رئيس جمهورية تركيا الفخامة صديقي العزيز أخي المحترم احمد نيجدات سيزر!
رئيس جامعة أنقره المحترم!
السيناتورات الكرام!
السيدات والسادة المحترمون!
الاصدقاء الاعزاء!
أنا في زيارة رسمية لجمهورية تركيا في ١٢ مارس تلبية لدعوة رئيس جمهورية تركيا صديقي واخي العزيز احمد نيجدات سيزر. وليست هذه زيارتي الأولى لتركيا. زرت تركيا مرارا منذ عام ١٩٩٢. أقيمت زيارات رسمية وزيارات العمل ايضا. حتى قمت بزيارة عادية الى تركيا. كل هذا قيم بالنسبة لي. لكن وجهات النظر للناس تتغير كما تتغير الحياة. وتكون الخطوة الجديدة اهم مما يسبقه. لذلك اقدر هذه الزيارة تقديرا عاليا جدا. أولا لأننا أجرينا هنا لقاءات ومفاوضات عميقة ومفصلة مع الرئيس المحترم صديقي العزيز. قمنا بتبادل آرائنا حول المستوى الحالي للعلاقات التركية الاذربيجانية ومستقبلها وأعربنا مرة اخرى عن الفكرة القائلة بان العلاقات التركية الاذربيجانية تتطور يوما بعد يوم. هذه علاقات الصداقة والأخوة. هذه علاقات مرتبطة بجذورنا التاريخية العميقة وقيمنا المعنوية القومية – علاقات مربوطة بانتمائنا الى دين وثقافة ولغة مشتركة. علاقات بين أمة واحدة في دولتين. اذا تحدثنا من وجهة النظر الدولية فهي علاقات الشراكة الاستراتيجية. هذه مهمة سواء لتركيا او لاذربيجان. لان العالم يشهد أياما صعبة. تجرى في العالم احداث معقدة جدا. وتحدث جزء من هذه الاحداث، بل وأشدها في منطقتنا القوقاز إلى جانب تركيا. فيها حرب ونزاعات وكذلك مسائل عالقة. في كل هذه الأحداث، بالطبع كانت تركيا واذربيجان الى جانب بعضهما البعض وتتكاتفان. يسعني القول بامتنان اننا اكدنا اليوم مدى صحة طريقنا هذا.
كانت كل اللقاءات الاخرى مهمة بالنسبة لي. خاصة فإن ندائي الموجه الى نواب البرلمان ممثلي الشعب في مجلس الأمة الكبرى المحترم وتوضيح أفكاري فيه كان مهما جدا بالنسبة لي.
هذه الايام التي تقيم خلالها في تركيا عزيزة بالنسبة لي وللشعب الاذربيجاني. تبث لقاءاتنا ومفاوضاتنا هناك عبر القنوات التلفزيونية كل يوم لاذربيجان. يبلغونني دائما ان شعبنا وامتنا تتبعون كل هذا بمعنوية كبيرة وبشغف. هذا يعجب الجميع. لان شعبنا هو الآخر يفهم ويدرك مدى اهمية هذه الاخوة الى جانب رجبدأتال الدولة.
احد مواضيع رئيسية لمحادثاتنا هنا هو إحلال السلام والأمان والأمن في القوقاز. لقد تقدمت تركيا واذربيجان بمبادرة هذا. هذا مهم جدا لشعبينا وللقوقاز وبل لكل العالم. لكن هذا يحمل اهمية كبيرة بالنسبة لنا، لاذربيجان. كما تعلمون ان النزاع بين ارمينيا واذربيجان نشب منذ عام ١٩٨٨. عام ١٩٨٨ بدأت ارمينيا تحتل ناغورني كاراباخ الارض القديمة وجزئها غير المتجزأ منها تحت دعاو اقليمية. في هذه الأحيان كانت اذربيجان وارمينيا معا تابعتين للاتحاد السوفييتي. لكن مع الاسف، ما كان يتخذ حكومة الاتحاد السوفييتي ورؤساؤه موقفا عادلا حينذاك. ويدعمون كثيرا أرمينيا، لا لأذربيجان.
فيما بعد فإن انعدام الاستقرار داخل اذربيجان وعزم الشعب بالتضامن وخوض القوى المتفرقة نضالا من أجل الحكم في مواجهة البلد مثل هذا الوضع الشاق والاستفادة من الميليشيات، قد قسم شعبنا الى حد معين. لكن الارمن اتحدوا بدون الخلافات الداخلية مستفيدين منه بمهارة وهبوا للاستيلاء على ناغورني كاراباخ. بهذه الاسباب بالذات احتلت ٢٠ بالمئة من الاراضي الاذربيجانية من قبل ارمينيا وتم تشريد اكثر من مليون اذربيجاني اخواتكم واخوتكم من هذه الاراضي ويسكنون في المخيمات منذ ما يزيد عن ٧-٨ اعوام.
