مؤلفاته / السياسة الداخلية / في الأقاليم

خطاب حيدر علييف الرئيس الآذربيجاني في حفلة الافتتاح المهيب لمسجد جديد في جمهورية ناختشفان ذات الحكم الذاتي - ١٠ أكتوبر عام ١٩٩٩


الناختشفانيون الأعزاء!

المسلمون الأعزاء!

الضيوف الكرام!

يحدث اليوم حدث كبير جدا في حياة جمهورية ناختشفان ذات الحكم الذاتي التابعة لجمهورية آذربيجان. اجتمعنا في حفلة افتتاح مسجد جديد، بيت الله في ناختشفان. وهذا عيد كبير بالنسبة لنا. خاصة، أريد الإشارة إلى انه تحتفل في هذه الأيام ذكرى مرور ٨٥ سنة على تأسيس جمهورية ناختشفان ذات الحكم الذاتي. إن افتتاح المسجد في هذه الأيام بالذات يدل على مدى ارتباط مواطني سكان، مسلمي جمهورية ناختشفان ذات الحكم الذاتي، عامة، الناختشفانيين بدينهم الاسلامي واعتقادهم بتقاليد الدين الإسلامي.

وأهنئكم - سكان جمهورية ناختشفان ذات الحكم الذاتي وضيوفنا الكرام الذين حضروا من جمهورية ايران الاسلامية من صميم القلب بمناسبة هذا الحدث المشهود وأريد ان أعرب عن ثقتي في أن هذا المسجد سيعيش خلال مئات السنين وستخدم ناختشفان لبقاء الشعب الآذربيجاني متمسكا دائما بالدين الاسلامي وستطور القيم المعنوية لشعبنا.

لقد أعلن هنا حول إنشاء وتاريخ المسجد. لكني أيضا أريد أن اقول حول هذا. لأني اليوم أحس اليوم مشاعر الافتخار والفرح الكبير. لأني قدمت مبادرة انشاء هذا المسجد هنا في ناختشفان. واني مؤسس وباني هذا المسجد.

وكنت أزور دائما مسجد ناختشفان وألتقي بالمؤمنين في تلك السنوات، خاصة في عام ١٩٩٢ في الوقت الذي كنت أعيش في جمهورية ناختشفان ذات الحكم الذاتي بأمر الله تعالى أتولى رئاسة هذه الجمهورية. إني اعرف جيدا ذلك المسجد. لأن أبوي كانا يأخذاني إلى ذلك المسجد عندما كنت صغيرا. صحيح اننا كنا نعيش حينذاك في عهد الحكم السوفييتي في بلد كان يحقق الإيديولوجية الشيوعية. اما الدين فكان محظورا حينذاك، كانت توجه الدعاية ضد الدين، حملة الالحاد على التوالي، كانوا يحاولون إبعاد الناس عن الدين. إن الدولة الموجودة آنئذ ما كانت تستطيع التوصل إلى أي شيء في الحقيقة ولو انها نجحت في هذا الى حد ما في الظاهر، وكان ابي وكذلك أمي يصليان، وكانا يزوران المسجد دائما ويأخذاني معهما الى المسجد عند صغاري. إن ذهابي الى المسجد أثر على تكوين الصفوة والصدق لدي، الى جانب التعليم، والتهذيب الذي تلقيته في المدرسة عند صغاري ذلك.

أتذكر انه كان لهذا المسجد فناؤه. وحولوا جزء منه الى المدرسة. لأنه كانت تنشأ المدارس في ناختشفان ولكن المباني لم تكن موجودة. وكان وراء جانب بناية المسجد الذي امامنا الآن فناء كبير، وكان الى جانب الفناء تقع البنايات - ربما كانت هي الأخرى من بنايات المسجد. لكن كانت هناك مدرسة عندما رأيته. وكان التلاميذ يدخلون الى المسجد مرورا بفناء المسجد بعد خروجهم من المدرسة. وأتذكر إحياء أيام العاشوراء في فناء ذلك المسجد. ورأيت كل ذلك.

