خطاب حيدر علييف رئيس الجمهورية الآذربيجانية عند لقائه مع أعضاء الجمعية النمساوية للسياسة الخارجية والعلاقات الدولية - ٤ يوليو عام ۲۰۰۰
السيد السفير المحترم!
السيدات والسادة الكرام!
أرحب بكم جميعا من صميم القلب وأعتبر لقائي معكم، مع أعضاء جمعية السياسة الخارجية والعلاقات الدولية في النمسا فينا حدثا مهما جدا بالنسبة لي. وأشكركم على انكم اردتم ان تلتقوا معي وحضرتم اليوم هنا. من الطبيعي ان هذا يدل على اهتمامكم بآذربيجان.
معالي السفير، فاني اشكركم على الكلمات التي قلتموها هنا قبل قليل. لقد اعطيتم معلومات واسعة حول آذربيجان. لذلك، ووابتدرتموني بقول بعض الكلمات . لكني اجد الكلمات لأقولها. ثمة كثرة من الآراء اللازمة. وأشكركم على انكم اعطيتم معلومات صحيحة جدا حول آذربيجان وعلى المعلومات التي قلتموها حول سيرتى الذاتية.
السيدات والسادة الكرام!
كما تعلمون اني أقوم بزيارة رسمية بدعوة من الرئيس النمساوي. واجري لقاءات منذ الصباح. جرت بيني وبين السيد الرئيس لقاءات ومحادثات مفيدة جدا. كما اجريت لقاءات مع وزير الخارجية، وجرت بيني وبين رئيس البرلمان لقاء ومحادثات حسنة. زرت بلدية فينا. التقيت مع المستشار الاتحادي حيث اجريت محادثات معه. أما الآن فانا أمامكم. اني ازور فينا والنمسا لأول مرة. لذلك، لدي انطباعات كبيرة جدا لهذه المدة القصيرة. بالتأكيد، قرأت من كتب التأريخ كثيرا حول ماضي النمسا وثقافتها. لكن يعجبني ما أراه، أي أقصد بكلمة ما آراه، الآثار المعمارية الجميلة والقصور الجميلة لمدينة فينا والتحف الجميلة الموجودة في تلك القصور. لكن هذا ماضي فينا والنمسا. أما حاضر فينا، النمسا أحسن من ماضيها أيضا. لأن النمسا من الدول المتطورة في أوربا واكتسبت انجازات كبيرة جدا. لذلك فاني اهنئكم جميعا- مواطني النمسا وسكان فينا بمناسبة هذه الانجازات. بالتأكيد ومن الصعب تزويدكم بمعلومات ضرورية حول آذربيجان خلال مدة قصيرة. وسأتطرق إلى عدة نقط فقط.
ان آذربيجان اتقسمت إلى جزئين نتيجة للحرب الدائرة بين ايران وروسيا في بداية القرن التاسع عشر: ان الجزء الشمالي من آذربيجان، آذربيجان التي نعيش هنا الآن وقعت تحت تبعية الامبراطورية الروسية، اما الجزء الجنوبي منها- الجزء الذي يقع في إيران الآن فاستولت عليه الامبراطورية الايرانية. هكذا، انقسمت آذربيجان.
كما ذكر هنا، اعلنت آذربيجان استقلالها السياسي وانشئت الجمهورية الشعبية في سنة ١٩١٨ بعد تفكك الامبراطورية الروسية في بداية القرن العشرين. لكن هذه الجمهورية، وهذه الدولة، هذه الحكومة لم يكن في وسعها ان تعيش طويلا، بعد ٢٣ شهرا، بعد ان استقر الحكم السوفييتي والبلاشفة في الحكم في مركز روسيا تقدم نحو القوقاز وفقدت آذربيجان استقلالها في نهاية شهر أبريل لسنة ١٩٢٠ ومنذ ذلك الحين تحولت إلى جمهورية اتحادية تابعة للاتحاد السوفييتي. بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في نهاية سنة ١٩٩١ حصلت آذربيجان هي الأخرى على استقلالها، منذ ٩ سنوات ونحن مواطنو دولة مستقلة واستطعنا ان نشغل مكانا مستحقا لنا في المجتمع الدولي. لكن آذربيجان واجهت عددا كثيرا من الصعوبات في الوقت الذي كانت فيه تابعة للاتحاد السوفييتي. لأن ارمينيا المجاورة لآذربيجان - كما تعلمون، كان الاتحاد السوفييتي يضم ١٥ جمهورية اتحادية وثلاث من هذه الجمهوريات، أي آذربيجان وجورجيا وأرمينيا تقع في القوقاز الجنوبية، اننا جيران- بدأت النزاع حتى في سنة ١٩٨٨، في عهد الاتحاد السوفييتي لغرض الاستيلاء على اقليم ناغورني كاراباخ التي هي ارض قديمة ولا يتجزأ من آذربيجان. بدأ هذا النزاع كنزاعات مسلحة للملشيات المتفرقة.
وشنت أرمينيا بهذا النزاع لغزو ناغورني كاراباخ. ها هي أراضي ناغورني كاراباخ الملونة باللون الأحمر على الخريطة التي ترونها. نالت ناغورني كاراباخ الوضع القانوني المتعلق بالإقليم ذي الحكم الذاتي التابع لآذربيجان في سنة ١٩٢٣، ومنذ ذلك الحين كانت اقليما ذا حكم ذاتي تابع لآذربيجان. يظهر تأريخ ناغورني كاراباخ وآذربيجان ان أرض ناغورني كاراباخ لم تكن منسوبة الى أرمينيا أبدا. لكن الأرمن الذين يقطنون في ناغورني كاراباخ كانوا يشكلون الاغلبية بالمقارنة مع الآذربيجانيين حينذاك، في الوقت الذي تم تقديم الوضع القانوني للحكم الذاتي لناغورني كاراباخ سنة ١٩٢٣. لذلك، حصل الاقليم على هذا الوضع القانوني للحكم الذاتي. وهذا الوضع كان سائدا خلال السنوات السبعين الأخيرة أيضا. أي كان يعيش في ناغورني كاراباخ ١٧٠ ألف نسمة وليس الا في الوقت الذي بدأ فيه النزاع. وكان ٧٠ % منهم من القومية الأرمنية و٣٠ بالمائة منهم من القومية الآذربيجانية. وتدعي أرمينيا ان "ناغورني كاراباخ أرض من أراضي أرمينيا ولذلك يجب الحاقها بأرمينيا."