اوقفنا الحرب عام ١٩٩٤ ووقعنا على اتفاق حول وقف اطلاق النار. حاولنا ايجاد سبل لتسوية القضية بالطريق السلمي. اعتقد ان هذا كان حدثا كبيرا. كانت الحرب تؤدي الى هراقة الدماء وقتل الناس وكذلك مع الاسف فقد اذربيجان اراضيها.
تجري مفاوضات السلام ابتداء من عام ١٩٩٤. تجري هذه المفاوضات مجموعة مينسك المنبثقة عن منظمة الامن والتعاون في اوربا. مجموعة مينسك مؤلفة من ١٢دولة. من بينها تركيا. لمجموعة مينسك رؤساؤها المشاركون. وهم روسيا والولايات المتحدة الامريكية وفرنسا. نريد ان يعود الناس الى ديارهم وتؤمن سيادة اذربيجان وسلامة حدودها على اساس القانون الدولي باشتراك تركيا الفعال في هذا العمل وبالتعاون معهم. هذا هو هدفنا الرئيسي.
يعيش الارمن دائما بالدعاوي الاقليمية، على ما تعلمون. ان القرارات الصادرة في بعض البلدان مؤخرا عما اسماهم "مذبحة الارمن" في عهد الامبراطورية العثمانية اشياء خاطئة وغير مبررة. قلت هذا في مجلس الامة الكبرى وكذلك اقوله اليوم – هذا لم يحدث وهذا ملفق.
اذا تحدثنا عن هذا هذه الفترة وما بعدها نر ان الارمن قاموا بمذبحة الاذربيجانيين والاتراك. ابادت القوات المسلحة لارمينيا اثناء الحرب الدائرة حول ناغورني كاراباخ بمشاركة الفيلقة الروسيبرقم ٣٦٦ (كان يقع في ناغورني كاراباخ) سكان مدينة خوجالي في ليلة واحدة. هذه هي المجزرة. اذا يتحدثوا عن تعرضهم للـ"مجزرة" قبل هذا بـ٨٥ سنة فهذه مجزرة حدثت الآن في نهاية القرن العشرين ضد الاذربيجانيين والاتراك في نهاية القرن العشرين. بهذا السبب لا حق لهم في التحدث عن تعرضهم للمجزرة. لنا الحق في الحديث عن تعرضنا للمجزرة.
اريد القول بهذا، ان مع الاسف، الارمن يستطيعون التوصل الى اصدار مثل هذه القرارات مستفيدين من امكانيات جالياتهم في الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا والبلدان الاخرى لاوربا. لا يتخذون موقفا عادلا في محادثاتنا السلمية ايضا. بسبب استيلائهم على اراضينا يتقدمون بشروط غير ملائمة بالنسبة لنا. بالطبع، لا يمكننا قبول هذه الشروط. لذلك تستمر محادثات السلام.
كما تعلمون اني التقيت مع الرئيس الارميني كوتشاريان مرتين اثناء زيارتي لباريس. ثم جرى اللقاء الثلاثي مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك. لكن هذه الاجتماعات لم تسفر عن نتيجة كبيرة الى حد ما. اما الآن فأظن، كما تعلمون من القنوات التلفزيونية، ان حكومة الولايات المتحدة الامريكية دعت الرئيسان الاذربيجاني والارميني للقيام بزيارة الولايات المتحدة الامريكية. ستجرى محادثات بيننا في فلوريدا في 3 ابريل. تقدم كولين باول بهذه المبادرة. لكن الرئيس بوش هو الآخر يشتغل بهذه المسألة. حسب المعلومات الواردة منهم ان هذا اللقاء سيجرى باشتراك ممثلي روسيا وفرنسا الرئيسين المشاركين في مجموعة مينسك والولايات المتحدة الامريكية. والآن من المخطط ان ازورها. اتمنى ان نخطو خطوات تجاه الامام هناك، نحل السلام بين ارمينيا واذربيجان وأن تتحرر اراضينا المحتلة وهذا هدفنا الرئيسي.
اقول هذا لكم كمعلومات فقط. لكن في نفس الوقت اريد القول ان هذه المسألة تمحورت محادثاتنا مع رئيس الجمهورية المحترم. لاننا كنا مع تركيا دائما. كذلك الآن يلزم كثيرا التشاور مع تركيا وتبادل الآراء مع رئيس الدولة ورؤساء الحكومات من جديد في هذه المرحلة من تسوية القضية.
