة، بل يحقق.

لقد اشتركت أنا شخصيا في قمة بودابست وكذلك قمة لشبونة لمنظمة الامن والتعاون في أوربا. لقد تم اتخاذ قرارات هامة جدا هناك حيث اصدرت في كلتا القمتين - سواء في قمة بدابست، أوفي قمة لشبونة قرارات هامة جدا عن التسوية السلمية للنزاع الارمني -الاذربيجاني. لكن هذه القرارات لم تحقق حتى الآن. يثير هذا أسفنا. إذا استطعنا انفسنا معالجة هذه المسائل لما أقلقنا بهذا الخصوص منظمة الامن والتعاون في أوربا.

لكنكم تعرفون جيدا، تظهر التجربة العالمية ان تلك النزاعات تتم تسويتها حتما من خلال اشتراك المنظمات الدولية، أو مساعدتها أو قوتها. ولو كان في إمكاننا حل النزاع الارمني - الاذربيجاني لعالجنا هذا منذ قديم. فإنكم تعرفون في الوقت نفسه أن منظمة الامن والتعاون في اوربا أنشأت سنة ١٩٩٢ مجموعة مينسك لحل النزاع الارمني الاذربيجاني. بعد قمة لشبونة تترأس مجموعة مينسك روسيا والولايات المتحدة الامريكية وفرنسا. لكن مع الأسف، فإن مجموعة مينسك ومنظمة الامن والتعاون في أوربا والرؤساء الأعضاء لمجموعة مينسك لم تتوصل حتى الآن إلى معالجة هذه المسألة.

أنتم على علم جيد بان ٢٠ بالمائة من الاراضي الاذربيجانية احتلت نتيجة لعدوان القوات المسلحة لارمينيا، طرد قسرا اكثر من مليون اذربيجاني من الاراضي المحتلة، وشُرِّدوا من اماكنهم ومساكنهم، حققت التصفية العرقية في هذه الاراضي. ان اغلبية هذا المليون الذين شُرِّدوا من بيوتهم ومواطنهم داخل بلدهم يعيشون في المخيمات في الوضع الشاق جدا.

تعرفت ببرنامجك ورأيت أنه كان من المقرر أن تزوري إلى مخيم من مخيمات اللاجئين. لا اعرف، هل ذهبتِ أم لا؟ هل ذهبتِ؟ أشكركِ. رأيتِ بأم عينيكِ. لكن لو كان لديكِ إمكانية وذهبتُ أنا شخصيا بكِ على متن المروحية إلى المخيمات خلال ساعتين، وإن التقينا بهم لغادرتِها بمنقبض الصدر.

لقد تم استيطانهم في المباني المختلفة في باكو وفي ضواحيها. وصحيح انك رايت مدى ظروفهم الشاقة. لكن اغلبيتهم يعيشون في المخيمات في الأماكن الأخرى لاذربيجان. ويمكن العيش في المخيمات لسنة واحدة، أو سنتين. انهم لا يزالون يعيشون في المخيمات منذ ٧-٨ سنوات!

وعلى هذا فالشيء الذي نطلبه وننتظره من منظمة الامن والتعاون في أوربا بوصفنا عضوا لها هو معالجة هذه المسألة بالدرجة الأولى. أقول مرة أخرى، أخذنا على عاتقنا تحقيق المبادئ المتعلقة بالدولة والمجتمع لمستند هيلسنكي لمنظمة الامن والتعاون في أوربا فإننا نعمل على تحقيقها. قد يكون هنا نقائص. لكن على ما قلت، فإن حل هذه النزاعات على عاتق منظمة الامن والتعاون في أوربا. لكن منظمة الامن والتعاون في أوربا لا تحقق مهماتها.

كما قلت، فإن أذربيجان تريد أن تصبح عضوا متساوي الحقوق، عضوا كاملا للنادي الاوربي. كذلك تريدون أن نصبح عضوا. لكن علينا أن نتخلص من العوادي.

هيلي داين: السيد الرئيس، شكرا جزيلا. استمعت بامتنان إلى ما ذكرتموه عن الصعوبات الكبيرة التي يواجهها بلدكم. وفهمت أيضا أنكم كم تعلقون أهمية كبرى على عضويتكم إلى منظمة الامن والتعاون في أوربا وعلاقاتكم معها.

أنتم على حق، منظمة الامن والتعاون في أوربا منظمة ندرة يمكن التوصل إلى حل مشاكلكم من خلال الاستفادة من إمكانياتها. أريد أن أكرر مرة أخرى بالذات أن منظمة الامن والتعاون في أوربا، رؤساء هيآتها وكذلك حكومات الدول الأعضاء لمنظمة الامن والتعاون في أوربا معنيون كثيرا بمعالجة هذا النزاع الذي هو جزء من تاريخنا ويتمنون تسويتها من صميم القلب.