وتشاهدون على الخريطة ان هذه الأرض الملونة باللون الأحمر تقع على مركز آذربيجان. لا يمكن تنسيبها إلى أرمينيا ومن الطبيعي الا يمكن الحاقها بأرمينيا أيضا.
عند ما اندلع هذا النزاع كان الإتحاد السوفييتي دولة قوية بالطبع وكان قادرا على إلغاء النزاعات الداخلية الموجودة فيه. لكن مع الأسف ان قيادة وحكومة الإتحاد السوفييتي وميخائيل جورباتشوف شخصا لم يتخذ موقفا صحيحا في هذه المسألة.
أي، بدلا من الحيلولة دون هذا النزاع اتخذ الإتحاد السوفييتي موقفا مجهولا جدا، واحيانا إتخذ موقف الحياد، واحيانا دعم أرمينيا، وأحيانا اراد ان تتفاوض أرمينيا وآذربيجان بالطبع، كان من الواجب ان يتم اتخاذ التدابير الضرورية للحيلولة دون تحول هذا النزاع إلى حرب، نزاع مسلح.
وفي مثل هذه الظروف اصدر البرلمان الأرمني قرارا في سنة ١٩٨٨ لإلحاق ناغورني كاراباخ بأرمينيا. بالتأكيد، فان هذا القرار الصادر عن البرلمان كان معاديا لدستور الإتحاد السوفييتي وقوانينه. اذا تمت الحيلولة دون هذه فلم تعد تحدث اراقة الدماء ولا تندلع الحرب. ومما يؤسف له هو انه لم تتم الحيلولة دونها. فهذا تحول من نزاع صغير إلى حرب كبيرة. في سنة ١٩٩۰ تم احتلال اراضي ناغورني كاراباخ بالكامل بمساعدة القوات المسلحة لأرمينيا. وتم تهجير جميع الآذربيجانيين القاطنين من اراضي ناغورني كاراباخ وخرجت ناغورني كاراباخ بالكامل من تبعية الدولة الآذربيجانية. بعد هذا دارت الحرب وبدأت المعارك وتعرض كلا الطرفين للخسائر وازدادت هذه الحرب شدة بعد حصول كل من أرمينيا وآذربيجان على استقلالهما السياسي عقب انهيار الاتحاد السوفييتي في سنة ١٩٩١ وتحولت بشكل سافر إلى نزاع وحرب بين أرمينيا وآذربيجان، وتجاوز نطاق قضية ناغورني كاراباخ.
فيما بعد واجهت آذربيجان مع الأسف، مشكلة ثانية كبيرة بعد حصولها على استقلالها السياسي ببعض الأسباب وهي انعدام الاستقرار الاجتماعي السياسي داخل آذربيجان.
حينذاك تسلحت بعض القوى، الوحدات المسلحة في آذربيجان بالاسلحة الكثيرة في دفاعها عن الاراضي الآذربيجانية من القوات المسلحة لأرمينيا وبعد هذا، هبت بعض القوى- سواء القوى السياسية أو القوى المسلحة المتفرقة بالصراع من اجل السلطة في آذربيجان، الأمر الذي ادى إلى زعزعة الاستقرار داخل البلد.
لقد تم تغيير الحكم مرة في آذربيجان في سنة ١٩٩٠ في عهد الإتحاد السوفييتي، وتغير الحكم من جديد في سنة ١٩٩٢ وفي شهر يونيو عام ١٩٩٣ قبل هذا بـ٧ سنوات وبدأت الحرب الاهلية داخل آذربيجان في الوقت الذي احتلت فيه أرمينيا الاراضي الآذربيجانية من جهة، - واستغلت القوى المسلحة لأرمينيا بحزاقة جدا، بالطبع من كل هذه الأسباب وبدأت تتجاوز حدود ناغورني كاراباخ وتستولي على المقاطعات والأراضي المجاورة لها - التي كان يسكنها الآذربيجانيون فقط وليست لهذه المناطق اية صلة وعلاقة مع اقليم ناغورني كاراباخ.
عاش التأريخ الآذربيجاني في هذا العهد مسرحا مأساويا آخر. وهذا أحداث يناير في عام ١٩٩٠، لعلكم على علم بهذا، لكن هذا حادثة مريعة جدا. قام الشعب الآذربيجاني، والجمهور ضد النظام الشيوعي والحكومة السوفييتية وخرج الناس إلى الميادين والشوارع بما أن الحكومة السوفييتية وقيادتها ما اتخذت موقفا عادلا في النزاع الأرمني الآذربيجاني ووقفت موقفا جائرا تجاه آذربيجان وان هذا اسفر عن احتلال ناغورني كاراباخ وبعض المناطق المجاورة لها في ما بين سنتي ١٩٨٨−١٩٨٩. اعرب الناس عن احتجاجهم ضد السلطة السوفييتية الموجودة سواء في المركز في موسكو أو في آذربيجان وطالبوا بالاستقالة. ان السلطة السوفييتية والمكتب السياسي للحزب ورئيسه جورباتشوف عاد وارتكب جريمة أخرى في مثل تلك الحالة. وهي ان الوحدات الكبيرة للجيش أرسلت إلى باكو في ليلة واحدة لقمع قيام الجماهير في آذربيجان.