ولم افقد ابدا إيماني وافتخرت دائما بالدين الاسلامي للامة التي أنتمي إليها. وما كان يرتابني الشك ان الحين سيحين وسيتحرر الناس تماما في بلدنا أيضا، بما في ذلك سيتمتعوا بحرية الاعتقاد وسيتمكنون من الإعراب عن احلامهم ورغباتهم بشكل سافر أيضا.

وكنت قد غادرت ناختشفان منذ مدة طويلة من أيام شبابي. وكنت أعمل في باكو - كنت أتولى قيادة آذربيجان، بعد هذا كنت أعمل في موسكو، كنت احدا من قادة الاتحاد السوفييتي- تلك الدولة العظمى. وكان يقود تلك الدولة المكتب السياسي الذي كان يضم ١٠ أو ١٢ شخضا، ولم يتيسر لأي مسلم إلا أنا ان يدخل ذلك المكتب السياسي على مدى تاريخ الاتحاد السوفييتي. وكنت مسلما وحيدا عضوا في المكتب السياسي لدى قيادة الاتحاد السوفييتي. لكني كنت احمل في قلبي دائما روحي القومية وتقاليدي وحيثيتي القومية وتقاليد ديننا.

وذكر صديقي فضيلة شيخ الإسلام الحاج الله شكر باشازاده حدثا مأساويا في حياتي. عام ١٩٨٠ توفي قرينتي ظريفا خانم عندما كنت أحدا من قادة تلك الدولة في موسكو. ووارينا جثمانها الثرى في أشهر مقبرة في موسكو، روسيا. لأني كنت أعيش مع أسرتي في موسكو. فيما بعد كنت أزور تلك المقبرة مرارا ولم أر، فيها ولو قبرا واحدا للمسلم. لكن شيخ الإسلام الله شكر باشازاده كان إلى جانبي اثناء الدفن. نعم، هذه هي الحقيقة. إنه ذكرني هذا. وكان يشترك في حفلة الدفن قادة الدولة العظمى بينما كان شيخ الاسلام لمسلمي القوقاز يتلو القرآن ويحاول تنفيذ حفلة الدفن هذه وفقا لجميع التقاليد.

وكان يضيقني جدا عندما بدأت أعيش في ناختشفان بعد مغادرتي موسكو. لأن قرينتي كانت مدفونة في مكان غريب. لكن لم يكن لدي أي إمكان لإعادة دفن جثمانها في أرض الوطن حينذاك. ويعرف بعض الحاضرين هنا انه كانت توجه ضدي حملة معادية جدا وتطلق علي الافتراءات في موسكو حينذاك. وكنت قد استقلت. وكان الكثيرون قد قالوا انه يكفي بقاء المسلم في هذا المنصب. مع الأسف ان الأوضاع في آذربيجان أيضا كانت متوترة في تلك السنوات. لكني نظمت مع الله شكر باشازاده المحترم من جديد نقل نعش قرينتي الى الوطن وواريناه الثرى في وطني فور دعيت الى تولي قيادة آذربيجان في سنة ١٩٩٣.

واقول هذا لأول مرة. ذلك لأني في مسقط رأسي، بين أصدقائي. ذلك لأن هذا الحدث له صلة معينة بهذا اليوم. عندما كنت أعمل هنا خلال سنوات ١٩٩٠-١٩٩٣ كنت اذهب الى المسجد والتقى بالمؤمنين وكنت اعرب عن أحساسي ومشاعري الروحية هناك. لكني أفكر في ان ناختشفان كانت تحتاج الى مبنى اكبر. بناء المسجد موافق للمتطلبات العصرية بعد حصولنا على حريتنا الوطنية وحرية اعتقادنا.

لقد فكرت كثيرا في هذا، لكن لم يكن لدي اي إمكان. كما تعلمون ان القوات المسلحة لأرمينيا شنت الحرب ضد آذربيجان منذ سنة ١٩٨٨ بهدف الاستيلاء على ناغورني كاراباخ التي هي ارض لا يتجزأ من آذربيجان في شهر أغسطس عام ١٩٩٢ في الوقت الذي كانت آذربيجان تجتاز عهدا صعبا. وألحقت هذه الحرب بآذربيجان أضرارا فادحة وأدت الى إراقة الدماء. واستشهد الآذربيجانيون، المسلمون في المعارك ضد الأرمن. واسفر هذا عن انقطاع العلاقة بين باكو عاصمة آذربيجان والمدن الأخرى تماما بسبب عزل ناختشفان عن الأراضي الرئيسية لآذربيجان عن طريق اراضي ارمينيا أثناء الحرب من اجل ناغورني كاراباخ.