أؤكدكم أني سأحدو برئاسة منظمة الامن والتعاون في أوربا بعد انتهاء زيارتي إلى بلدكم إلى تكثيف جهودها للتوصل الوشيك إلى حل النزاع بالوسائل السلمية وأمارس الضغط عليهم.

إن بعض المشاركين الرئيسيين الذين قد يلعبون دورا نشطا في الحصول على معالجة النزاع وعلى السلام طويل الأمد في المنطقة - اقصد بهم البلدان - ما استطاعوا تركيز اهتمامهم عليها بسبب عنايتهم بالانتخابات الرئاسية في بلدانهم. أنا بعيد عن قولي هذا كسبب قلة العمل من قبل منظمة الأمن والتعاون في اوربا. أريد أن أقول فقط أن الانتخابات الرئاسية في بعض الدول - مثلا، في روسيا لم تسمح لهم بالاشتراك الأكثر نشاطا في هذه المسألة. أعرب عن أملي في أن تنضم روسيا هي الأخرى كرئيس عضو لمجموعة مينسك المنبثقة عن منظمة الامن والتعاون في أوربا عن كثب إلى معالجة هذا النزاع.

كما أنني بعد مغادرتي هنا سأطلع مرة اخرى رئاسة مجموعة مينسك المنبثقة عن منظمة الامن والتعاون في أوربا من جهة، ورئاسة منظمة الامن والتعاون في أوربا من جهة أخرى على أنه علينا بوصفنا منظمة الامن والتعاون في أوربا أن نفعِّل نشاطنا في معالجة هذا النزاع وأن نساعد التسوية السلمية للنزاع وتحسين وضع اللاجئين الذين التقيت بهم اليوم في باكو. إن تشريد الناس من بيوتهم ومواطنهم مأساة دائما.

أما النساء والرجال والأطفال الذين التقيت بهم اليوم فيعيشون في الحالة المريعة. وسواء أيعيشون في باكو، أو يسكنون خارجها في المناطق. والمأساة هي أن هؤلاء الناس يسودهم الغموض وأنه لا يوجد عندهم فكرة معينة حول بناء مستقبلهم. لا اعد أي أحد من أولائك اللاجئين بما لا أستطيع الوفاء به. لكني أعاهدهم شيئا، وهو انني أتعهد بأنني بعد مغادرتي هنا سأبذل جهودا جدية للغاية من كل بد للتوصل إلى حل مشاكلهم وتسوية النزاع.

أعتقد أنه علينا أن نستفيد من إمكانيات منظمة الامن والتعاون في أوربا اسنفادة أكثر ثمرة. وسأترك أبوابي مفتوحة وأسعى إلى أن انتهز الفرصة للاستفادة أيضا من اجتماع النواب الممثلين لبرلمانات الدولة الـ٥٤ الأعضاء لمنظمة الامن والتعاون في أوربا، الذي سيعقد في بخارست بـ ٦-١٠ يوليو. كما دعونا إلى هذا الاجتماع رئيس برلمانكم وكذلك رئيسي البرلمانين الجورجي والأرمني أيضا. سأحاول أن افتح أبوابي أمامهم، وأنظِّم لقاءاتهم وأتوصل إلى إنشاء العلاقات بينهم ونسهم بوصفنا أعضاء للبرلمان بقسط في معالجة النزاع.

قد تلعب الجمعية البرلمانية لمنظمة الامن والتعاون في أوربا وعامة البرلمانات دورا مفيدا جدا في معالجة هذا النزاع وقد تساعد بأعمالها الحكومات وحتى الرؤساء مثلكم أيضا. حسب رأيي، فإن أعضاء البرلمانات يستطيع تبليغ صوت الشعب إلى بعضهم البعض من خلال لقاءتهم باعتبارهم لا يشغلون أية مناصب حكومية وأنتخبوا مباشرة من قبل الشعب. إن الرؤساء وأعضاء الحكومات والوزراء يحتاجون دائما إلى التأييد من الهيأة الإنتخابية والشعب بالذات.

السيد الرئيس، أشكركم مرة أخرى. كما قلت سالفا، أتمنى أن أشاطركم بخالص الامتنان أفكاري ووجهات نظري فيما يتعلق بالمهام المتمثلة أمام منظمة الأمن والتعاون في أوربا والصعوبات الحالية وتحقيق هذه المهمات وتذليل الصعوبات بجهودنا المشتركة.

حيدر علييف: أشكرك. تبعث كلماتك أملا في أن تكثف الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون في أوربا هي الأخرى جهودها طلبا للحل السلمي للنزاع الأرمني الأذربيجاني. أشكرك بهذه الآمال.

جريدة "أذربيجان"

٢ يونيو سنة ٢٠٠٠