ومما يجب القول هو اني، كما ذكر هنا وتعلمون سيرتي الذاتية- توليت خلال ١٤ سنة رئاسة آذربيجان باعتباري السكرتير الاول للحزب الشيوعي واني على إلمام حسن بانه كانت تقع في ارض آذربيجان وحدات عسكرية كبيرة للجيش السوفييتي، رغم هذا، فان الحكومة السوفييتية والمكتب السياسي وجورباتشوف ادخلوا إلى باكو الوحدات العسكرية الكبيرة التي جلبوها من الاقاليم الأخرى لروسيا. تصوروا مدى ضرورة هذه العملية بالنسبة لهم، اذ ان وزير الدفاع للبلد المارشال يازوف، وزير الداخلية بكاتين، النائب الأول لوزير أمن الدولة وعددا كثيرا من الجنرالات الآخرين دخلوا باكو مع وحدات الجيش هذه الليلة ودون الانذار، سمعت طلقات في شوارع باكو وتم قتل السكان المسالمين. حتى ثمة حالات، مثلا، فإن إنسانا لم يكن على علم بما يجري خارج بيته وجلس في شقته لقي مقتله في عقر داره مصابا بالرصاص الغافل. لقد قتل ١٣٥ شخصا في تلك الليلة، وأصيب نحو ٧٠٠ شخص. وكل هؤلاء اناس مسالمون ولم يعملوا أي شر، كانوا فقط في الشوارع في هذا الحين.
ان هذه الجريمة الكبيرة، بالطبع، اثارت احتجاجا أكثر وأشد ضد السلطة السوفييتية والنظام الشيوعي في آذربيجان. حينذاك هرب زعيم الحزب الشيوعي الآذربيجاني إلى موسكو عن طريق الطائرة العسكرية لروسيا، للاتحاد السوفييتي. لأنه اثار غضبا كبيرا لدى الشعب. هكذا، تغير الحكم في شهر يناير سنة ١٩٩٠.
لكن الوضع الداخلي في آذربيجان لم يكن مستقرا. وكان سببه، اقول مرة أخرى، هو الجور الذي لقيته آذربيجان واحتلال جزء من الاراضي الآذربيجانية من قبل القوات المسلحة لأرمينيا من جهة وقيام القوى المتفرقة داخل آذربيجان بالصراع من اجل الحكم مستغلة من هذا الهرج والمرج. ونتيجة لهذا تغير الحكم من جديد في آذربيجان في شهر فبراير سنة ١٩٩٢.
أي ان الشخص الذي كان زعيم الحزب الشيوعي في آذربيجان حينذاك وأعلن رئيسا للجمهورية بعد انهيار الإتحاد السوفييتي والآخرين تمت تنحيتهم من مناصبهم من جديد وهربوا إلى موسكو.
ساد في آذربيجان انعدام السلطة لمدة ٣−٤ أشهر. ثم أجريت انتخابات في شهر يونيو سنة ١٩٩٢ وفاز ممثلو الجبهة الشعبية المنحدرة من بين الجمهور في هذه الانتخابات وانتخبوا رئيسا. لكن لم تكن بينهم الوحدة وخاضوا الصراع الداخلي من أجل الحكم وانتهازا لكل هذا توغلت القوات المسلحة لأرمينيا في داخل الاراضي الاذربيجانية. في النتيجة بدأت الحرب الأهلية داخل آذربيجان في شهر يونيو عام ١٩٩٣. وتمكنت القوات المسلحة لأرمينيا من احتلال أكثر من اراضي آذربيجان منتهذة من هذه الظروف، مما ادى إلى استيلاء القوات المسلحة لأرمينيا على الاراضي المجاورة لناغورني كاراباخ والملونة باللون الأخضر على تلك الخريطة. وتشكل كل هذه الأراضي ٢٠ بالمائة من أراضي آذربيجان، وتم تشرير أكثر من مليون آذربيجاني من تلك الأراضي ودامت هذه الحرب.
ودعاني الشعب إلى باكو في الوقت الذي بدأت الحرب الاهلية في آذربيجان في سنة ١٩٩٣. لقد قالوا هنا سيرتي الذاتية. لكني أريد ان اشير إلى نقطتين. انني تركت الحزب الشيوعي وامتنعت عنه حينما كنت اعيش في موسكو بسبب ادخال الحكومة السوفييتية والمكتب السياسي الجيوش السوفييتية إلى آذربيجان في سنة ١٩٩٠. وبعد هذا بمدة غادرت موسكو إلى آذربيجان. لكن قيادة الاتحاد السوفييتي في موسكو والقيادة الشيوعية لآذربيجان لم تسمح لي بأن اعيش في باكو. لذلك فاني غادرت إلى جمهورية ناختشفان ذات الحكم الذاتي- كما تشاهدون على الخريطة انها أيضا ارض آذربيجان، لكنها منعزلة عن الارض الرئيسي لآذربيجان بارض أرمينيا برا، وهذا نتيجة الجور الذي فعلوه في السنة ١٩٢٠ أيضا. أي حينذاك وضع الإتحاد السوفييتي الخريطة في هذا الشكل.
هذا فاني ولدت هنا وعشت هنا ٣ سنوات. كانت ناختشفان تحت الحصار وفي الحالة الشاقة، لكني اضطررت إلى العيش.
عام ١٩٩٣ دعاني الشعب. وعدت إلى باكو. كان من المطلوب ان يتم استتباب الوضع الداخلي وكذلك الدفاع عن الاراضي. كانت تدور حرب شاسعة. لم تكن سهلة بكثير عودة الامور الى نصابها. لأن بعض القوى المسلحة قامت من جديد بمحاولة الانقلاب الحكومي في آذربيجان في شهر اكتوبر لسنة ١٩٩٣. لكننا حلنا دونها. وهذه المرة نهض الشعب ودافع عن الرئيس والدولة. وبعد هذا بـ ٦ سنوات قامت الملشيات المسلحة الكبيرة من جديد بمحاولة الانقلاب الحكومي في آذربيجان وارتكاب الارهاب ضد الرئيس الآذربيجاني بمساعدة واشتراك بعض الهيآت الاستخباراتية للبلدان الاجنبية. وتمت الحيلولة دون هذا أيضا. هكذا تيسر احلال الاستقرار الداخلي في آذربيجان بعد سنة ١٩٩٥.