لم يكن لدينا هنا الطاقة الكهربائية والغاز. والماء كان شحيحا. ان حياة الناس كانت صعبة وشاقة. حينذاك دعاني هاشمي رفسنجاني الرئيس الإيراني المحترم وعلي أكبر ولايتي وزير الخارجية الإيراني المحترم الى طهران. وناقشنا هناك المسائل المتعلقة بتقديم المساعدات الى ناختشفان. وفقا للبروتكولات التي وقعنا عليها بدأ نقل كمية معينة من الطاقة الكهربائية الى ناختشفان من إيران. تم تقديم بعض المساعدات الغذائية الى ناختشفان. وتم تسهيل القواعد المتعلقة بالعبور من الجسر الواقع بين ناختشفان وايران. وتم تسهيل المسائل المتعلقة بتبادل زيارات الناختشفانيين والإيرانيين، وكذلك بهدف التجارة. واجري كثير من الاعمال الأخرى أيضا.

لكني سافرت اليها لخلاص ناختشفان التي فرضت ارمينيا الحصار عليها وللحصول على المساعدة من جمهورية إيران الإسلامية وحصلت على كمية معينة من هذه المساعدات. والى جانب كل هذه الأعمال الصعبة فإني طرحت مسألة إنشاء مسجد في ناختشفان كمسألة أولوية.

وتحدثت بهذا الصدد مع الرئيس السيد هاشمي رفسنجاني وزرت ضريح الإمام رضا بمشهد والتقيت بفضيلة آية الله خامنئي الذي كان هناك حينذاك واعلنت فكري وتمنياتي هذه. بمباركة فضيلة المرشد الأعلى لإيران آية الله خامنئي اتخذ صديقي العزيز المحترم السيد رفيقدوست والمنظمة التي يرأسها قرارا حول إنشاء المسجد في ناختشفان ووقعنا على البروتكول.

واقول مرة أخرى ان ناختشفان كانت تواجه حينذاك الصعوبات الكبيرة، اي كان يتجمد الناس في الشتاء وكان ينقص الأكل. لكن رغم كل هذا فإننا لم ننس مسألة إنشاء المسجد. بعد وقت معين زار السيد رفيقدوست ناختشفان والتقينا به. وقلت له انه يجب علينا ان نرسي الحجر الأساسي للمسجد. سألني مكانه. وأعلنت انني اخترت مكانا، فهذا المكان.

لماذا اخترت هذا المكان؟ لأن، أولا، هذا المكان بقعة جميلة لمدينة ناختشفان. ثانيا، ويعلم الناختشفانيون انه عاشت في هذا المكان عائلة الاشراف الكبيرة. ومنهم كان مير جعفر سيدوف مدرسي، واشتغل أخوه عاقل سيدوف بالتدريس، وكان مير حسن سيدوف ممثل المسرح الناختشفاني. اني سميت افراد هذه العائلة بسيدوف، لأنهم كانوا اشرافا (شريف بالاذربيجانية سيد)، لكنهم، كانوا اصلا مير جعفر ميرشلي، عاقل ميرشلي، مير حسن ميرشلي ورامز ميرشلي وهو ملحن كبير لآذربيجان اليوم.

فكنت قد رأيت بيوتهم هنا بالذات في تلك السنوات. فيما بعد عندما زرت هنا رأيت ان جزء من بيوتهم قد إنهارت، وبقي جزءها. في هذا المكان بنايات أخرى غير صالحة أيضا. واخترت هذا المكان لإنشاء المسجد. وحضرنا مع السيد رفيقدوست، ولا اعلم بالضبط هناك أو آخر وضربنا المعول. هل تبقى الصور الملتقطة حينذاك، أم لا؟

واسف طالبوف: موجود.

