مؤلفاته / الاقتصاد / ممر النقل شرق -غرب

خطاب حيدر علييف الرئيس الأذربيجاني في مؤتمر دولي منعقد تحت عنوان "ممر الطاقة شرق - غرب واقعي" - واشنطن، ٢٥ فبراير عام ٢٠٠٣


السيد المحترم سكوكروفت!

السيد المحترم ستيف من!

الضيوف والسيدات والسادة الكرام!

أهنكم جميعا بمناسبة عقد المؤتمر الذي بدأنا عمله الآن هنا في واشنطن - الولايات المتحدة الأمريكية ، أحييكم من صميم القلب وأتمنى نجاحات لعمل المؤتمر.

إن عقد هذا المؤتمر الآن في واشنطن له أهمية بالغة. المؤتمر في موضوع "ممر الطاقة شرق - غرب واقعي" ونظمته غرفة التجارة الأمريكية الأذربيجانية، ومجلس الأعمال الأمريكي - الجورجي، والمجلس الأمريكي - التركي وبالطبع، حكومة الولايات المتحدة الأمريكية معا. فعنيت الإدارة الأمريكية بهذا العمل أيضا. وأصدرت قرارا ينص على ضرورة عقد مثل هذا المؤتمر وانعقد المؤتمر.

يتميز هذا المؤتمر بأنه يشترك فيه ممثلو كل من الولايات المتحدة الأمريكية، وتركيا وجورجيا وأذربيجان. وهذا طبيعي، لأن ممر شرق - غرب يشمل مسافة شاسعة. لكن البرامج والمشاريع التي نحققها كثيرا ما في حوض بحر قزوين تستهدف منطقتنا - بحر قزوين، أذربيجان، جورجيا وتركيا.

لا يشمل ممر شرق - غرب هذه المنطقة فقط، بل هو يمتد إلى مساحة أوسع. لكن مشاريعنا تجرى تحقيقها الآن في هذه البلدان بالذات. تلعب الولايات المتحدة الأمريكية وشركاتها البترولية الكبرى دورا خاصا في تحقيق هذه المشاريع. تلعب عدة شركات بترول عملاقة للبلدان الغربية، خاصة شركة " BP" لبريطانيا العظمى دورا خاصا في هذه الأعمال من البداية. يعلم هذه المسألة مجتمع الولايات المتحدة الأمريكية، أظن، خاصة الحضور هنا والمعنيون بهذا المشروع. لكني اريد أن اتحدث عن تأريخ هذا المشروع بعدة كلمات ليتضح كل شيء.

بعد انهيار الاتحاد السوفييتي نالت أذربيجان استقلالها وبدأت في إنشاء دولة جديدة، ديمقراطية، علمانية في البلد. استرشدت أذربيجان في مجال بناء الدولة بتنفيذ مبادئ الديمقراطية والعلمانية وكرامة القانون واقتصاد السوق وتتقدم في هذا الطريق منذ ما يزيد على ١٠ سنوات.

لم تكن هذه السنوات سهلة لأذربيجان. اجتزنا عدة محن، قاموا بعدة مرات بمحاولة إسقاط السلطة الشرعية في أذربيجان. لكنا استطعنا الحيلولة دون محاولات انقلاب حكومي في أذربيجان ابتداء من سنة ١٩٩٣- في سنتي ١٩٩٤ و١٩٩٥ وأحللنا استقرارا في بلدنا. أذربيجان بلد يعيش الآن في جو من الاستقرار الداخلي التام وينمو على اساس المبادئ الديمقراطية، واقتصاد السوق ويشكل إجراء اصلاحات اقتصادية اتجاهات محورية للاقتصاد الأذربيجاني. إننا نتقدم في هذا الاتجاه ويسعني ان أقول إننا أحرزنا مزيدا من الانجازات.