بالطبع فاننا في مثل هذا الوضع- كما قلت، لقد فقدت آذربيجان تلك الأراضي- اجرينا فقط محادثات مع أرمينيا في شهر مايو لسنة ١٩٩٤ وقررنا وقف الحرب. وابرمنا اتفاقية حول وقف اطلاق النار بحيث نعالج المسألة بالطريق السلمي، لا بالحرب. منذ ٦ سنوات ولا توجد الحرب والمعارك. لكن لم يتم التوصل بعد إلى السلام.
ان مجموعة مينسك المنبثقة عن منظمة الأمن والتعاون في أوربا- لقد انشأتها في سنة تعني بتسوية القضية ١٩٩٢. اما الدول التي تتولى معا رئاسة مجموعة مينسك فهي روسيا والولايات المتحدة الامريكية وفرنسا. لقد اتخذت الدول الاعضاء مزيدا من الأعمال خلال هذه السنين من خلال ممثليها، زاروا المنطقة واجروا محادثات ودرسوا مواقف كل من الطرفين الارمني والآذربيجاني وتوصلوا إلى السلام الى حد ما. لكن لم يتم التوصل إلى تسوية القضية بعد. لأن أرمينيا تتخذ موقفا غير بناء بسبب احتلالها ٢٠ بالمائة من الاراضي الآذربيجانية- وتستغل من تفوقها وتدعي بانها "استولت على هذه الأراضي ومن المغروض ان تحل القضية وفقا لمطلبها المقدمة"، ومطلبها هو تقديم الاستقلال إلى ناغورني كاراباخ.
ونوقشت هذه القضية في قمتي بدابست المنعقدة في سنة ١٩٩٤ ولشبونة المنعقدة في شهر ديسمبر عام ١٩٩٦ لمنظمة الأمن والتعاون في أوربا. ظهرت حينذاك بعض الاقتراحات للتسوية السلمية للقضية. لقد قبلنا بعضها، لكن أرمينيا رفضت. إذا قوبل اقتراح من تلك الاقتراحات في عام ١٩٩٧ فنتمكن من الحصول على السلام في الحقيقة ومن استتباب الأمن بالتدريج. لكن أرمينيا لم تقبل تلك الاقتراحات. كما تعلمون، حدثت تغيير الحكم في أرمينيا في شهر فبراير، في بداية سنة ١٩٩٨. استقال الرئيس ليفون تير بطرسيان بسبب اختلاف الآراء في هذه المسائل بالذات. بعد هذا جرت في أرمينيا حملة انتخابية رئاسية جديدة. لذلك، يمكن القول ان سنة ١٩٩٨ ضاعت بالنسبة لنا، ولم يتيسر لنا ان نعمل أي شيء. اما مجموعة مينسك المنبثقة من منظمة الأمن والتعاون في أوربا اكدت لنا كل مرة، انتظروا حتى تتهيأ ظروف معينة بعد انتخاب رئيس جديد في أرمينيا. بسبب عدم التوصل إلى اي نتيجة في سنة ١٩٩٩ بدأت مفاوضات مباشرة بين الرئيس الأرمني روبرت كوتشاريان وبيني كرئيس آذربيجاني. لقد بدأنا هذه المحادثات في شهر أبريل في واشنطن. بعد هذا التقينا وتفاوضنا عدة مرات - مرتين في جنيف، مرة في يالتا ومرة أخرى في الحدود الأرمنية الآذربيجانية في أرض ناختشفان. خلال هذه المحادثات كدنا ووتقدمنا إلى الأمام الى حدما. ويرد هذا إلى ان كلا الطرفين، أي الرئيس الأرمني وكذلك الرئيس الآذربيجاني وافقا على تقديم تنازلات معينة في هذه القضية. اما هذه التنازلات فانها تنازلات صعبة واشق. لكنا اسنطعنا ان نقرر كهذا.
كما تعلمون انه وقعت الحادثة الارهابية في البرلمان الارمني في شهر اكتوبر سنة ١٩٩٩. واغتيل بالرصاص رئيس البرلمان ورئيس الوزراء وعدة نواب داخل بناية البرلمان وتدهورت الاوضاع الداخلية في ارمينيا. ومن الطبيعي انه لم يكن في وسعنا ان نجري محادثات في مثل هذا الوضع.
لقد حاولنا استئناف المحادثات في اجتماع قمة اسطنبول لمنظمة الأمن والتعاون في اوربا. لقد حضر هنا كل من الرؤساء الأعضاء في مجموعة مينسك الرئيس الامريكي بيل كلنتون والرئيس الفرنسي جاك شيراك، والرئيس الروسي. لكن الرئيس الروسي ترك القمة ولم نتمكن من اللقاء معه هناك. واجتمعنا أنا والرئيس روبرت كوتشاريان مع الرئيسين ووزير الخارجية الروسي وتلقينا دعمهم للتنازلات التي توصلنا إليها. لكن انصرف وقت معين بعد هذا. ولم نتوصل إلى اية نتيجة جديدة.
فلم يتم التوصل إلى تسوية النزاع حتى الآن. وتم انتهاك الوحدة الترابية لآذربيجان. لا تزال ٢٠% من الأراضي الآذربيجانية محتلة من قبل القوات المسلحة لأرمينيا. اما اكثر من مليون آذربيجاني تم تشريدهم من الاراضي المحتلة فانهم يعيشون في المخيمات في مختلف المناطق لبلدنا- وهي مرسومة بالنقط على الخريطة. لأنه ليس لدينا مكان آخر الا هذا لتوزيع هؤلاء الاشخاص. لقد أخلينا مباني المدارس وروضة الاطفال ووزعناهم هناك. كما وزعنا كثيرا منهم في عربات القطار ودور الاستجمام. لكن هذه لا تكفي أيضا. ويسكن اغلبية اللاجئين في المخيمات.