حيدر علييف: ضربنا المعول. لقد أرسينا الحجر الأساسي لهذا المسجد. لقد حدث هذا في سنة ١٩٩٢. صحيح، لقد طال بدء هذا العمل، وكان السيد رفيقدوست قد وعدني بانه سيبدأ هذا قريبا. لكن تدهورت الأمور في آذربيجان فيما بعد. وبعد هذا بسنة، أو بنحو ٩-٨ أشهر غادرت هنا الى باكو وانتخبت رئيس آذربيجان. واصبحت هناك مشغولا جدا. لكني كنت أسأل دائما واسف طالبوف عن سير اعمال إنشاء المسجد. وكان يقول أحيانا ان الأعمال مستمرة وأحيانا ان الأعمال توقفت. عندما كنت أسأل سبب التوقف كان يجيبني على أنه كانوا يستوردون شيئاما من آذربيجان الغربية والشرقيية لإيران، ولا يجيء بعض الناس.

إتصلت هاتفيا بالسيد رفيقدوست وقلت له انه يجب تنفيذ البروتكول. وهذا حديث طويل. وفي النهاية، دعوت السيد رفيقدوست إلى باكو. حينذاك كنت رئيسا لآذربيجان. وأجرينا حديثا طيبا جدا في باكو. إنه صار ضيفي العزيز. وقلت له إنني احدد لك ٤ أشهر لإنتهاء إنشاء المسجد. وإني ممتن اليوم لأنه لبَّى رجائي ونفذ ما وعدني به. إن بناية المسجد جاهزة منذ وقت. لكن كان من الظروري إيجاد وقت مناسب بالنسبة الى الطرف الإيراني وكذلك الطرف الآذربيجاني، اي بالنسبة لي لأجل إقامة حفلة افتتاحه ووجدنا هذا الوقت المناسب، وسافرنا الى هنا، والآن نحن معا.

إني أقول هذا بإسهاب، وذلك لاني أجد نفسي سعيدا جدا. وسرني جدا انه تيسر لنا إنشاء بناء كبير، مسجد جديد في ناختشفان مع جمهورية إيران الإسلامية، بمساعدتها المباشرة، وهو نموذج عمراني للعالم الشرقي في نفس الوقت إلى جانب الآثار العمرانية الكبيرة التي أنشأتها في آذربيجان، من جملتها في ناختشفان.

ان تأريخ المسجد الحالي في ناختشفان. اذا لا أعدو الصواب، يعود إلى أكثر من ١٠٠ سنة. لكن هذه البناية الجديدة ستعيش لمدة مئات السنين. إن الأجيال القادمة ستسأل الله الرحمة لنا. فلا أجر بالنسبة لي اكبر منه.

إني ممتن جدا لإنشاء هذا المسجد. واني ممتن جدا لأن ضيوفنا واصدقاءنا رفيعي المستوى والمحترمين جاؤوا للاشتراك في افتتاح المسجد من جمهورية إيران الإسلامية. وإني ممتن جدا لهذا اللقاء أيضا.

ويحمل هذا المسجد معنئً كبيرا وهو نموذج جميل للصداقة والاخوة والتعاون الإيراني الآذربيجاني. إننا نريد دائما كدولة مستقلة ان نطور ونوسع علاقاتنا مع جارتنا وصديقنا وشقيقنا جمهورية إيران الإسلامية. وأعتقد ان لدينا إمكانيات كبيرة لهذا وعلينا ان نستفيد منها. على كل حال فإننا انجزنا مزيدا من الاعمال خلال مدة قصيرة بفضل هذا التعاون عندما كنت في ناختشفان. لقد قلت ان الطاقة الكهربائية بدأت تستورد من إيران بكمية ٤٠ ميجاوات، وشكرا جزيلا لكم على هذا. صحيح، إننا ندفع كلفته، ولا تأتي هذه الطاقة مجانا. لكنها بالذات هي الأخرى شيء كبير.