في هذا الطريق اعطت أذربيجان أهمية خاصة قبل كل شيء لانتفاع ثرواتها الطبيعية. كما تعلمون أن أذربيجان بلد قديم للنفط. وأول انتاج النفط عن الطريق الصناعي كان في أذربيجان بالذات قبل هذا بـ١٥٠ سنة. في النصف الثاني للقرن التاسع عشر جاءت عدد كبير من شركات غربية إلى أذربيجان لتعمل في مجال انتاج النفط. لعب هنا اخوان نوبل دورا خاصا. في الحكم السوفييتي كادت ان تكون أذربيجان اكبر منطقة نفطية لاتحاد الجمهوريات السوفييتية الاشتراكية. ولا يزال الكثيرون يقولون، لو لا نفط أذربيجان لما تمكن اتحاد الجمهوريات السوفييتية الاشتراكية مع التحالف الانجليزي - الأمريكي من الانتصار على الفاشية الألمانية في الحرب العالمية الثانية.

وهذا حقيقة أيضا ان ٧٠ % من النفط المستخدم في الاتحاد السوفييتي حينذاك انتج في أذربيجان و نُقل منها.

فأذربيجان بلد غني بالنفط والغاز. قام عمال النفط والعلماء والجيولوجيون في أذربيجان بأعمال استكشافية وانتاج النفط حتى في بحر قزوين وفي سنة ١٩٤٩- قبل هذا بنصف قرن تم استخراج النفط لأول مرة في مكان على بعد ١٠٠ كم عن الساحل. لذا كانت أذربيجان بوصفها دولة مستقلة تعرف وجود احتياطات النفط والغاز الهائلة فيها. من الطبيعي أنها لا تملك اية امكانيات لاستغلالها. لهذا توجهت إلى الغرب، اي الولايات المتحدة الأمريكية والبلدان الأوربية وبدأت شركات نفط عملاقة لتلك البلدان بالتعاون مع الدولة الأذربيجانية، وشركة البترول الحكومية في استغلال الحقول في أذربيجان. وتم توقيع ٢١ اتفاقية مع ٣٢ شركة بترول من ١٤ بلدا للعالم. والأولى منها تنص على استغلال حقول النفط "أذري"، "جيراق"، "جونشلي". لاستغلالها وقعت ١١ شركة نفط بين شركات أمريكية، وكذلك لبريطانيا العظمى، وكذلك شركات بلدان أخرى. عندما وقعت هذه الاتفاقية سنة ١٩٩٤ اطلق عليها في الغرب وأمريكا بالذات "اتفاقية العصر".

كنا نتوقع انه سيستخرج من هذه الحقول ٥٤٠ مليون طن من النفط. لكن الأعمال التالية أظهرت أنه من الممكن استخراج ٧٤٠ مليون طن من النفط منها. فبدأ استغلال هذه الحقول.

لكن تصدير النفط كان مسألة رئيسية أمامنا. سنة ١٩٩٧ استخرجنا أول دفعة من النفط من حقل "جيراق". حينذاك كان خط للأنابيب: باكو - نوفوروسيسك. بدأنا تصدير النفط عبر هذا الخط. ثم أنشأنا خطا خاصا لأنابيب النفط - خط أنابيب النفط إلى ميناء سوبسا لجورجيا في البحر الأسود بالتعاون مع الشركة العملياتية الدولية الأذربيجانية وعلى رأسها شركة " BP". يتم الآن تصدير النفط من هناك.