تصوروا، مثلا، منذ ٦-٧ سنوات ويعيش الناس في المخيمات. عندما يزور هناك الممثلون الاجانب يشهدون مشهدا مروعا جدا وعند مغادرتهم حتى وتسيل دموعهم. لأن، في الحقيقة، بل ولعل مثل هذا المشهد المريع غير مسبوق له في العالم. مثلا، فان الطفل الذي سنه ٥ سنوات هناك لم ير أي شيء، أي بيتا آخر ومدينة وقرية أخرى الا مخيما. ويعيش في المخيم. اننا لا نزال في مثل هذا الوضع الشاق. ونريد ان يتم التسوية السلمية للقضية. ولا نؤيد استئناف الحرب واعلن هذا اليوم في حضوركم. لكن الطرف الارمني يجب ان يتخذ موقفا بناءا في هذا المجال بحيث يتسنى لنا التسوية السلمية للقضية. وأبلغكم هذا وفي نفس الوقت أريد ان أعلن اني متفائل. واظن اننا سنتوصل إلى التسوية السلمية للقضية ولو كان صعبا ايما صعب لنا. لكني اعتقد ان الرئيسين الارمني والآذربيجاني يجب ان يواصلا لقاءاتهما المباشرة. في نفس الوقت، يجب أن تكثف مجموعة مينسك المنبثقة عن منظمة الأمن والتعاون في أوربا نشاطها وتزيد منظمة الأمن والتعاون في أوربا نشاطها. كما تعلمون ان النمسا تتولى رئاسة منظمة الأمن والتعاون في أوربا في هذه السنة. لذلك فإني اعطيت معلومات واسعة حول هذه المسألة في حديثي اليوم. ان وزير الخارجية النمساوي يشغل الآن منصب رئيس منظمة الأمن والتعاون في أوربا. انه سيزور المنطقة في الفترة من ١٦ إلى ١٧ لهذا الشهر، وسيجري المحادثات سواءا في أرمينيا أو في آذربيجان ونعلق آمالا على ما تؤدي هذه المحادثات اليه من النتائج.
على اي حال فاننا نعلق آمالا كبيرة جدا على منظمة الأمن والتعاون في أوربا ومجموعة مينسك لها. تتولى رئاسة مجموعة مينسك ٣ دول كبرى- الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وفرنسا. اذا توصلت كل هذه الدول الى فكرة وحيدة، واستفادت من نفوذها الدولي، فبالتأكيد، تتيسر تسوية هذا النزاع.
كما أريد ان اعطي عدة معلومات أخرى حول آذربيجان. لقد اخذت آذربيجان طريق الديمقراطية منذ حصولها على الاستقلال السياسي في سنة ١٩٩١ . تجري في آذربيجان عملية إنشاء دولة ديمقراطية، قانونية وعلمانية. وصحيح ان المعلومات التي زودتكم بها للتو- زعزعة الاستقرار داخل آذربيجان ومحاولات الانقلاب الحكومي وتغيير الحكم عدة مرات، بالتأكيد، لم تمكن من إجراء هذه العملية في المستوى اللازم، وتبنينا اول دستور ديمقراطي لآذربيجان الا بعد ان ضمنا الاستقرار السياسي الاجتماعي الداخلي في سنة ١٩٩٥ واجرينا الانتخابات النيابية وفي سنة ١٩٩٨ الانتخابات الرئاسية، (اجريت قبلها في سنة ١٩٩٨). لقد تم توفير كل المؤسسات الديمقراطية لدينا. لقد تم توفير كل من حريات الصحافة والكلام والاعتقاد تماما، تم تثبيتها في الدستور من جهة وتحقق بصورة عملية. اننا نسير في طريق اقتصاد السوق ونجري الاصلاحات الاقتصادية.
مثلا، خصخصنا الاراضي قبل هذا بسنتين ونقلناها الى الفلاحين. لا يوجد لدينا قطاع عام في الزراعة ولا توجد السوفخوزات والكولخوزات، لقد ملك الفلاحون الاراضي الخاصة بهم واستفادوا منها بأنفسهم. ونرى نتائجها الايجابية.
ويجري برنامج الخصخصة في المجالات الأخرى للاقتصاد. لقد تمت خصخصة بعض القطاعات. مثلا، تمت خصخصة التجارة بنسبة ٩٨%، او يملك القطاع الخاص، بالكاد، ٩٨% من الزراعة، و٣٥ من الصناعة، و٧٠ بالمائة من مجال النقل ومعظم مرافق الخدمة الاخرى والبنية التحتية. اي، نطور اقتصادنا مستفيدين من القيم الاوربية وخبرة الدول المتطورة اقتصاديا في العالم.
ابتداء من سنة ١٩٩٠ عمت آذربيجان الأزمة السياسية وكذلك الاقتصادية. وكان سبب الأزمة الاقتصادية انحطاط الاقتصاد كل سنة في آذربيجان. وانخفض كل سنة حجم الانتاجين الصناعي والزراعي والناتج المحلي الاجمالي نحو ٢٠-٢٥ بالمائة. وارتفع التضخم المالي الى اعلى مستواه. لقد تمكنا من الحيلولة دون هذا في ١٩٩٥، اي وفرنا الاستقرار. والغينا بالكامل التضخم المالي واوقفنا انحطاط الاقتصاد. منذ سنة ١٩٩٦ يتطور الاقتصاد لدينا. ويرتفع نسبة الناتج المحلي الاجمالي بحجم ما يتراوح بين ٤- ٦ بالمائة في المتوسط. مثلا، ازداد في العام الماضي ٧ بالمائة. في المنتصف الاول من هذا العام ارتفع ٧ بالمائة. كما زاد حجم الانتاج الزراعي نحو ٣ بالمائة والانتاج الصناعي نحو ٣ بالمائة وثمة تطور في كل المجالات الاخرى. ويتم تنفيذ الميزانية تنفيذا كاملا.