ومما يسرني هو انه تم تسهيل قواعد الذهاب والعياب بين إيران وناختشفان. وأعتقد ان الحكومة الإيرانية اكرمت كثيرا في هذا المجال. تنتهج سياسة جميلة بحيث يستطيع الناس ان يذهبوا الى ايران من ناختشفان ويرجعوا الى ناختشفان خلال ٢٤ ساعة ويشتغلوا بالتجارة بشكل حر. وكان هذا حلمنا.

كما تعلمون اننا نريد ان يرتفع عدد الزيارات لكل بلد وبالتأكيد، لبلد صديق من آذربيجان المستقلة. أما إيران فإنها تحتل مكانا خاصا هنا. لا توجد دولة اخرى بالنسبة لآذربيجان حيث يعيش اقرباء الآذربيجانيين، المسلمين لبلدنا هناك في إيران وكذلك ليس بإيران ذاتها، خاصة بالجزء الشمالي أسرة إلا واقرباؤها، أو اخوتها من آذربيجان - وأقصد بهم المهاجرين الى البلدان الغربية، الأوربية واريد بهم الاشخاص في الأزمنة القديمة. منذ ٧٠ سنة وإننا كنا محرومين من هذا. ورأيت كل هذا بأم عينيّ. وكان الناس يخافون من ان يكشفوا ان لهم أقرباء في إيران. في هذه الحالة كانوا يفصلونهم عن العمل ويعاقبونهم. لذلك فإن الجميع كانوا يخبئون وجود اقربائهم في إيران. عندما افتتحت المعابر الحدودية كم ظهر أقرباء! كان من الواجب ان تمنح لهؤلاء الناس الحرية. وها هي الحرية منحت. ان العلاقات بين ناختشفان وإيران الآن أجمل، امثل العلاقات.

وأتمنى ان تزداد هذه العلاقات تطورا منذ الحين. عند حديثي حول الصداقة الإيرانية الآذربيجانية اليوم أشكر قادة إيران - سماحة آية الله خامنئي والرئيس هاشمي رفسنجاني ووزير الخارجية السيد ولايتي وغيرهم من القادة على الخدمات التي قدموها حينذاك لناختشفان، آذربيجان.

فإني أشكر علي عبد العلي زاده والي آذربيجان الشرقية حينذاك ووزير الحكومة الإيرانية حاليا. لأن ناختشفان قريبة جدا من آذربيجان الشرقية أيضا. وكان علي عبد العلي زاده يبدي حينذاك عناية الاخوة لناختشفان. فإني ممتن لأنه وزير الحكومة الإيرانية حاليا.

هذا فإني أشكر السيد شافعي الذي زار كثيرا ناختشفان حينذاك وكان رئيس اللجنة المشتركة الآذربيجانية الإيرانية لمدة طويلة، وعددا كثيرا من اصدقائنا الذين قدموا مساعدات لناختشفان حينذاك.

ان السيد رفيقدوست جاء ليس فقط لإنشاء المسجد هنا، فحسب بل فتح هنا محلا ودكانا حسنا للتجارة وقام بتجارة البضائع فيه. وخصصته مكانا. ولذلك، كنت أقول بانني سأدعوه إلى باكو، آذربيجان لأعينه وزير التجارة.

كما تعلمون اني اتحدث عن تلك الأيام بحزن من جهة، لأننا اجتزنا فترة صعبة جدا. من جهة أخرى اتحدث بمشاعر الافتخار لاننا عشنا في تلك الفترة الصعبة والشاقة ولم ننكسر، ودافعنا عن أراضينا وطورنا جمهوريتنا.

أتذكر ان السيد عبد العلي زاده زار ذات مرة ناختشفان ضمن وفد كبير. كان الشتاء حينذاك، ويعلم الناختشفانيون ان الشتاء هنا يكون قاسيا جدا. واستضفته. كنا نتناول الطعام مرتجفين ونحن جالسون في غرفة الضيف لمنزلي بناختشفان ما كنا نخرج يدينا من جيوبنا بفرط البرد. ما كنا قد خلعنا بنطولوننا. صديقي، هل تتذكرون هذا؟ وسألني علي عبد العلي زاده كيف تستطيعون العيش هنا؟ وأجبت، تصوروا كيف نعيش الآن هنا. لقد اجتزنا مثل هذه الصفحات من حياتنا.