أبرزت كل المحادثات التي أجريت أثناء توقيعنا على الاتفاقية وفي السنوات التالية إلى ضرورة إنشاء خط كبير لأنابيب النفط لتصدير النفط الغني لبحر قزوين، وهذا خط أنابيب النفط باكو - تبيليسي - جيهان. عملنا في سنوات مضت على مشروع هذا الخط. أبرمت تركيا وأذربيجان وجورجيا في أنقرة سنة ١٩٩٨ بيانا عن إنشاء خط الأنابيب التصديري الرئيسي باكو - تبيليسي - جيهان. حضر هذه الحفلة وزير الطاقة للولايات المتحدة الأمريكية هو الآخر حينذاك. انضمت كازاخستان هي الأخرى إلى هذا البيان لتتمكن من تصدير نفطها المستخرج من بحر قزوين عن خط الأنابيب هذا في المستقبل. ثم في شهر نوفمبر لسنة ١٩٩٩ أثناء اجتماع قمة منظمة الأمن والتعاون الأوربي في اسطنبول تم التوقيع على اتفاقية بين بلادنا حول إنشاء خط أنابيب النفط التصديري الرئيسي باكو - تبيليسي - جيهان. وقع رؤساء تركيا وأذربيجان وجورجيا على تلك الاتفاقية وكذلك أيدها رئيس الولايات المتحدة الأمريكية. فانضمت كازاخستان من جديد إلى هذه الاتفاقية وأبرمها الرئيس الكازاخستاني. انها هي الأخرى ستستفيد من خط الأنابيب هذا. بعد هذا ازدادت أعمال المشروع سعة. في نهاية المطاف في شهر سبتمبر للسنة الماضية أرسى رؤساء تركيا وجورجيا وأذربيجان في باكو الحجر الأساسي لخط أنابيب النفط باكو - تبيليسي - جيهان بالمشاركة مع شركات البترول، منها " BP" وغيرها من الشركات وبدأت أعمال إنشائية. يدل هذا على ان خط أنابيب النفط التصديري الكبير باكو - تبيليسي - جيهان واقعي. لقد بدأت الأعمال. يتم استيراد الأنابيب المشترية من اليابان والبلدان الأخرى لخط الأنابيب هذا إلى جورجيا وأذربيجان. هكذا أقدمنا على الأعمال الإنشائية.

إن مسألة تمويل هذا المشروع مسألة مهمة أيضا. لأن خط أنابيب النفط باكو - تبيليسي - جيهان سيكون طوله ١٧٦٠ كم. سيضخ هذا الخط ٤٠ مليون طن من النفط سنويا ويتوقع ان يبلغ هذا الرقم في المستقبل إلى ٦٠ مليون طن. سيمر ٤٤٥ كم لخط أنابيب النفط عبر أذربيجان و٢٤٥ كم منه عبر جورجيا و١٠٧٠ كم عبر تركيا. سيتم توظيف مليارين و٩٠٠ مليون دولار من الاستثمارات لإنشاء خط الأنابيب.

منها ٦٠٠ مليون دولار لقسمه الاذربيجاني، ٥٨٥ مليون لقسمه الجورجي، مليار و٤٠٠ مليون دولار لقسمه التركي.

تعمل الآن الشركات البترولية على مسألة التمويل. أما أذربيجان فأصدرت قرارا ينص على تمويل الجزء الأول من نصيبه.

أريد لو أبين ان هذا كان يراه الكثيرون خيالا عندما قمنا بتوقيع اتفاقية النفط عام ١٩٩٤. كانوا يزعمون انه عمل يستحيل تحقيقه. وانتاب البعض حينذاك مشاعر القلق العميقة. لأن مجيء شركات عالمية عملاقة من الولايات المتحدة الأمريكية وبلدان غربية أخرى في أقصر وقت ممكن إلى بحر قزوين وتوظيفها استثمارات هناك بالطبع، كان يثير قلق بعض الدول. وأقول مرة أخرى أن التمكن من تحقيق مثل ذلك العمل في بحر قزوين كان يعتبر خيالا عند التوقيع على الاتفاقية. لكنا استلمنا مذكرة في نفس الوقت مؤداها هو ان توقيع مثل هذه الاتفاقيات لن تسرى التنفيذ إن لم تحدد البلدان المطلة علي بحر قزوين وضعا قانونيا له. رغم هذه الاعتراضات كنا نحقق عملنا وكنا نحس العراقل ضد تحقيق هذا العمل. خاصة كانت عراقل مختلفة أمام تحديد خط أنابيب النفط باكو - تبيليسي - جيهان. ما كنا نرتاب ان هذا الخط يجب ان يمر عبر جورجيا. ما كنا نشك ان هذا الخط الكبير لأنابيب النفط يجب ان يصل جيهان لتركيا. لكن البعض كانوا يعتبرون ان هذا الخط يجب ان يمر عبر أراضي بلدان أخرى. اي كان البعض يعتبرون، عندما رأوا صحة استخراج النفط في أذربيجان، في القسم الأذربيجاني لبحر قزوين ان هذا الخط للأنابيب قد يمتد نحو الجنوب، أو نحو الشمال، أو الشرق. كانت تتضارب الأفكار، الآراء وكانت تتزايد. لكنا كنا مصرين على قرارنا. من البداية أعلنا هذا ان الخط سيمر عبر هذا الاتجاه. قد تم التوصل إلى اتفاق حاسم بهذا الصدد بين أذربيجان وجورجيا وتركيا. أريد أن أقول ان الولايات المتحدة الأمريكية ابدت عناية كبيرة واهتماما لتحقيق هذا المشروع من البداية حتى الآن وايّدت هذا العمل. لو لا تأييد الولايات المتحدة الأمريكية لهذا المشروع إلى هذه الدرجة لما تمكنا من تحقيقه.