كما تعلمون ان المرتبات أو المعاشات في معظم البلدان الاعضاء في رابطة الدول المستقلة لا تدفع خلال شهور بسبب عجز الميزانية. لكنا حلنا دونها ويتم دفع كل المرتبات، والمعاشات أيضا. وكل هذا نتيجة الاصلاحات الاقتصادية التي نحققها من جهة ونتيجة جلب الاستثمارات الاجنبية إلى آذربيجان من جهة أخرى.
لقد اعلن هنا السفير المحترم ان آذربيجان لها ثروات طبيعية غنية. وكذلك لها اراض غنية، امكانية زراعية غنية وصناعية هائلة وثروات غنية جدا تحت الارض- مثل النفط والغاز وثروات أخرى.
على ما تعلمون ان آذربيجان أقدم بلد النفط. حتى في سنة ١٨٤٨ تم استخراج النفط بالطريق الصناعي في آذربيجان لاول مرة في العالم. مثلا، تم استخراج النفط بالطريق الصناعي في الولايات المتحدة الامريكية بعد آذربيجان، باكو بنحو ٦ سنوات. حينذاك جاءت الشركات الأوربية الى آذربيجان وقدمت خدمات كثيرة لتطوير صناعة النفط هنا. بعد هذا سيطرت الدولة السوفييتية على صناعة النفط الخاصة بآذربيجان بالكامل، واستخدمتها الدولة كليا.
لكن الدولة الآذربيجانية المستقلة ملكت كل هذا بعد حصولها على اسقلالها. لذلك فاننا نعالج بانفسنا مسائلنا ولقد دعونا الى آذربيجان شركات البترول للبلدان الاجنبية- شركات البترول التي تملك التكنولوجيا والوسائل الفائقة للاستفادة المثمرة من مكامن النفط والغاز الغنية ولتطوير الاقتصاد. لاول مرة في شهر سبتمبر سنة ١٩٩٤ تم التوقيع على معاهدة كبيرة. ان ١١ شركة اوربية وامريكية انشأت معا كونسورسيوم (مجموعة الشركات) وابرمت معاهدة مع شركة النفط الحكومية الآذربيجانية. بموجب هذه المعاهدة يتوقع توظيف ٨ مليارات دولار من الاستثمارات وانتاج ٦٠ مليون طن، بل واكثر من النفط. يسعني القول ان هذه المعاهدة جارية التنفيذ. اننا انشأنا خطين لانابيب النفط لتصدير النفط المستخرج الى الاسواق العالمية: احدهما خط باكو- نوفوروسيسك، اي الى ميناء نوفوروسيسك الروسي في البحر الاسود، والثاني خط باكو- سوبسا، اي الى الميناء الجورجي في البحر الاسود. ويتم تصدير النفط المستخرج الى الاسواق العالمية عبر هذين الخطين لانابيب النفط. لكن يتوقع استخراج الكمية الكبيرة من النفط في آذربيجان. اما المعاهدة الاولى فتم التوقيع عليها في عام ١٩٩٤، وبعد هذا ابرمت ١٩ معاهدة. اننا نقوم بأعمال مشتركة مع ٣٢ شركة كبيرة للبترول المملوكة لـ ١٤ دولة. لكل معاهدة آفاقها المستقبلية. بموجب كل هذه المعاهدات يتوقع تدفق نحو ٦٠ مليار دولار من الاستثمارات الى آذربيجان لمدة ٣٠ سنة. ان إنتاج النفط سيرتفع، بالتأكيد، الى ما يتراوح بين ١٠٠ و٢٠٠ مليون طن، بدلا من ٦٠ مليون طن.
منذ عدة سنوات ونعمل في خط انابيب النفط الرئيسي. سيمتد خط انابيب النفط هذا من باكو حتى تبليسي، جورجيا ومنها الى ارض تركيا، جيهان الميناء التركي في البحر المتوسط. وطول هذه المسافة نحو ألفي كم. وان اكثر من ألف كم يمر عبر ارض تركيا، و٤٠٠- ٥٠٠ عبر ارض آذربيجان والباقي عبر ارض جورجيا.
وكان البعض من انصار مشروع خط انابيب النفط التصديري الرئيسي باكو- تبليسي- جيهان، لكن البعض ما كانوا يؤيدونه. في نهاية المطاف وقعنا في اسطنبول في شهر نوفمبر للسنة الماضية على هذه المعاهدة، اي وقع عليها الرؤساء لكل من الجمهوريات التركية والآذربيجانية والجورجية والكازاكستانية. كما وقع عليها الى جانبنا السيد بيل كلنتون الرئيس الامريكي بوصفه ضامنا لتحقيق هذه المعاهدة. ثم، من الطبيعي ان هذه المعاهدة كانت من الواجب ان تصادق عليها البرلمانات. لقد صادق عليها كل من البرلمانات الآذربيجانية والجورجية والتركية. وتبدأ الآن الكونسورسيوم اعمالها فعلا وسيتم تأسيس كونسورسيوم جديدة- كونسورسيوم انشاء خط أنابيب النفط لمد خط أنابيب النفط هذا. ومن المتوقع ان يتم توظيف الاموال بحجم مليارين و٢٠٠ مليون دولار تقريبا. من المقرر ان يتم انشاء خط أنابيب النفط هذا خلال ٣ او ٤ سنوات.
لقد اكتشفنا مؤخرا حقول الغاز الهائلة الى جانب النفط. لقد كان ينتج الغاز في آذربيجان في الماضي أيضا وكانت آذربيجان تلبي حاجاتها من الغاز. لكن تلك الحقول الغازية متعطلة.