لا اريد الحديث عن الزيارة كلها. لكني ابلغكم هذا لتصورا مدى اهمية لقاءاتنا هذه وزيارتي الرسمية لتركيا بالنسبة لاذربيجان.
تحدثنا عن المسائل الاخرى ايضا. مثلا عن خط انابيب النفط باكو-جيهان، اعلم ان هذه مسالة تهم الجميع في تركيا، حددنا ان كل شيء جاهز فيه. تم اعداد البرنامج. يجري العمل على هذا البرنامج. سيمد خط انابيب باكو جيهان. سينقل النفط الاذربيجاني الى تركيا وسيتم توصيله الى البحر المتوسط الابيض من هنا.
كما تعلمون ان اذربيجان تملك احتياطات كبيرة من الغاز. في الاوقات الاخيرة نتفاوض لبيعه لتركيا. تم التوقيع على اتفاقات هنا حول بيع الغاز الطبيعي الاذربيجاني الى تركيا نتيجة هذه المحادثات والاجتماعات. تطرقت الى مسائل مهمة اخرى. لذلك انا ممتن جدا من زيارتي هذه.
ان النقطة الاخرى بل الاهم من زيارتي هذه هو حضوري جامعة انقرة واحترام هذه الجامعة لي وتقديم اسم الدكتور الفخري لهذه الجامعة لي. اشعر بمشاعر الافتخار من هذا. واعتز كثيرا وابدي شكري الصميمي لسيناتورات جامعة انقرة ورئيسها وجميع الذين اصدروا هذا القرار. شكرا جزيلا لكم.
جامعة اتقرة من اكبر واشهر جامعات تركيا. كنت اعلم سابقا تاريخ جامعة انقرة، لكني تعرفت عليه مرة اخرى عندما بلغوني عن منح اسم الدكتور الفخري لي في هذه الجامعة. هذا سرني كثيرا. لان اكبر مفخرة جامعة انقرة، الى جانب كل انجازاتها الاخرى، هو كونها من الجامعات التي انشئت في تركيا بقرار مصطفى كمال اتاترك العظيم.
ثانيا، تحقق جامعة انقرة وصايا اتاترك العظيم. لانني أقرأ الكلمات المكتوبة فيها "المرشد الحقيقي في الحياة هو العلم". ان كلمات مصطفى كمال اتاترك وصية لجميع الجامعات ورجال العلم، من جملتهم جامعة انقرة في تركيا. اي هذا طريق يجب السير فيه. وجامعة انقرة تسير في هذا الطريق.
ان العلاقات بين جامعة انقرة واذربيجان تسرني كثيرا. لان رئيس الجامعة قال ان ١٥٠ طالبا اذربيجانيا يدرس فيها وأن ٧ اساتذة يدرسون فيها. وهذا مهم جدا.
اقامت جامعة انقرة علاقات في مجال العلم والتعليم مع جامعات اذربيجان. منها جامعة باكو الحكومية، انشئت جامعة باكو الحكومية (سنها ٨١ سنة)- عام ١٩١٩ وهي مركز التعليم الكبير. ثم ، كما قلتم، جامعة ناختشفان وجامعة لنكران، وأكاديمية العلوم.
اكاديمية العلوم الاذربيجانية مركز علمي كبير. كما تعلمون ان هذا كيان انشأها الاتحاد السوفييتي حينذاك. اي لم تكون مثل هذه المراكز موجودة في الدول كذلك في تركيا ولا توجد حاليا. هذا عادة موروثة من الامبراطورية الروسية القديمة. لكن اكاديمية العلوم كانت اعلى مركز علمي في الاتحاد السوفييتي. نعلم كل سمات ايجابية وسلبية للاتحاد السوفييتي، سلبياته اكثر من ايجابياته. لكنه انجز أعمالا كثيرة في مجال العلم. على سبيل المثال، تطوير اكاديمية العلوم الموجودة منذ الاوقات السابقة وإنشاء اكاديمية العلوم في كل من ١٥ جمهورية تابعة للاتحاد السوفييتي ومنها اذربيجان. تأسست اكاديمية العلوم الاذربيجانية عام ١٩٤٥ وانجزت اعمالا كثيرة. صحيح، لها مشاكلها في المرحلة الانتقالية. لكننا سنعالج كل هذه المشاكل. انا ممتن جدا بان جامعة انقرة تقيم علاقات مع اكاديمية العلوم الاذربيجانية. لان اكاديمية العلوم الاذربيجانية لا تعني بالتعليم. تعني بالدراسات العلمية. لذا فإن هذه العلاقات مهمة جدا.