أما الآن فإننا نعيش في ظروف مغايرة تماما حاليا. صحيح، ان آذربيجان أمامها صعوبات كبيرة جدا. بما في ذلك، أكبر صعوبة بالنسبة لناختشفان هو انها لا تزال اليوم تتمكن من الارتباط بباكو آذربيجان عن طريق الجو فقط بسبب النزاع الأرمني الآذربيجاني. لا طريق آخر دونها. وأذكر هنا مرة أخرى مساعدة ايران على آذربيجان، ناختشفان وأبدي شكري لها. عندما انقطع ارتباط ناختشفان بباكو برا سمحت الحكومة الإيرانية بعبور سيارات ناختشفان أراضي إيران إلى باكو ونستفيد من تلك الطريقة حتى الآن. ترون كم من الوقائع والأمثلة. ويسعني أن أضيف كثيرا.

إذن، إن يومنا هذا عيد وافتخار الصداقة الإيرانية الآذربيجانية. إيران دولة كبيرة وقوية ودولة تحافظ على الدين الإسلامي. إن الثورة الإسلامية غيرت حياة هذا البلد تغييرا جذريا وخلقت إمكانيات كبيرة لتطويره وتحسين معيشة الشعب وخلصت إيران عن نير الاستبداد. إيران جمهورية إسلامية. إننا نقبل هذا كما كانت كدولة، بلد وجار وصديق. عامة، سياسة آذربيجان هي عدم تدخل اية دولة في الشئون الداخلية لدولة اخرى. يجب ان تنشئ كل دولة مستقلة حياتها كما يريده شعبها، ويجب الا يحدث التدخل من الخارج، واقول هذه الكلمات لأن بعض الناس، خاصة المعارضين لنا في آذربيجان يدعون انه لا توجد الحرية وفلان وفلان في إيران. إني أدحض دحضا هذه الأفكار. وأعتقد انه يجب الا يتدخل أي أحد من آذربيجان في الشئون الداخلية. فإني اعلن هذا اليوم ليعلم الجميع.

لكن عندنا حرية الصحافة. إن الناس ينشرون في الصحف ما يريدونه. من جملتها يكتبون المعلومات المليئة بالأكاذيب والافتراءات في جرائد المعارضة كل يوم عن الرئيس الآذربيجاني حيدر علييف. واحيانا يكتبون في عدة صحف إيرانية الاكاذيب والافتراءات عن حيدر علييف. لكني لا اهتم بهذا أو ذاك. انما ليس هذا هو الأساس. فإني أعلم ان هذا او ذاك كذب وافتراء.

ان آذربيجان دولة ديمقراطية وقانونية وعلمانية. وأخذنا هذا الطريق بعد حصولنا على استقلالنا ونسير وسوف نسير في هذا الطريق. لأن الاحداث الجارية خلال القرنين الأخيرين في حياة آذربيجان وضعت أساسا لتطوير آذربيجان كدولة ديمقراطية وقانونية وعلمانية بالذات، وهذا طريقنا. ونسير في هذا الطريق. ونمشي في هذا الطريق: إنشاء الدولة العلمانية، وفي نفس الوقت حرية الضمير؛ الدولة العلمانية الى جانب الاستفادة من كل القيم المعنوية للدين الإسلامي- كيفما يريدون يستفدون من هذا. ترون، كم من سياسة طريفة وجميلة. إننا ننتهج وسوف ننتهج هذه السياسة.

وأعتقد أنه يجب على كل بلد أن يتخذ موقف الاحترام تجاه النظام العام للدولة الأخرى وسياستها ووضعها الداخلي. إننا نحترم احتراما كبيرا النظام الداخلي السائد في إيران وسياستها الداخلية. وتحترم إيران هي الاخرى النظام الداخلي لآذربيجان ونظامها العام وعلمانيتها، وهذا من المبادئ الرئيسية لصداقتنا واخوتنا.