اننا وقعنا على معاهدة أخرى مع عدة شركات ـ "بي بي"، أموكو" و"ستات اويل" وغيرها. وهذه معاهدة ثانية وتنص على استغلال مكمن "شاه دنيز" الموجود في بحر قزوين. وسميناه بـ "شاه دنيز". هذا الاسم رمزي. واكتشفنا هناك حقول الغاز الهائلة. توجد هناك ترليون متر مكعب من احتياطات الغاز على الاقل، بل وربما اكثر منه. لدينا كثير من حقول الغاز. ويتوقع وجود احتياطات اكثر من الغاز في الأماكن الأخرى. لذلك فاننا نجري الآن محادثات حول تصدير الغاز الى الاسواق العالمية، ونريد ان نتخذ تدابير ضرورية. فلقد أجرينا اعمالا كبيرة في حقول الغاز والنفط هذه لآذربيجان مع اشتراك المجتمع العالمي، اي الشركات الكبرى للعالم، ولهذه الاعمال مستقبل حسن. لكن الاستثمارات الاجنبية تتدفق الآن الى القطاعات الاخرى لآذربيجان وتهتم بها أيضا. يبدأ تحقيق المرحلة الثانية من برنامج الخصخصة في آذربيجان. ستتم خصخصة المؤسسات الصناعية الكبيرة أيضا. ونتمنى ان يكون هكذا وهذا وجد عكسه أيضا في القانون الذي تبنيناه ومؤداه هو ان كل مواطن اجنبي، شركة اجنبية يمكنه ان يأتي ويساهم في الخصخصة في آذربيجان وان يستثمر اموالا لتحقيق مشروعه.
اننا تبنينا عددا كثيرا من القوانين لجلب الاستثمارات الاجنبية إلى آذربيجان، وتسمح تلك القوانين للشركات الاجنبية بتوظيف استثماراتها في آذربيجان وتكسب ارباحا.
اننا على علم بان مجيء المستثمر الاجنبي، خاصة المستثمرين الكبار من اوربا وامريكا الى بلدما، خاصة الدول التابعة للاتحاد السوفييتي السابق يشترط عدة شروط. واولها وجود الاستقرار الاجتماعي السياسي الداخلي. لقد حققنا هذا في آذربيجان. رغم ان النزاع الارمني الآذربيجاني لم يجد حله بعد واكثر من مليون شخص من مواطنينا يسكنون في المخيمات في وضع اللاجئ تمكنا من توفير الاستقرار السياسي الاجتماعي داخل آذربيجان.
اما الشرط الثاني فهو وجود القوانين الضرورية التي تمنح لهؤلاء المستثمرين ضمانات ضرورية وتمكن من تحرير التجارة، عامة، الاقتصاد. كما تم توفير كل الشروط الاخرى. لذلك تتدفق الآن الاستثمارات إلى آذربيجان.
اذا كان يوضع معظم الاستثمارات في القطاع النفطي قبل هذا بسنتين فتدفق في سنة ١٩٩٩ ٦٠ % من الاستثمارات الى القطاع غير النفطي و٤٠ % الى القطاع النفطي. وهذا يدل على توظيف الاستثمارات الاجنبية الآن ليس في القطاع النفطي فقط، بل القطاعات الأخرى. فان آذربيجان لها امكانيات اقتصادية كبيرة ومستقبل حسن أيضا.
على ما قال السفير المحترم ان آذربيجان تقع في موقف جيواستراتيجي اهم. اي ان آذربيجان منطقة مهمة بين الشرق والغرب، بين آسيا واوربا، وبلد يقع على شاطئ بحر قزوين وجنوب القوقاز ويملك امكانيات كبيرة. تجاور اذربيجان مع ايران جنوبا وروسيا شمالا. ولنا حدود على مسافة صغيرة مع تركيا أيضا. لقد تم انتهاك حدودنا مع ارمينيا، وبيننا وبين جورجيا حدود أيضا.
ويهتم الآن عدد كثير من البلدان الكبرى للعالم بالقوقاز. وثمة تنافس معين بين البلدان المختلفة من اجل القوقاز. وهذا جزء من السياسة الدولية الآن. لكن آذربيجان تحافظ وتدافع بشكل قوي عن استقلالها السياسي. لا يوجد في اراضي آذربيجان ولو جندي واحد للبلدان الأجنبية. لكن تتواجد في ارض ارمينيا قواعد عسكرية كثيرة للغاية وصواريخ بعيدة المدى ـ صواريخ من نوع ٣٠٠ـ SS ومنشآت SKAD ، وطائرات حديثة ٢٩ـ MİQ وغيرها. لكنا لم نسمح به. لأننا دولة مستقلة. لن نسمح بوجود القوات المسلحة بلد ما في ارض دولتنا.
أما الشيء الذي يؤدي الى تفاقم وضعنا، فانه مثلا اتضح في سنة ١٩٩٧ ان وزارة الدفاع الروسية زودت ارمينيا بالاسلحة والعتاد بقيمة مليار دولار. ومن الطبيعي ان مجموعات المافيا هي التي تقوم بها. وهذه اسلحة وعتاد خاصة بالدولة. لكن مختلف الاشخاص، ربما يكسبون ارباحا هنا. وهذا، بالتأكيد، يزيد الاوضاع في المنطقة تفاقما.
انظروا الى تلك الخريطة. ويسعكم ان تروا ان، مثلا، الصواريخ والاسلحة وفلان الموجودة في أرمينيا قادرة على ضرب وتدمير اية نقط في القوقاز وخاصة في آذربيجان. من الطبيعي ان هذا يفاقم الوضع في القوقاز الجنوبية. اما نحن فنريد إحلال السلام والامان في القوقاز الجنوبية. ان القوقاز الجنوبية لها اهمية كبيرة جدا ليست فقط للقوقاز الجنوبية، فحسب بل لكل البلدان الاوربية والآسيوية. لذلك واذا تم التوصل الى سلام بين آذربيجان وأرمينيا فيتيسر للبلدان الثلاثة للقوقاز الجنوبيةـ جورجيا، أرمينيا، آذربيجان ان تقوم بتعاون مثمر جدا بينها، من الطبيعي ان هذا قد يؤدي الى تأسيس حلف لضمان الدول الكبرى مصالحها في القوقاز الجنوبية أيضا ولتوفير السلام والأمن والأمان فيها.