يجري علماء العلم والمراكز العلمية والجامعات في اذربيجان دراسات وابحاث عن تركيا والعالمي التركي. هذه من جهة. بمبادرتي انا انشئ في اذربيجان مركز لدراسة وبحث تراث اتاترك العظيم. سيكون هذا المركز منظمة مستقلة. سيجتمع هنا فطاحل العلماء في هذا المجال من كل الجامعات لبلدنا ومن اكاديمية العلوم. وانا بكوني رئيس اذربيجان رئيس فخري لهذا المركز. أظن ان هذا المركز سيدرس مدى كثافة العلاقات التاريخية بين اذربيجان وتركيا علميا. وهذا سيتيح امكانيات اخرى للتعاون الواسع.
انا ممتن جدا لان جامعتكم تتعاون مع اكاديمية العلوم الاذربيجانية. لذلك اتمنى ان تقوم جامعة انقرة بالدراسات والابحاث في مجال تراث اتاترك وتاريخ الشعوب التركية ووحدتها التاريخية بالتعاون مع المركز الذي أترأسه.
كما تعلمون، الاصدقاء الكرام، حصلت على كثير من الجوائز طول حياتي. اعطيت معلومات موجزة عن حياتي هنا، على كل حال، قمت باعمال كثيرة في حياتي وواجهت كثيرا من المشاكل. لكني حصلت على الجوائز الكثيرة للاتحاد السوفييتي وكذلك عدد كثير من البلدان. اعلى جائزة لي من بين هذه الجوائز هو جائزة اتاترك الدولية للسلام، المقدمة من قبل تركيا عام ١٩٩٩. اعتبر هذا شرفا كبيرا لي وسيفتخر به حتى نهاية عمري.
قدمت الجامعات ايضا لي مثل هذه الاسامي الفخرية. مثلا، ان جامعة موسكو الحكومية التي انشئت قبل هذا بـ٢٥٠ سنة، قدمت لي قبل هذا بـ٣ اشهر، ما كنت اعلم هذا، اسم الدكتور الفخري لها. دعتني الى موسكو للتقديم. ان لا استطيع الزيارة فسيزورون اذربيجان لتقديمها.
عندما كنت النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء للاتحاد السوفييتي كنت اعني بشئون العلم والتعليم. كانت تعلم حينذاك في الاتحاد السوفييتي اكثر من ٨٠٠ جامعة واكاديمية العلوم والخ. كنت في اتصال وثيق معها. لكنها لم تعط هذه الاسامي حينذاك. لان مثل هذه الأمور كانت محظورة عند الاتحاد السوفييتي. لكني رئيس دولة مستقلة –اذربيجان الآن وقدمت جامعة موسكو الحكومية التي انشئت قبل هذا بـ٢٥٠ سنة لي اسم الدكتور الفخري.
حصلت على هذا الاسم من بعض الجامعات في تركيا ايضا. لكن اسم دكتور الشرف لجامعة انقرة ، تلك التي انشئت بقرار اتاترك العظيم وتطورت الى هذا المستوى واعدت مثل هذا العدد من الكوادر، عال بالنسبة لي. ولان كثيرا من رجالات الدولة هم خريجو هذه الجامعة – نواب البرلمان والوزراء. كذلك درس فيها صديقي واخي العزيز احمد نيجدات سيزر رئيس الجمهورية العاشر الحالي لتركيا. نتيجة المعارف والعلوم التي حصل عليها في جامعتكم اصبح رئيس الجمهورية التركية اليوم.
لذلك فإني ممتن جدا من حضوري هنا مع رئيس الجمهورية المحترم. صديقي العزيز اهنئك بمناسبة ان الجامعة التي درست فيها في مثل هذا المستوى العالي. أظن انك ستساعد بوصفك رئيس الجمهورية هذه الجامعة التي درست فيها مساعدة كثيرة.
الاصدقاء الاعزاء، اشكركم مجددا. اؤكدكم على اني سأحمل اسم الدكتور الفخري لجامعة انقرة بشرف. وهذا يضع على عاتقي مهمات كبيرة. وهي ضرورة تحقيق كثير من الاعمال لتطوير العلاقات في مجال التعليم والعلم بين تركيا واذربيجان. اؤكدكم على اني سأحقق هذا. سأكون ممتنا من رؤيتكم في اذربيجان.
اشكركم. أتمنى الجامعة وجميعكم – الاساتذة والطلاب الصحة والسعادة والنجاحات الجديدة. مع السلامة.
جريدة "اذربيجان"، ٢٧ مارس عام ٢٠٠١.