لكن البعض، الآن، يقترحون خطوطا مختلفة وحتى لو أصبح كل شيء جاهزا. لكنهم لن يتمكنوا من التوصل إلى هذا، لأننا نعتزم قرارنا. يخيل لي أن تركيا هي الأخرى تعتزم بقرارها. وجورجيا أيضا لا شك فيها. لكن بعض المنظمات في جورجيا تطرح أفكارا، مسائل بيئية مدعية "لمذا لا يمر هذا الخط بهذا القسم من الأراضي الجورجية، يمر بذاك القسم، وما هو السبب لعدم مروره بذلك المكان؟". البيئة موجودة في كل مكان، تشهد أذربيجان مشاكل بيئية وكذلك تركيا أيضا. وجورجيا هي الأخرى تشهد مشاكل بيئية. هل لجورجيا بيئتها الخاصة؟ طبعا، لا، فهذا عراقل تخلقها بعض القوى المختلفة امام دولة جورجيا ورئيسها السيد شفاردنادزه.

أريد القول ان حكومة ودولة جورجيا ورئيسها السيد شفاردنادزه أيد من البداية مسألة مرور خط الأنابيب بهذا الاتجاه بالذات. أي إننا اجمعنا عليه واليوم أيضا نحن في الإجماع عليه، لا تتغير الفكرة. لكن بعض القوى تعرقلها. تصوروا، قبل هذا بشهرين اقترح جماعة من أعضاء الكونجرس الأمريكي بإنشاء خط أنابيب النفط باكو - تبيليسي - جيهان عبر أرمينيا بدلا من جورجيا. منذ ٨ سنوات ونحن منشغلون بهذا العمل، صرفنا كثيرا فيه، اتخذنا أعمالا هكذا ولكن الآن كتبوا رسالة طالبين "ليمر هذا الخط عبر أرمينيا". مع الأسف أننا نلاقي مثل هذه المقترحات.

تحاول الآن هذه القوى عرقلة هذا المشروع في هذا التوقيت بالذات بما انها لم تنل منالها. لدينا بعض المعلومات الواردة من بعض الهيئات المخابراتية تقول انه تم تخصيص أموال في بعض الدول لاتخاذ تدابير تعرقل تنفيذ المشروع، لدينا مثل هذه المعلومات. لكني أريد أن أعلن لكم ان هذا المشروع مشروع مدروس من اوله حتى آخره. أولا، أريد ان أذكر أن بحر قزوين من أغنى البحار من حيث حجم احتياطاته النفطية والغازية في العالم. نعتز بأن أذربيجان بعينها كشفت واعلنت على العالم توافر هذه الامكانيات في بحر قزوين. لو كنا وحيدا وقعنا في سنة ١٩٩٤على اتفاقية للعمل في القسم الأذربيجاني من بحر قزوين، والآن تعمل كازاخستان بنشاط في القسم الخاص بها وتحصل على نتائج حسنة. ثانيا، مسألة تقسيم بحر قزوين إلى أقسام. إذا كانوا يحاولون عرقلتنا فقط ويعلنون عدم إمكانية اقتراحنا هذا قبل ٥- ٦ سنوات عندما قلنا ان بحر قزوين يجب ان يقسم إلى أقسام بين البلدان المتشاطئة، يعني تقسيمه بغرض استغلال قاعه وموارد الطاقة المتواجدة فيه (ومثل هذا التقسيم حُقق في بحر قزوين من قبل حكومة الاتحاد السوفييتي في سنة ١٩٧٠ في حين كان بحر قزوين مخصوصا له باستثناء قسمه الصغير الجنوبي المنصوب إلى إيران) وما كانوا يتفقون معنا، بل الآن وقعت أذربيجان نتيجة محادثات جرت مع روسيا وكازاخستان على اتفاقيات تنص على تقسيم بحر قزوين إلى أقسام. ابرمنا مستندات أولية، كذلك مستندات ثانوية تنص على تحديد حدود هذه الأقسام، أي تخطيط تلك الحدود بالضبط. وقعت انا شخصيا على هذه مع الرئيس الروسي السيد بوتين والرئيس الكازاخستاني السيد نازارباييف. وكذلك تم التوقيع على مثل هذه الاتفاقيات بين روسيا وكازاخستان. لم نتوصل بعد إلى اتفاق مع تركمنستان وإيران. قريبا سيلتقي بباكو من جديد خبراء في شئون بحر قزوين للبلدان المتشاطئة. نريد أنهم أيضا يتوصلون إلى اتفاق على أساس مبدأ خط الوسط وفقا للقواعد الدولية والقانون الدولي المتعلق بالأبحر. إذن، يستطيع كل بلد مطل على بحر قزوين ان يقوم بما يريد من الأعمال في القسم الخاص به. لكني أريد ان أشير إلى ان احتياطات النفط والغاز لبحر قزوين غنية. حسب التقديرات الأولى، من المتوقع ان القسم الأذربيجاني وحده يملك ٤مليار طن من النفط و٥ تريليونات متر مكعب من الغاز نتوقع استخراج ما يتراوح بين ٧٤٠ - ٧٥٠ ألف طن من النفط وفقا للاتفاقية الأولى وهذا سيصدَّر عن طريق خط الأنابيب باكو - جيهان. لكن توجد في القسم الأذربيجاني حقول ربحية أخرى كثيرة.