لقد تقدمت بفكرة ضرورة انشاء مثل هذا الحلف في خطابي الذي القيته في اجتماع قمة اسطنبول لمنظمة الأمن والتعاون في اوربا المنعقد في السنة الماضية ووجهت نداء سواء الى روسيا وامريكا والبلدان الاوربية وتركيا او البلدان الأخرى دعوت فيه الى تاسيس مثل هذا الحلف للأمن. ان توفير الأمان وإلغاء النزاعات في القوقاز الجنوبية مهم جدا بالنسبة الى روسيا في المعنى الحقيقي من الكلمة، ومهم أيضا بالنسبة إلى البلدان الأخرى المجاورة للقوقاز. وكذلك إلى اوربا. لكننا لم نتوصل إلى هذا بعد. واظن ان الأعمال المتخذة وخاصة، تطوير الاقتصاد ستضمن التوصل الى انجازات معينة في هذا المجال أيضا.
واعلنت ان آذربيجان بلد يقع في ملتقى آسيا بأوربا والشرق بالغرب. تخلد آذربيجان تقاليدها القديمة الوطنية وفي نفس الوقت، تستفيد من القيم الأوربية والقيم البشرية العالمية منذ قرنين. ان آذربيجان بدأت في استيعاب القيم الأوربية والبشرية العامة منذ القرن التاسع عشر وهي بلد اسلامي من حيث أصوله القومية، وتحفظ قيمها الروحية الوطنية. ان مزيج القيم الأوربية والبشرية العامة في آذربيجان بالقيم الروحية الوطنية لبلدنا ادى الى نتائج حسنة جدا. وهذه بدورها مهدت اساسا لانشاء دولة قانونية، وعلمانية وديموقراطية في آذربيجان. ونسير الآن في هذا الطريق. وسيرا في هذا الطريق نريد ان نتكامل تكاملااكثر مع الغرب وأوربا. اي نريد ان نستفيد بشكل اكثر من القيم الأوربية والبشرية العامة. وبهذا السبب بالذات نحن الآن على وشك الانضمام الى المجلس الأوربي.
كما تعلمون ان آذربيجان وجورجيا وأرمينيا قدمت ترشيحها الى عضوية المجلس الأوربي. منذ ٤ سنوات ونتعاون مع المجلس الأوربي. قبل هذا بسنة اصبحت جورجيا عضوا متساوي الحقوق والدائم للمجلس الأوربي. اما هذه السنة فأصدرت الجمعية البرلمانية للمجلس الأوربي في ٢٨ للشهر الماضي قرارا لقبول آذربيجان وأرمينيا معا الى عضوية المجلس الاوربي. اننا نقدر هذا تقديرا عاليا جدا ونعتقد ان البلدان الأوربية، والبلدان الاعضاء في المجلس الأوربي ابدت عناية وانتباها كبيرا لنا.
لكن، في نفس الوقت، نفهم اننا نأخذ على عاتقنا مسؤوليات ومهمات جديدة إيضافية أيضا عند قبولنا الى عضوية المجلس الأوربي. ونعلم مدى صعوبة وشقاوة تلك المهام. ويعتقدون أحيانا في أوربا والولايات المتحدة الأمريكية اننا اذا أعلنا أنفسنا دولة ديموقراطية فهذا يعني اننا اصبحنا دولة ديموقراطية كاملة على الفور. اي يجب أن تكون آذربيجان وكذلك الدول الأخرى الاعضاء في رابطة الدول المستقلة ديموقراطية كما هو الحال في فرنسا والنمسا، او الولايات المتحدة الأمريكية. من الطبيعي ان هذا ليس امرا واقعا. لأنكم النمساويين أيضا جاوزتم طريقا طويلا نحو الديموقراطية، سرتم على هذا الطريق خلال عشرات السنين. ولم تكونوا في جو من الديموقراطية خلال سنة، او ٥ سنوات أو ١٠ سنوات. والمهم هو السير في هذا الطريق واعتبار هذا الطريق طريقا استراتيجيا. هذا هو المهم واننا نسير في هذا الطريق مسترشدين بهذا ومعتبرين هذا الطريق طريقا استراتيجيا. لذلك نتولى مطالب المجلس الأوربي بدخولنا الى المجلس الأوربي لنتمكن من تحقيق تلك الانجازات لمدة أقصر منها حصلت عليها البلدان الأوربية. وأظن ان لجنة الوزراء للمجلس الأوربي أيضا ستبحث هذه المسألة وسيتيسر لنا ان نصبح لهذه السنة عضوا متساوي الحقوق في المجلس الأوربي. واؤكدكم على اننا سنستحق للقبول الى عضوية المجلس الأوربي.
اما المسألة الرئيسية الماثلة أمام الدولة الآذربيجانية الآن فإنها الحفاظ على الاستقلال السياسي والدفاع عنه. اننا نريد ان نعيش كدولة مستقلة. ونريد ان يتحرر شعبنا. ونريد ان نقرر مصيرنا ونكون اصحاب بلدنا وبالطبع ان نقيم علاقات مفيدة متبادلة وعلاقات الصداقة مع كل البلدان وننشئ علاقات سلمية مع كافة البلدان. اننا أنصار السلام في القوقاز الجنوبية وفي القوقاز عامة، وكذلك في العالم بأسره. لأن القرن العشرين المنتهي اظهر كم ضربات ألحقت هذه الحروب بالبشرية. ويجب ان يستخلص الجميع منها النتيجة. يجب ان يستخلص كل شعب والشعب الآذربيجاني الصغير منها النتيجة.
واذ ننتهج هذه السياسة ونحن على عتبة القرن الواحد والعشرين والألفية الثالثة وسنتقدم إلى الامام بانتهاج هذه السياسة في القرن الواحد والعشرين أيضا.
واشكركم لاصغائكم. اذا لديكم اسئلة فاني مستعد لرد عليها.