اما الذي يزداد التقارب بيننا فهو وحدة الجذور التأريخية القديمة لشعوبنا. ان جذورنا التأريخية واحدة. اننا شعوب تنحدر من جذور واحدة وتأريخ واحد، وضع أجدادنا القدامى تقاليد قيمة بالنسبة لنا اليوم في إيران وكذلك في آذربيجان. لا يوجد بلد متشابه آخر إلى هذه الدرجة كإيران وآذربيجان. فيما قبل في اوقات الاتحاد السوفييتي كان نهر أراكس مانعا، لكن هذه العرقلة تمت إزالتها الآن. وتنشأ الآن الجسور على هذا النهر. وأعتقد، ستنشأ الجسور الجديدة وستزداد علاقاتنا تطورا.

وأتمنى اليوم للشعب الإيراني السلام والأمان. واتمنى اليوم للشعب الإيراني الرفاهية. انتخب الشعب الإيراني فخامة خاتمي رئيس البلد على اساس الانتخابات الديمقراطية. فور انتهاء هذه الانتخابات صرحت أمام ممثلي الصحافة لعدة بلدان غربية قلت بأنكم تدعون انه لا توجد في ايران ديمقراطية. هل يمكنك ان تجد الديمقراطية احسن منها؟ وتظهر هذه الانتخابات بالذات ان الديمقراطية في ايران في مستوى عال جدا.

لكن من الطبيعي ان لكل بلد سماته المميزة. لا يمكنني ان اوافق على ان يكون كل شيء في آذربيجان كما هو الحال في فرنسا وانجلترا وأمريكا. لا يمكنني ان أوافق على هذا. أنشئ في آذربيجان دولة ديمقراطية. لكن آذربيجان لها تقاليد قومية معنوية، ولايران أيضا تقاليدها القومية المعنوية، إيران دولة إسلامية. إن إجراء الانتخابات الديمقراطية وانتخاب رئيس من بين عدد من المرشحين في مثل هذه الظروف هو من اجمل نتائج الثورة الإسلامية الإيرانية.

وأعتقد ان فخامة خاتمي الرئيس المنتخب من قبل الشعب الإيراني يبدي اهتماما كبيرا جدا لتطور العلاقات بين إيران وآذربيجان. وشعرت بهذا عندما التقيت به في طهران واجريت حديثا مفصلا معه. وبعد هذا شعرت بهذا من صلاتنا عبر الرسائل وخاصة من حديثي مع السيد عبد العلي زاده الذي قام بزيارة اخيرة لآذربيجان. وأعلن اليوم مرة أخرى، لتعلموا أصدقائي الأعزاء ويعلم خاتمي فخامة الرئيس الإيراني أني باعتباري رئيسا لآذربيجان اعمل وسوف استمر في العمل في سبيل سلامة العلاقات الإيرانية الآذربيجانية وتطويرها المتواصل. وهذا ضروري لشعوبنا ودولنا. لا يمكن اي احد ان يغير سياستي هذه.

إننا اليوم نرى مرة أخرى مؤشر القيم المعنوية للدين الإسلامي. ان القيم المعنوية للدين الإسلامي لها اكبر مكان. يبلغ ويمدح كل شعب الدين الذي ينتمي إليه. لكن، في نفس الوقت، ثمة مجال للمقارنة. ولا شك في انك ترى عند المقارنة ان الدين الاسلامي الذي أسسه محمد رسول الله والقرآن الشريف المقدس كان ولن يزال يكون معينا روحيا لشعوبنا على مدى العصور. ان مسلمي آذربيجان سيكونون هكذا دائما.

هذا وارحب مرة أخرى بضيوفنا من إيران. واستمعت بكل امتنان إلى الخطبة القيمة التي ألقاها هنا آية الله مجرندي شبستري امام الجمعة لتبريز. وأظن اننا سنرتقى بصداقتنا وأخوتنا إلى الامام بمثل هذه الخطابات والمحادثات والاتصالات. وأشكر جميع الضيوف الوافدين من إيران. اني ممتن جدا للقاء معكم وأهنئكم جميع الناختشفانيين مرة أخرى بمناسبة الحدث المشهود اليوم. شكرا لكم.

جريدة "آذربيجان"

١٢ أكتوبر عام ١٩٩٩