كما ترون، الحجم الاجمالي كثير - أي ٤ مليارات طن من النفط و٥ تريليونات متر مكعب من الغاز. يختزنها القسم الاذربيجاني وحده. هذا يعني ان هذا مجال يتوقع استغلاله خلال ما بين ٥٠ - ١٠٠ سنة. لذا هذا سيؤتى نفعا كبيرا، جدوى كبيرا لأذربيجان، لتطوير اقتصادها وتحسين رفاهية شعبنا من جهة، وللبلدان الغربية وشركاتها المتعاونة معنا.

كنا نريد نعلن هذا في المؤتمر مشيرين إلى ان العمل الذي نتخذه ليس مشروعا متوقعا، بل أصبح واقعا. خلال هذه الفترة تم توظيف ٧ مليارات من الاستثمارات الأجنبية المتدفقة إلى أذربيجان من سنة ١٩٩٤. حتى الآن تشكل ٩ مليارات دولار. سيتم توظيف ١٠ - ١٢ مليار دولار تقريبا من الاستثمارات في أذربيجان من قبل الشركات الأجنبية لتحقيق هذه المشاريع قريبا. وكل هذا، بالطبع، سيؤتى ثمارها.

لا يحمل خط أنابيب النفط الرئيسي التصديري باكو - تبيليسي - جيهان طابعا اقتصاديا فحسب. إنه في نفس الوقت من العناصر المهمة لضمان الأمن والاستقرار في القوقاز، خاصة في القوقاز الجنوبية وفي تركيا. مع الأسف أننا لا يمكننا ان نتحدث عن الاستقرار التام في منطقتنا حاليا. فيها نزاعات: النزاع الأرمني الأذربيجاني حول ناجورنو كاراباخ، او النزاع الجورجي - الأبخازي، أو الأحداث الجارية شمالا إلينا - في الشيشان. خلق كل هذا في القوقاز وضعا سياسيا - اقتصاديا كبير التعقيد. لذا نسعى من خلال تحقيق استراتيجية النفط الجديدة في أذربيجان و حصولنا على هذه الانجازات وتطوير الاقتصاد إلى استتباب الاستقرار في بلدنا وكذلك خلق امكانيات معينة لتسوية النزاع.

مع الاسف ان تسوية هذا النزاع ازدادت تعقدا. من المعلوم ان هذا النزاع اندلع قبل ١٥ سنوات من قبل أرمينيا بغرض تحقيق أطماعها ضد اراضي أذربيجان، الاستيلاء على إقليم ناجورنو كاراباخ.

ثم تحول هذا إلى حرب وفيما بعد، خاصة في سنوات ما بين ١٩٩١، ١٩٩٢، ١٩٩٣ استمرت الحرب بشدتها. نتيجة الحرب احتلت القوات المسلحة لأرمينيا لأسباب معينة ٢٠% من الأراضي الأذربيجانية. احتلت إقليم ناجورنو كاراباخ و٧ مناطق مجاورة له جميع سكانها هم الأذربيجانيون ولا تزال تحت وطأة الاحتلال.

طُرد نحو مليون أذربيجاني من الأراضي المحتلة الاذربيجانية وتعرضوا للتصفية العرقية. ولا يزال أغلبيتهم يعيشون في المخيمات. وقد تم تشريدهم من امكنتهم وأوطانهم، أراضيهم. انشغلت منظمة الأمم المتحدة بمعالجة هذا النزاع وأصدرت قرارات طالبت أرمينيا بسحب قواتها المسلحة من الأراضي المحتلة بلا قيود وشروط. ولم تنفذه حكومة أرمينيا. ثم تأسست مجموعة مينسك لمنظمة الأمن والتعاون في أوربا. منذ سنوات ويسعى رؤساء أعضاء مجموعة مينسك - الولايات المتحدة الأمريكية، روسيا وفرنسا إلى التوصل إلى تسوية سلمية للنزاع. لكن مع الاسف أنهم هم الاخرون لم يحصلون على أي شيء بعد. لأن أرمينيا تأخذ موقفا غير بناء بكثير.

لن نوافق على اغتصاب جزء من أذربيجان. نريد حل المشكلة على أساس الأعراف الحقوقية الدولية، على أساس مبادئ الدفاع عن سيادة كل دولة وضمان وحدتها الترابية وسلامة حدودها. لكن أرمينيا تطرح مبادئ خاصة بها. من الطبيعي اننا لا يمكننا ان نوافق على هذا. لا أريد الآن ان اشرح هذه المسألة بالتفاصيل. لأن موضوعنا الرئيسي اليوم موضوع آخر. تناولته فقط لتعرفوا وجود وضع صعب في القوقاز، خاصة في القوقاز الجنوبية. يتعين على الولايات المتحدة الامريكية أن تركز انتباهها في هذه المنطقة اكثر مما كان. نعتقد ان الولايات المتحدة الأمريكية، روسيا وفرنسا بوصفها رؤساء أعضاء لمجموعة مينسك يجب ان تتخذ خطوات حاسمة في معالجة هذه المشكلة سلميا. لا نريد ان الحرب تستأنف رغم أن سكان أذربيجان لا يطيقون صبرا على هذا الوضع.

ينفدون صبرهم لاستمرار احتلال ٢٠% من أراضيهم منذ ١٠ سنوات. لا يطيقون صبرا على ان أكثرية من مليون لاجئ، مشرد أذربيجاني لا يزالون في المخيمات. لاننا نتلقى كثيرا من المتطلبات المرسلة من الشعب، يطالبون الناس قائلين: " نحن نريد أن نحارب، إما نحارب لاستعادة أراضينا، إما نستشهد!" نحول دونهم، وسنواصل الحيلولة دونهم. ولكن من المستحيل استمرار الوضع في هذا الشكل دائما. أعتقد ان تحقيق مشاريعنا هذه سوف قد يصبح مسعفا لمعالجة النزاعات. أرجو ان تكون هكذا.

السيدات والسادة المحترمون، استراتيجية النفط الجديدة لأذربيجان، والمسائل التي تطرحها، اقتصاد أذربيجان ومستقبله وتطويرها لدولة ديمقراطية وقانونية وعلمانية سنة بعد سنة، تقدمها باقتصاد السوق - كل هذا مبادؤنا الرئيسية. من خلال الانطلاق من هذه المبادئ نعمل على تطور بلدنا. كذلك نتعاون في هذه المشاريع تعاونا وثيقا بكثير مع الولايات المتحدة الأمريكية من جانب، ومع عديد من الدول الأوربية وشركات النفط التابعة لهذه الدول وسوف نواصل تعاوننا في المستقبل.

شكرا لكم لحسن متابعتكم!